TODAY - October 01, 2010
فراغ سياسي غير مسبوق في عراق بلا حكومة
سجّل العراق رقما قياسيّا كبلد عجز عن تشكيل حكومة بعد 208 أيام من الانتخابات.

أ. ف. ب
يستعد العراق لتسجيل رقم قياسي لبلد عجز عن تشكيل حكومة بعد قرابة سبعة اشهر على الانتخابات التشريعية وسط مخاوف من تردي الاوضاع الامنية فيه.
فقبل 208 ايام وتحديدا في السابع من اذار/مارس الماضي، توجه الناخبون العراقيون لاختيار ممثليهم في مجلس النواب. لكن قائمتين تصدرتا النتائج بفارق بسيط لا يسمح لاي منها بتشكيل الحكومة منفردا.
ووفقا لاستاذ العلوم السياسية كريستوفر اندرسون رئيس معهد الدراسات الاوروبية في جامعة كورنيل، فان الازمة السياسية التي يعيشها العراق مشابهة لتلك التي عاشتها هولندا عام 1977.
لكن الاسوأ هو عدم ظهور اي بوادر للتوصل الى اتفاق بين الكيانات السياسية على تشكيل الحكومة، الامر الذي سيؤدي الى تحطيم "الرقم القياسي" الهولندي.
واعلنت كتلة اياد علاوي الفائز باكبر عدد من المقاعد، انها لن تتعامل مع اي حكومة يرأسها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.
ويسعى المالكي الى تشكيل اكبر ائتلاف مع المجموعة ثالثة في البرلمان، في محاولة للتغلب على علاوي.
واوقف الجمود الذي تزامن مع ازياد نشاط المسلحين الذين يحاولون على ما يبدو الاستفادة من الفراغ السياسي، التقدم في اعادة بناء البلد وادى الى تراجع في اعداد اللاجئين العائدين إلى الوطن.
وقال حيدر ابراهيم بحزن بينما كان جالسا في الردهة الرئيسية للبرلمان حيث لافتة كبيرة ترحب بالنواب الجديد "اشعر احيانا بالندم على التصويت".
واضاف العامل في صيانة المصاعد في البرلمان "منذ البداية (بعد الانتخابات)، كانت هناك دائما خلافات بين الكتل السياسية، المطالبة باعادة الفرز والتأخير في النتائج".
وتساءل "كيف يمكن ان يكون لدي امل بعد كل هذه الأشياء؟".
وتابع ابراهيم (25 عاما) انه يرى في كثير من الاحيان حفنة من النواب كل يوم لكنهم جزء صغير من النواب البالغ عددهم 325.
وردد نقيب في الجيش (28 عاما) ما ذكره ابراهيم عن "نشاط مستمر هنا" قبل الانتخابات. واضاف الضابط في فريق الامن رافضا كشف اسمه "لكن هذا لم يدم طويلا لان النشاط بدأ يتراجع مباشرة بعد الانتخابات".
وقال "ما يزال لدي امل في ان الحكومة ستتشكل قريبا".
ويجلس في غرفة اجتماعات لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان النائب الكردي محمود عثمان الذي قال انه يأتي للعمل في كل يوم تقريبا "لكن لا اعرف ما يجب القيام به".
واضاف النائب البارز عن التحالف الكردستاني "نحن منشغلون. انه امر محزن ان تأتي الى هنا ولا تشاهد احدا، ليس لدينا اجتماعات فنحن في إجازة قسرية".
وتابع ان كل ملامة موجهة للنواب من قبل الناخبين "مبررة"، مشيرا الى ان ايمان العراقيين في الديموقراطية "اهتز كثيرا".
وقال عثمان "انهم يعتقدون انه اذا كان هذا هو النظام البرلماني، فما النفع منه؟ الآن لا يوجد رئيس في العراق فالبرلمان هو اعلى سلطة لكنه ليس موجودا. لقد خابت آمال الناس، لكن لديهم الحق".
وقال ضابط اميركي رفيع المستوى ان الفراغ السياسي يثير مخاوف لدى المواطنين العاديين من اعطاء معلومات استخباراتية عن المسلحين تشتد الحاجة اليها،.
واضاف الجنرال رالف بيكر قائد القوات الاميركية في بغداد انه من غير المرجح انخفاض المستوى الحالي للعنف في العراق قبل تشكيل حكومة جديدة.
وتابع "كلما تأخر تشكيل الحكومة، كلما تراجع مستوى الثقة في اوساط المواطنين" .
وقال ان هناك علاقة بين ثقة الشعب في الحكومة وقوات الامن واستعدادهم لتبادل المعلومات بشأن المسلحين في المجتمعات المحلية.
واضاف "بالامكان القول ان مستوى الثقة لم يبلغ درجة تقديمهم الدعم للجماعات المتمردة. انهم في الوسط بين الطرفين وعندما يفعلون ذلك فالميل الى المشاركة في المعلومات التي تحتاجها قوات الامن لتبقى فعالة يتراجع نوعا ما".
وتابع بيكر انه يتوقع "استمرار" المستوى الحالي للعنف، معبرا عن اعتقاده انه بمجرد تشكيل الحكومة "سنرى مستوى العنف الذي شهدناه طوال الشهرين الماضيين يعود الى الانخفاض".
وقال "لهذا نرغب في رؤية حكومة تشكلت في اقرب وقت ممكن".
الى ذلك، قال مسؤولون في الامم المتحدة الاربعاء ان اعداد اللاجئين العائدين الى ديارهم تراجعت بشكل ملحوظ في الاشهر الاخيرة بسبب عدم تشكيل حكومة منذ انتخابات آذار/مارس الماضي.
وكان متوسط العائدين شهريا من اللاجئين خارج البلاد والنازحين داخليا ما بين 15 وعشرين الفا طوال 18 شهرا قبل الانتخابات، لكن هذا الرقم انخفض الى حوالى عشرة الاف منذ ذلك الحين.
من جهته، اوضح دانيال اندريس مسؤول العراق لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، ان 45 في المئة من العائدين الى العراق قالوا لدى سؤالهم من قبل موظفي الامم المتحدة على الحدود السورية والاردنية انهم لا يريدون العودة نهائيا بسبب الشكوك التي تحيط بالاوضاع السياسية.
elaph