TODAY - October 06, 2010
صيادو الفاو يغيرون مهنتهم.. ويشكون من «اعتداءات» دول الجوار
رئيس جمعية الصيادين لـ«الشرق الأوسط»: أغلب رحلاتهم تعود بصيد من نوع آخر.. هو سيل من الإهانات والضرب

البصرة: فارس الشريفي
عند الفجر ومع سماع صوت المنادي للصلاة، اعتاد أبو عبد الله، صياد سمك في منطقة الفاو، أقصى جنوب العراق المطلة على الخليج، الخروج صباح كل يوم بحثا عن الرزق لسد رمق أبنائه الستة، ولكنه لم يعد يجد من يعاونه في هذه المهنة، فمساعده فضل التطوع في صفوف الجيش العراقي لضمان راتب شهري بعيدا عن المضايقات التي يتعرض لها الصيادون يوميا.

ويشاهد من يذهب إلى مرسى الزوار في مدينة الفاو، إطلالة العراق الوحيدة على الخليج، كثرة السفن الراسية على الشاطئ لكن من دون عاملين، وتصبح عندها الأغنية التراثية العراقية الشهيرة «يا صياد السمك صيد لي بنية (أحد أفخر أنواع السمك العراقي)» لا معنى لها؛ إذ يشكو الصيادون من المضايقات في المياه الإقليمية والاعتداء عليهم من قبل قوات البحرية لدول الجوار العراقي أو من قلة المردود المالي من تلك المهنة. ويبين عقيل عبد الرسول، رئيس جمعية الصيادين، أن المضايقات للصيادين ما زالت مستمرة من القوات البحرية لدول الجوار، ويوضح قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «أغلب رحلات الصيادين تعود بصيد من نوع آخر، هو كم كبير من الإهانات والضرب من قبل دوريات دول الجوار»، وتابع أن «عدد المنتسبين إلى جمعيتنا بدأ يقل تدريجيا بسبب تلك المضايقات». من جانبه، قال قائمقام الفاو، وليد الشريفي، إنه «بسبب الاعتداءات المتكررة على الصيادين وجدنا أن أعدادهم بدأت تقل يوما بعد يوم بشكل مخيف»، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعد عام 2003 وحتى الآن، فإن الاعتداءات الكويتية والإيرانية مستمرة في حق الصيادين العراقيين»، مبينا أن «أهالي الفاو ما زالوا يطلقون أصواتهم طلبا للاستغاثة، ونداؤهم وصل للحكومتين المحلية والمركزية، وننتظر ترسيم الحدود البحرية التي قد تعيد إلى المدينة هيبتها وهويتها التاريخية من خلال عودة أصحاب مهنة الصيد إلى عملهم». وكان عدد الصيادين بعد الحرب العراقية الإيرانية في مدينة الفاو قد بلغ أكثر من 30 ألفا و2000 زورق، أما في الوقت الحالي فقد تضاءل العدد ليصل إلى أقل من 8 آلاف صياد و300 زورق، بحسب آخر الإحصاءات لجمعية الصيادين في مدينة الفاو. ويقول أحمد حسن، صاحب زورق لصيد الأسماك، إن «أهم أسباب تراجع حركة الصيد في الفاو هو المضايقات التي يتعرض لها الصيادين من قبل الإيرانيين والكويتيين»، مبينا أن «هناك مناطق ذات كثافة في الثروة السمكية كنا نقوم بالصيد فيها مثل خور عبد الله وشط العرب لكن المضايقات تمنعنا الآن في الوصول إليها وممارسة مهنتنا».
ومن بين الحرف المرتبطة بمهنة صيد الأسماك صناعة الشباك المستخدمة في تلك المهنة يدويا التي كانت تلاقي رواجا في البصرة حتى وقت قريب، لكنها بدأت في الانحسار مؤخرا لعدة أسباب أهمها قلة المردود المالي من جراء صناعتها بحسب محمد التميمي، صاحب محل لبيع مواد صيد الأسماك في سوق الحبال وسط البصرة، ويضيف قائلا إن «أغلب الصناع الحرفيين في مهنة حياكة الشباك تركوا عملهم بحثا عن الرزق في أعمال أخرى»، مبينا أن «ضعف الإقبال على شراء الشباك المصنوعة يدويا لقلة أعداد الصيادين أو استخدام الشباك المستوردة جعل المهنة تهدد بالانقراض».
يذكر أن مدينة البصرة كانت تعرف سابقا بكثرة أنواع السمك الطازج في أسواقها، أما السائر الآن فيها فيشاهد وبكثرة أنواعا متعددة من الأسماك المجمدة المستوردة من دول أخرى.
«الشرق الأوسط»