TODAY - October 06, 2010
قالوا ان المجلس الاعلى ليس مهما عدديا.. لكنه ركن شيعي لا يمكن تخطيه
محللون: إعراض الحكيم عن المالكي هزيمة استراتيجية لايران.. وطهران تواصل الضغط

غاي سولومون
فيما يتشاحن السياسيون العراقيون كلاميا للشهر السابع حول تشكيل الحكومة، فان مصيبة جديدة غير متوقعة راحت تطفو على السطح تلك هي التأثير الايراني على المجموعات الشيعية المتشظية.
وقبل إنتخابات آذار (مارس) البرلمانية غير الحاسمة حاولت إيران دفع زعماء العراق الشيعة للتجمع تحت مظلة تحالف واحدة للحفاظ على الاغلبية في البرلمان مثلما فعلوا في الإنتخابات السابقة عام 2005، حسبما يقول عدة سياسيين عراقيين.
وبعد فشل هذا التوجه، حثت ايران الشيعة بعد الانتخابات على توحيد صفوفهم ثانية في ائتلاف واحد لدعم رئيس الوزراء نوري المالكي، الشيعي المحافظ.
وبدا ان ايران تمكنت من احراز نصر كبير الجمعة الماضية عندما غيَّر مقتدى الصدر المقيم في ايران اتجاهه وطلب من نواب حركته تأييد المالكي، ما اعطى رئيس الوزراء المنتهية ولايته قصب السبق في تشكيل حكومة جديدة.
وعلى اية حال، فان هذا التحرك تسبب في ردة فعل معاكسة من شيعة بارزين آخرين، منهم عمار الحكيم رئيس المجلس الاسلامي الاعلى في العراق الذي يُنظرْ اليه تقليديا بكونه اقرب من الصدر الى مدار ايران السياسي.
وبعد اعلان مقتدى الصدر، قام الحكيم، الذي ينحدر من سلالة دينية وسياسية تثقفت في ايران، بارسال ممثليه للاجتماع مع اياد علاوي منافس المالكي. وقد اتهم علاوي ايران في الاسبوع الماضي بالعمل على سد الطريق امام فرصة توليه منصب رئاسة الوزراء.
واجتمع السيد الحكيم ومعاونوه مع المسؤولين الأمريكان أيضا، الذي كانوا يدفعون بشكل هادئ لتشكيل حكومة وحدة بين علاوي والمالكي بهدف تخفيف تأثير الراديكاليين مثل السيد مقتدى الصدر.
ولكون كتلة الحكيم حصلت على مقاعد اقل من كتلة الصدر، فان عدم تأييدها للمالكي لن يكون مهما من الناحية العددية. لكن الحكيم يُعتَبرْ ركنا مهما من اركان القيادة الشيعية التقليدية في العراق. ولذلك فان الاكراد، الشركاء الاخرين الذين يحتاجهم المالكي بشكل اساسي، يصرون على تمثيل الحكيم في الحكومة القادمة.
ووفقا لما ذكره عدة سياسيين، فان هناك محادثات جارية لتشكيل تحالف محتمل بين علاوي والحكيم وآخرين لاستمالة الاكراد الذي يبدو انهم اصبحوا صناع الملوك. وقد ربح المالكي 89 مقعدا مقتربا من الفائز الاول علاوي الذي حصل على 91 مقعدا، لكنه مع مقاعد الصدر الاربعين والتأييد الاولي من قبل مجموعة صغيرة من النواب الشيعة فانه سيظل بحاجة لثلاثين مقعدا للحصول على الاغلبية البرلمانية.
وكلا الجانبين يتودد للاكراد الذين يسيطرون على 57 مقعدا. لكن هذا التودد قد يحدده ضعف أو قوة التأثير الايراني. والدعم الكردي مرتبط بقيام بغداد بتقديم تنازلات رئيسية فيما يتعلق بالنفط والمناطق المتنازع عليها لصالح اقليم كردستان الذي تديره حكومة كردستان الاقليمية. وظاهريا فان تحالف المالكي مع الصدر يمثل نكسة لمصالح واشنطن في العراق. ويدفع المسؤولون الاميركيون باتجاه عدم حصول رجل الدين، الذي شكل جيش المهدي بقيادته تهديدا فعالا للقوات الاميركية بعد الاحتلال في عام 2003، على تأثير اكثر من اللازم في الحكومة المقبلة.
وقلل الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية بي. جي . كراولي الجمعة الماضية من أهمية تأييد الصدر للمالكي قائلا "ان هناك حاجة لحوار اكثر بين الاطراف الرئيسية لكي تتشكل حكومة الشراكة". ويرى المحللون ان ارتداد الحكيم عن المالكي يُعتَبر امرا هاما كذلك، اذ يُعَد هزيمة استراتيجية لايران. ووفقا لما قاله مسؤول عراقي كبير فان الحكيم وحلفاءه واقعين تحت ضغط ايراني كبير لاعادة النظر بموقفهم.
ومنذ أن أسقطت الولايات المتحدة صدام، والعديد من المكونات العراقية - طائفية وعرقية- المدعومة الى حد ما من لاعبين اجانب تتدافع للوصول للسلطة. وقد هددت إراقة الدماء الشيعية والسنية بقذف البلاد في حرب أهلية كاملة قبل سنوات قليلة، وهو الامر الذي ادى الى مقارنة ما يجري في العراق مع ما جرى في لبنان حيث تقاتلت الطوائف التي ترعاها قوى اجنبية لسنوات. وفي لبنان، نجحت إيران في توحيد الشيعة وراء حزب الله، المجموعة الإسلامية المقاتلة التي تدعمها سوريا.
وفي العراق وحتى الان تخفق طهران في جعل الفئات الشيعية المختلفة تعمل سوية. ويقول الباحث العراقي فالح جبار المقيم في بيروت "العراق لَيس لبنان".
وفي مقابلة الأسبوع الماضي، أقر سفير إيران في العراق برغبة طهران في رؤية الشيعة متحدين حول مرشحِ واحد، لكنه أنكر تفضيل المالكي. وقال حسن دانائي في مكتبه في بغداد "ننصح أصدقاءنا دائما بضرورة وضع خلافاتهم جانباً. ولحسن الحظ لدينا اتصالات وروابط مع كل المجموعات السياسية في العراق، بدءاُ من الشمال وانتهاء بالجنوب".
ومازالت القيادات الشيعية السياسية العراقية تنوء باعباء سنوات من العداوة والمنافسة ترقى للفترة التي قضاها الساسة كاشخاص فرادى في المنفى. وقد عزل المالكي العديد من حلفائه الشيعة السابقين من الذين قالوا ان أسلوبه استبدادي. وقال المالكي في مقابلة مع التلفزيون المملوك للدولة في عطلة نهاية الاسبوع بأنه بحاجة لممارسة قيادة قوية لابقاء البلاد متماسكة وليكافح الإرهاب والتمرد.
وقال أحد كبار نواب لائحة الحكيم ان الايرانيين يعملون بقوة لجعل قضية المالكي مُحكَمة. لكنه لايزال غير مقتنع بان يكون المالكي المرشح المناسب للشيعة.
وقال في مقابلة "ان فترة ثانية للمالكي لن تكون الحل بل ستكون ازمة". واضاف "ان الايرانيين ليس بمقدورهم تغيير رأينا بالمالكي، وهذا دليل على ان القرارَ الشيعي عراقي صرف".
ويدفع الرئيس العراقي جلال طالباني، الزعيم الكردي ذو الروابط الأقوى مع إيران، بشدة لتأييد المالكي. لكن الكلمة الأخيرة تعود إلى رئيس اقليم كردستان، مسعود برزاني، الذي حصل حزبه على أغلبية المقاعد الكردية.
وكانت علاقات برزاني مع إيران ومع المالكي تتسم بالصعوبة في الماضي. ووفقا لبيان اصدره مكتب برزاني فانه اخبر نائب الرئيس الأمريكيِ جوزف بايدن هاتفيا الاحد ان الاكراد لايزالون "يقيمون الوضع والتطورات" وانهم سينضمون فقط لحكومة "مبنية على الشراكة الحقيقية".

عن وول ستريت جورنال