TODAY - 13 October, 2010
خبراء يتحدثون عن نموذج «الخدمات المباشرة» رغم خوف بعضهم من تضرر الفقراء
عمالقة النفط لا يكتفون بتطوير الحقول ويتحدثون عن أبراج تجارية ومشاريع إسكان

بغداد – ملاك الزيدي
قال خبراء ورجال اعمال، ان المشاريع التي تنفذها الشركات الاجنبية النفطية العاملة في العراق، خارج مجال الحقل النفطي، تمثل فرصا استثمارية واعدة، يمكن ان تكون بديلا للشركات التي لم تحضر الى العراق بعد.
وكان المستشار الاقتصادي لمحافظة البصرة صادق الصافي قال أمس الثلاثاء، إن "شركة سايبيم التابعة لشركة النفط الوطنية الايطالية eni التقت بمحافظ البصرة وعدد من المسؤولين للتباحث حول مشروع انشاء برج تجاري في المدينة"، مبينا أن الشركة "اعلنت عن رغبتها في تنفيذ مشاريع استثمارية اخرى بمحافظة البصرة من ضمنها استثمار موقع بوكا". وتعليقا على ذلك قال رئيس اتحاد رجال الاعمال في البصرة صبيح الهاشمي، ان "الفترة الماضية شهدت عقد لقاء مع ممثل احدى الشركات النفطية الامريكية حضره مجموعة من رجال الاعمال البصريين والمسؤولين في الحكومة المحلية وكان بمثابة جس نبض من هذه الشركة لمعرفة احتياجات الشعب البصري". واضاف الهاشمي في تصريح لـ"العالم" ان "رجال الاعمال في البصرة طرحوا خلال اللقاء وجهة نظرهم القائمة على ضرورة ترسيخ مبدأ الشراكة بين الجانبين". واوضح ان "الشراكة بين العراقيين والغربيين ستوفرعددا غير محدود من فرص العمل لابناء البصرة".
ويرى ان بامكان الشركات الاجنبية العملاقة العاملة في مجال النفط تنفيذ مشاريع وتقديمها على سبيل الهدية لابناء البصرة تحت لافتة "الخدمة المباشرة"، وهو مبدأ معمول به في مختلف الدول النفطية. وكشف ان "الشركات النفطية اعلنت رغبتها في تنفيذ مشاريع البنى التحتية للمحافظة كالمجمعات السكنية او تعبيد الطرقات او بناء مدينة العاب عملاقة او تحديث الانظمة المرورية في تقاطعات المدن".
ويقول الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان ان "تعثر عملية استقدام الشركات الاستثمارية في القطاعات غير النفطية فسح المجال أمام الشركات النفطية لخلق استثمارات بعيدة عن اختصاصها وهذا مثبت في اغلب عقود النفط التي ابرمت والتي تمنح المستثمر النفطي الاولوية في الاستثمار في قطاعات اخرى". واضاف ان "القطاع النفطي قطاع مغر للاستثمار ويختلف عن باقي القطاعات لوجود حاجة دائمة وتسابق على الاستثمار في هذا المجال، لكن هذا لا يعني بالضرورة ان باقي القطاعات ستسير بنفس السرعة التي يسير بها قطاع الاستثمار النفطي". وتابع ان "المستثمرين في القطاعات غير النفطية لم ياتوا الى العراق بسبب عدم وجود بيئة استثمارية واضحة وارتباط الاستثمار بدوائر ومؤسسات متعددة اضافة الى ضعف الوعي والثقافة والاخلاق الاستثمارية في العراق".
ويرى انطوان ان "الازمة المالية التي عصفت بالعالم لم تؤثر على العراق، ما اسهم في توجيه انظار المستثمرين اليه بسبب تعقد فرص الاستثمار في باقي انحاء العالم فضلا عن جدوى الاستثمار في العراق خصوصا في قطاع السكن". وزاد ان "العراق يعاني من ازمة سكن خانقة والبنى التحتية متهالكة وقطاع الكهرباء بحاجة الى 10 الاف ميغاواط، فضلا عن قطاعات النقل والمواصلات وقطاع السياحة، كما ان بغداد بحاجة الى نحو 25 فندقا لوحدها".
لكن عبد الجبار الحلفي رئيس قسم الدراسات الاقتصادية في مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية يقول ان "الاعلان عن بناء برج في البصرة ليس بالامر الجديد فمجلس المحافظة السابق كان اعلن قبل اربع سنوات عن نيته بناء برج كبير وسط المدينة يضم البورصة الرئيسية في المحافظة ويكون مركزا تجاريا رئيسيا وفندقا سياحيا ومكاتب تجارية".
واضاف "انا لا اتصور ان البصرة بحاجة الى برج اكثر بقدر حاجتها الى تنمية حقيقية يستفيد منها المواطن البصري"، متسائلا "ماذا سيستفيد فقراء البصرة من هذا البرج؟، وبماذا ستنفع بورصة كبيرة بدون وجود شركات كبيرة تطرح اسهمها للتداول؟". ويقول الحلفي ان "من الممكن ان تتنافس الشركات النفطية العملاقة على استثمارات ثانوية بعيدا عن النفط ولكن من الافضل لهذه الشركات ان تتجه لتاهيل مصانع البتروكيمياويات شبه المتوقفة ومصانع تحويل الغاز الطبيعي، ولا سيما ان شركة ايني الايطالية تستثمر في هذا القطاع في قطر". ويمضي الحلفي في طرح تساؤلاته بالقول "لماذا لا تستثمر شركة ايني في قطاع الدواجن كما تفعل في رواندا على سبيل المثال"، موضحا ان "بامكان هذه الشركات البدء بانشاء عشرات المشاريع المفيدة وقدمنا دراسات علمية للحكومة المحلية حول كيفية استغلال الموارد المتأتية من هذه الشركات ولكن المحافظة اتجهت الى مشاريع كمالية ولم تتجه الى مشاريع استراتيجية".
وتأتي هذه التطورات، في ظل "حالة التحول" التي تشهدها البصرة، من كونها مدينة اضطرابات، الى موقع استثماري يزخر بالفرص. وقالت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير لها نشرته أمس الثلاثاء ان "العنف في مدينة البصرة في طريقه إلى الانحسار، ليحل محله المحال التجارية، والسيارات، بالإضافة الى الحدائق الترفيهيه العامة". ويقول التقرير انه "على مدى السنوات الخمس الماضية، عانت هذه المدينة من ضعف الخدمات، ونشاط الميليشيات، ما دفع بسكانها الى البقاء في منازلهم". ويتابع انه "قبل ثلاثة أسابيع، اعيد افتتاح احد معالم المدينة الأكثر تميزا، وهو فندق الشيراتون العملاق الذي عانى الإهمال والدمار منذ العام 2003 ".
alalem