TODAY - 14 October, 2010
سياسي كردي: اطراف تخشى الارقام الحقيقية تريد تأخير التعداد
التهديدات والتوترات العرقية تتصاعد في كركوك بعد تأجيل الإحصاء السكاني

كركوك – مصطفى محمود
انتقل أبو محمود وهو عربي إلى مدينة كركوك النفطية قبل أربع سنوات هربا من تصاعد العنف في محافظة ديالى المجاورة. ويقول إن الأكراد أمروه حديثا بالخروج من المدينة.
وقال أبو محمود الذي طلب الاكتفاء بكنيته وعدم نشر اسمه الحقيقي "كانوا مسلحين يرتدون الزي المدني ويستقلون سيارتين جاؤا ليلا وقالوا أمامك ثمانية وأربعين ساعة لتغادر كركوك وإلا فلن تلوم إلا نفسك".
وعادت المعارك والتوترات بين العرب والأكراد للظهور في كركوك الغنية بالنفط مع تأجيل الحكومة المركزية العراقية لإحصاء لعدد السكان في البلاد كان من المفترض أن يساعد في حل نزاعات طويلة الأمد في مناطق مضطربة من شمال العراق.
ويعتبر المسؤولون بالجيش الأمريكي التوترات بين العرب والأكراد مصدر صراع مستقبلي محتمل في العراق الذي مازال يعاني من جراح عميقة خلفها صراع طائفي أطلقه الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
وتقول بعض الأسر العربية إنها تتلقى أوامر بالمغادرة قبل الإحصاء الذي سيكون أول إحصاء كامل لعدد سكان العراق في أكثر من 20 عاما. وتلقى المسؤولية في التهديدات بصورة مبهمة على جماعات كردية مسلحة.
والإحصاء حاسم لمستقبل الأراضي المتنازع عليها في العراق التي تريد بغداد الابقاء عليها ويريد الأكراد ضمها إلى جيبهم الشمالي المتمتع بالحكم الذاتي. ومحور الصراع هو كركوك المضطربة التي تضم مزيجا سكانيا من العرب والأكراد والتركمان وغيرهم. ويقول مسؤولون أمريكيون إن أراضي المحافظة ربما تضم نسبة أربعة بالمئة من احتياطيات النفط العالمية.
وقال راكان العبيدي نائب محافظ كركوك وهو عربي "هناك عشرات الشكاوى التي وصلتنا من قبل مواطنين عرب قالوا ان هناك مسلحين يرتدون الزي المدني ويستقلون عددا من السيارات داهموا منازلهم وطالبوهم بالرحيل عن المدينة خلال 48 ساعة او يتعرضون إلى أمور لا ترضيهم".
وأضاف "هناك مناطق عربية كاملة ألقيت بها منشورات موقعة باسم الشباب الثائر تطالب العرب بالرحيل عن كركوك".
وقال سكان محليون إنهم لم يسمعوا قط عن جماعة باسم الشباب الثائر أو جماعة أخرى تلقي المنشورات الموقعة باسم أبناء كركوك الأصليين. ومن المتوقع أن يحدد الإحصاء ما إذا كان الأكراد هم العرق السائد في ما قد يعزز مطالبهم بكركوك وثرواتها النفطية.
لكن بغداد أرجأت الاسبوع الماضي الإحصاء الذي كان مقررا يوم 24 تشرين الأول (أكتوبر) حتى يوم الخامس من كانون الأول (ديسمبر). وقالت الحكومة إنها ترغب في إعطاء محافظتي كركوك ونينوى فرصة لتسوية الخلافات.
وكان من المفترض إجراء استفتاء على وضع كركوك في موعد غايته كانون الاول (ديسمبر) 2007 لكنه أرجيء بعد أن اتهم العرب والتركمان الأكراد بالتدفق على المدينة مع أقاربهم. وكان الأكراد اتهموا صدام كذلك "بتعريب" المنطقة بتشجيع العرب على الانتقال لكركوك في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.
وجاء تجدد التوترات في شمال العراق وسط حالة من عدم التيقن السياسي بعد انتخابات آذار (مارس) الماضي التي لم تسفر عن فائز واضح.
والتأخر في تشكيل حكومة جديدة جعل من الأكراد ورقة الترجيح إذ يضغط مشرعوهم على رئيس الوزراء نوري المالكي لتلبية مطالبهم مقابل مساندتهم له.
ويقول بعض عرب كركوك ان التهديدات تأتي من جانب قوات الأمن الكردية.. من الجيش (البشمركة) او الشرطة (الاسايش).
وقال العبيدي "حسب ما قال الاشخاص الذين تعرضوا للتهديد فان الجهات التي نفذت هذه الامور هي قوات الاسايش الكردية". لكن العقيد سالار خالد المسؤول بقوات الأمن الكردية نفى هذه الاتهامات قائلا إنها لا اساس لها من الصحة. وقال "الأسايش مهمتها حماية الأمن في كركوك. مهمتنا هي ملاحقة الإرهابيين والجماعات المسلحة التي تزعزع الأمن في كركوك. إننا لا نجبر الناس على مغادرة كركوك".
ونفى ريبوار طالباني نائب رئيس مجلس محافظة كركوك وهو كردي كذلك تورط قوات الأمن.
وقال طالباني "الكل متفق على ان الذي حصل من تلقي العوائل العربية في كركوك تهديدات تطالبهم بالرحيل عن كركوك هي أياد خفية تحاول إثارة الفتن والمشاكل داخل المدينة بين مختلف القوميات".
وأضاف "تأجيل الاحصاء ليس من مصلحة الجميع. كل العراقيين سوف يتضررون من تأجيل الاحصاء .. لان الاحصاء سيؤدي إلى توفير قاعدة بيانات مهمة جدا للجميع وإنهاء المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المحافظة".
وأصدر الحزبان الكرديان الرئيسيان الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة رئيس الجمهورية جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود برزاني بيانا مشتركا الأسبوع الماضي ينتقد بغداد لتجاهلها حل الصراعات في كركوك.
وقالوا إن التأجيل المتكرر للإحصاء "يفتح الطريق أمام أعداء العراق للتغلغل ضد العراق الفيدرالي الديمقراطي".
وقال ريبوار طالباني ان الاطراف التي قد تلحق بها الخسارة "إن أجري التعداد وانكشف الواقع الحقيقي لمكونات كركوك هي التي تحاول عرقلة إجراء التعداد بمختلف الحجج".
alalem