TODAY - 17 October, 2010
الأكراد يلعبون مجددا دورا حاسما في اللعبة السياسية بالعراق
أميركا تأمل أن يمارسوا ثقلهم لضمان تشكيل حكومة تضم كل المكونات الكبيرة

بغداد: ليلى فاضل*
يظهر الأكراد مرة أخرى كقوة سياسية تلعب دورا حاسما في اللعبة السياسية المعقدة في العراق، بينما يسعى رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي للحصول على تأييد غالبية المشرعين من أجل البقاء في السلطة.
وحتى هذه اللحظة، يبدو أن الأكراد يميلون نحو تأييد المالكي، وهو شيعي، لكنهم لم يؤيدوه علنا كما أنهم يتفاوضون مع خصومه في محاولة منهم للاستفادة من قوتهم داخل البرلمان للحصول على مناصب حكومية رئيسية وعلى وعود بحل نزاعات بين الأكراد والعرب على أراض في الشمال.
لقد كان الأكراد منذ فترة طويلة حليفا قويا للولايات المتحدة في العراق. ويأمل مسؤولون أميركيون، لهم تأثير كبير على الأقلية العرقية المهمة، أن يستخدم الأكراد ثقلهم السياسي في الضغط من أجل تشكيل حكومة أوسع وأشمل تجمع بين التكتلات السياسية الأكبر داخل العراق. ويخشى مسؤولون أميركيون من أنه إذا تشكلت حكومة داخل العراق ينظر إليها على أنها لا تمثل مختلف المجموعات العرقية والدينية، فإن ذلك سيقوض المكاسب الأمنية ويضر بتعاملاتهم المستقبلية في الدولة.
ومنذ انتخابات غير حاسمة أجريت في 7 مارس (آذار) يعيش العراق في مأزق سياسي لأكثر من سبعة أشهر، لكن اتخذ المالكي خطوة مهمة في سعيه إلى أن يكون رئيس الوزراء المقبل هذا الشهر عندما كسب تأييد التيار الصدري، وهم أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المعارضون بشدة للوجود الأميركي هنا. ولا يزال المالكي في حاجة إلى المزيد من التأييد لتشكيل أغلبية بسيطة في البرلمان من شأنها أن تمكنه من تشكيل الحكومة المقبلة.
وقد قال آخرون من الائتلاف الشيعي الذي رشح المالكي إنهم لن يصوتوا لصالحه أو لحكومته خشية أن تؤدي أربع سنوات أخرى من حكم المالكي إلى تهميشهم سياسيا.
وبدلا من ذلك، تأمل هذه المجموعات الصغيرة من الشيعة الانضمام لأكبر خصم للمالكي، وهو الشيعي العلماني إياد علاوي الذي فازت كتلته السياسية بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان العراقي ولكن بأغلبية ضئيلة. ويعد علاوي مرشحا بديلا. ويحاول علاوي وحلفاؤه الحصول على التأييد الكردي ولكنهم حققوا نجاحا أقل خلال مسعاهم هذا. وقال مسؤول كردي بارز، شريطة عدم ذكر اسمه حتى يتمكن من التحدث بصراحة: «الأكراد هم العامل الحاسم الآن».
وقد اجتمع ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي مع الأكراد أكثر من مرة ووافق المالكي على بعض المطالب الكردية، وفقا لمسؤولين من كلتا المجموعتين. ولكن خلال سعيهم إلى استثمار أحد الأطراف ضد الآخر لفرض تنازلات، بدأت القيادات الكردية مفاوضات مع علاوي.
وأشار أعضاء في تكتل «العراقية»، الذي يتزعمه علاوي والمدعوم بدرجة كبيرة من السنة، إلى أنهم منفتحون إلى أن يذهب منصب رئيس الوزراء إلى عادل عبد المهدي من «المجلس الأعلى الإسلامي» العراقي‎، وهو شيعي ومفضل للأميركيين منذ وقت طويل. ووفقا لهذا السيناريو الذي يقوم على المشاركة في السلطة، فإن «العراقية» ستتخلى عن زعمها الحق في منصب رئيس الوزراء، وسيحصل علاوي على منصب فيدرالي آخر له سلطات مماثلة. ويفضل مسؤولون أميركيون حاليا حكومة يتزعمها عبد المهدي أو علاوي بعد أن شعروا بالقلق بسبب دعم الصدريين للمالكي وعلاقته غير الجيدة مع «العراقية».
ويقول المسؤول الكردي: «إذا وقع هذا الأمر، فستكون خطوط المعركة واضحة. سيكون لكل منهما العدد نفسه تقريبا، وسيحتاجون إلينا».
وربما يعطي قرار الأكراد، الذين حصلوا على 57 مقعدا من 325 مقعدا في البرلمان العراقي، بشأن الطرف الذي سيدعمونه دفعة لعملية تشكيل حكومة طالما لاحقتها اتهامات بالتزوير ونقاشات مستعرة بشأن من لديه الحق في تشكيل الحكومة. وفي معرض ذلك، ذهب سياسيون إلى دول مجاورة طلبا للدعم.
وقد لعب الأكراد دورا حاسما من قبل. وفي 2006 سمح دعمهم البرلماني للائتلاف الشيعي ومرشحه المالكي بأن يحوز على السلطة. وفي الوقت الحالي، وكما يقول مسؤولون أكراد، فإنهم لا يزالون يدرسون خياراتهم، ويمكن أن يستمر هذا الوضع حتى العام المقبل. وقد صاغوا قائمة تحتوي على 19 مطلبا، من بينها السماح لإقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق بأن يدير النفط الموجود في الحقول داخله، كما يسعون أيضا إلى الوصول إلى تسوية لدعاوى الملكية واستفتاء بشأن وضع الأراضي المتنازع عليها التي يزعم العرب والأكراد حقهم فيها، ويمكن أن تتسبب في أعمال عنف مجددة. كما طلبوا مشاركة «العراقية» والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، الذي يعارض ترشيح المالكي، في الحكومة المقبلة.
وليس لدى الأكراد ثقة كبيرة في حلفائهم المحتملين. وينص أحد المطالب التسعة عشر على أنه إذا انسحب الأكراد من الحكومة، فإنه يجب تشكيل حكومة جديدة.
ولم يجتمع أبرز أربعة تكتلات سياسية منتخبة - «دولة القانون» بزعامة المالكي و«العراقية» بزعامة علاوي و«التحالف الوطني العراقي» و«التحالف الكردستاني» - معا منذ الانتخابات. ويمرر مسؤولون أميركيون رسائل بين «دولة القانون» و«العراقية» من أجل الوصول إلى اتفاق، بحسب ما يقوله مسؤولون عراقيون. ويدعو رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إلى اجتماع بين التكتلات الأربعة.
ولكن، لا يوجد ما يضمن نهاية للمأزق الحالي. ويقول سامي شورش، وهو عضو في فريق التفاوض الكردي: «من الصعب لأي شخص تحديد وقت نهاية الأزمة الحالية. لا نريد إعلان الطرف الذي ندعمه وبعد ذلك نعرف أنه ليس خيارا مناسبا لنا، سيضع ذلك النهاية للدور الذي نلعبه».
«الشرق الأوسط»