TODAY - November 09, 2010
بارزاني: المبادرة السعودية قاعدة للمصالحة الوطنية
معركة حسم المبادرة الكردية تنتقل من أربيل إلى بغداد

مسعود بارزاني ، رئيس إقليم كردستان ، يتحدث في مؤتمر صحافي بأربيل أمس (إ ب أ )

أربيل: شيرزاد شيخاني لندن: معد فياض
يشعر الأكراد وقيادتهم السياسية بمزيد من الفخر لنجاح جهودهم في جمع القوى العراقية المتصارعة، على تشكيل الحكومة المقبلة على طاولة واحدة، وكما أكد رئيس الإقليم مسعود بارزاني، فإن «مجرد جمع القادة العراقيين هنا في أربيل يعتبر في حد ذاته إنجازا نعتز به».
وحول مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قال بارزاني في مؤتمر صحافي بعد الجلسة: «نأمل أن تنجح المبادرة الكردستانية، لأنها مبادرة وطنية جاءت من منطلق الحرص على المصير المشترك للعرب والكرد والقوميات الأخرى، وجاءت من منطلق الحرص على مستقبل العراق ومصلحة إقليم كردستان، وأعتقد من الأفضل أن نركز على القضايا الوطنية، في الوقت الذي نشكر فيه المبادرات الأخرى أو أي مساعدة تقدم إلينا منها مبادرة المملكة العربية السعودية، ولكن يجب، في تصوري، أن ننجز المهمة هنا في العراق، ويمكن أن تكون المبادرة السعودية مساعدة لكي تكون قاعدة للمصالحة الوطنية».

وأضاف بارزاني «أن الجهود التي بذلناها في هذه السبيل تشكل الرد المفحم للتقولات التي أطلقتها بعض الأطراف، حول الادعاء بأن الكرد منشغلون بإقليمهم مقابل إهمال الوضع العراقي، وهذا الاجتماع أكد للجميع أن الكرد حريصون على حل مشكلات وأزمات العراق، وأنهم جزء من المعادلة السياسية، وأن دورهم التوفيقي هو الضامن لأمن واستقرار العراق».
وردا على سؤال من «الشرق الأوسط» حول الموقف الجديد للقائمة العراقية بزعامة إياد علاوي المطالب بتسلم منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تنازلها عن رئاسة الحكومة في ظل تمسك قيادة الإقليم بمواقفها الثابتة بتخصيص هذا المنصب للكرد، قال بارزاني: «مرة أخرى أقول وأؤكد أننا نحترم وجهات نظر الجميع، ولكن يجب أن يكون واضحا للجميع أيضا أن العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين، وهذا ما ورد في دستور العراق منذ تأسيسه، وفي دستور 14 تموز، وكذلك في اتفاقية 11 آذار، وهذه حقيقة يجب أن يفهمها الجميع، والكتلة الكردستانية لا تمثل أحزابا سياسية وإنما تمثل القومية الثانية في العراق، ولذلك من دون شك فإن ما يطالب به الكرد هو استحقاق قومي، وليس استحقاقا انتخابيا».
ووصف بارزاني اجتماع أربيل بـأنه «إنجاز كبير»، وقال: «الاجتماع في حد ذاته يعتبر إنجازا مهما، وخطوة نحو الأمام، وكما تعلمون بعد الانتخابات لم تعقد اجتماعات بهذا المستوى، وكانت الاجتماعات التي تعقد أو اللقاءات ثنائية أو ثلاثية، وهذا أول اجتماع من نوعه يعقد بعد الانتخابات، لذلك هو إنجاز في حد ذاته ويعتبر بداية مهمة جدا لرسم الخطوات التالية، وما لمسته اليوم أنه كان اجتماعا إيجابيا، وكانت النتائج أكثر من المتوقع، وإذا استمرت اللقاءات في ظل هذا الجو الإيجابي، فأنا متفائل جدا بأنه سوف تشكل الحكومة قريبا، فاجتماع اليوم كان لوضع الأساس للخطوات التالية، وأقولها بشكل أكثر دقة: إن الاجتماع كسر الحاجز النفسي بين الكتل العراقية».

وختم بارزاني مؤتمره الصحافي بالقول: «أأأأنجزنا ما كان علينا، وننتظر ما ستسفر عنه اجتماعات بغداد، ونجاحنا في جمع القادة العراقيين على طاولة واحدة أكبر رد على بعض الأطراف التي سوقت في السابق تقولات بأن الكرد منهمكون في شؤونهم في الإقليم، ولا يبالون بما يجري في العراق، هذه التقولات ظهر خطؤها، فنحن بقدر ما نهتم بكردستان نهتم ونحرص على بقية أنحاء العراق، وسنستمر في جهودنا لتقريب الفرقاء العراقيين وندعو القادة للتحلي بمسؤولياتهم الوطنية».
من جهته، أكد حيدر الملا، المتحدث الرسمي باسم القائمة العراقية، أن القائمة «ترفض أن توزع الرئاسات الثلاث على أسس محاصصة بأبعادها الطائفية والإثنية، فهذه استحقاقات انتخابية يجب أن تراعى، ويجب أن تؤسس لدولة المواطنة وليس لدولة المكونات التي توزع فيها المناصب على أساس المحاصصة. ونحن نقبل بالتأكيد هذا المنصب (رئاسة الجمهورية) إذا عرض علينا، لأنه استحقاق دستوري وانتخابي و(العراقية) جاهزة لتسلم المنصب».
وغلب التفاؤل على تصريحات معظم الكتل السياسية العراقية المشاركة في اجتماع أربيل. فقد أكد علي الدباغ، المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية وعضو ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، أن الأجواء «كانت إيجابية جدا، وأن القادة تباحثوا في مجمل النقاط الخلافية بين الكتل السياسية، وهي نقاط ليس بالضرورة إنجازها مجتمعة، وإنما هناك مفاصل أساسية تعطي الضمانات والتطمينات لمشاركة الجميع في الحكومة المقبلة، وما يتبقى يمكن مناقشته بعد تشكيل الحكومة لأنها تحتاج إلى تشريعات في مجلس النواب وتحتاج إلى فعل حكومي، وبالتالي يجب ألا يرهن الإنجاز فقط بما ورد في جدول الأعمال».

وحول النقطة الأساسية المتمثلة في الضمانات قال الدباغ: «أتصور أن ورقة الضمانات مهمة والإصلاحات أيضا، أما بقية النقاط المتعلقة بالرئاسات الثلاث فهي قابلة للمناقشة والترحيل إلى الاجتماعات المقبلة»، وأضاف «لقد لمسنا جوا إيجابيا من معظم القادة المشاركين في الاجتماع، ولم نر أي مواقف متشنجة من هذه الأطراف، ولكن رأينا تفاؤلا من جميع الأطراف، وهذا التفاؤل يجب أن يترجم إلى عمل حقيقي ويجب أن يترجم إلى المسؤولية والحرص على عقد جلسة الخميس المقبل الذي نريده أن يكون يوما فاصلا نستطيع من خلاله أن نقول إن ولادة الحكومة المقبلة قد أصبحت قريبة».

وردا على سؤال من «الشرق الأوسط» حول ما إذا فشلت محادثات أربيل وبغداد، هل ستنقل الاجتماعات إلى السعودية ضمن مبادرة الملك عبد الله، قال الدباغ: «الاجتماع في العراق هو الأفضل، خاصة في المرحلة الحالية، وهو اجتماع يعطي النكهة العراقية والطابع العراقي، فالمطلوب أن يكون الاجتماع عراقيا، وأن يكون العراقيون هم من يديرون الاجتماع». وحول الخلافات التي نوقشت داخل الاجتماع قال الدباغ: «كانت هناك نقاط خلاف متعددة، ولكننا نعتقد أن جزءا من تلك الخلافات يمكن تجاوزها، والجزء الثاني يرحل إلى فترة تشكيل الحكومة المقبلة، والجزء الثالث يحتاج إلى تشريعات وإلى جلسات مجلس النواب، يرحل إلى ما بعد انعقاد مجلس النواب من أجل أن يأخذ مجلس النواب دوره الفاعل التشريعي والرقابي»، ونوه الدباغ بأن «الاجتماعات في أربيل كانت إيجابية، ولكن المفاجآت ستكون في اجتماعات بغداد خلال اليومين المقبلين».
من جهته وصف الدكتور فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أجواء الاجتماع «بأنها أجواء إيجابية جدا ومشجعة للغاية، وأنها ستنتقل إلى بغداد، اعتبارا من يوم غد (اليوم) وستكون تلك الاجتماعات أيضا في ظل مظلة مبادرة رئيس الإقليم مسعود بارزاني».

لقطات
* رئيس الحكومة المنتهية ولايته، نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، كان أول الواصلين إلى مطار أربيل لكنه كان آخر الداخلين إلى قاعة الاجتماعات.
* عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، وعادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية، وصلا بطائرة خاصة إلى مطار أربيل بعد وصول المالكي، وكان في استقبالهما برهم صالح، رئيس حكومة إقليم كردستان، وروز نوري شاويس نائب رئيس الحكومة العراقية، تبعهما وصول صالح المطلك، القيادي في القائمة العراقية.
* إياد علاوي، زعيم القائمة العراقية والرئيس الأسبق للحكومة العراقية، كان آخر الواصلين إلى مطار أربيل.
* أول الداخلين إلى قاعة الاجتماعات كان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، رافقه إبراهيم الجعفري، الرئيس السابق للحكومة العراقية، ثم إياد علاوي وصالح المطلك.
* مصادر كردية خاصة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات العراقية اعترضت على أن يتقدم المالكي بكلمته على زعيم القائمة الفائزة بالانتخابات، لكن التوافق جاء من باب أن المالكي رئيس للوزراء وليس زعيما لقائمة.
* أصر روز نوري شاويس على أن يقدم علاوي والجعفري وإياد السامرائي بلقب «الأسبق»، وعندما نبهه الرئيس جلال طالباني إلى أن السامرائي رئيس البرلمان السابق وليس الأسبق، رد شاويس قائلا: «أنا أحب (الأسبق) لأنها أكثر فخامة».
* لوحظ تخاطب بعض القادة مع بعضهم بالكنية وليس بالأسماء، وبدأها الجعفري عندما سمى علاوي بـ«أبو حمزة»، وعبد المهدي عندما سمى الهاشمي بـ«أبو زياد».
* تبادل الرئيس طالباني أحاديث هامسة مع علاوي، أعقبها الضحك من قبلهما، والمقربون يقولون إنه تبادل مع زعيم القائمة العراقية النكات.
* لم تُشِر المصادر إلى حدوث لقاء بين علاوي والمالكي في ردهات المؤتمر قبل عقده.

الشرق الاوسط