TODAY - November 22, 2010
اجتماع حاسم حول الإحصاء السكاني ومخاوف كردية من التأجيل
طالباني: لم أصف علاوي بـ"الحصان الخاسر" ولم أتهم تركيا بدعمه


أسامة مهدي من لندن
فنّد الرئيس العراقي جلال طالباني مزاعما للقائمة العراقية ووسائل إعلام ذكرت أنه وصف في تصريحات له زعيم القائمة العراقية إياد علاوي بالحصان الخاسر. يأتي ذلك فيما يعقد ممثلو وزارات ومحافظات عراقية اجتماعا موسّعا وحاسما لبحث إمكانية إجراء التعداد السكاني للبلاد.

إثر انتقادات وجهها قياديون في القائمة العراقية لتصريحات نسبت له، نفى الرئيس العراقي جلال طالباني وصفه لزعيم القائمة إياد علاوي بالحصان الخاسر أو قوله بأن تركيا قد خسرت سياستها في العراق لأنها وقفت ضد ترشيحه للرئاسة، فيما يعقد ممثلو وزارات ومحافظات عراقية اجتماعا موسعا حاسما في بغداد الإثنين لبحث إمكانية إجراء التعداد السكاني في البلاد بموعده المقرر في الخامس من الشهر المقبل من عدمه وسط مخاوف كردية من تأجيله مجددا.
وأكد المكتب الإعلامي لطالباني اليوم أن الرئيس لم يستخدم إطلاقا في تصريحات له نشرتها صحيفة "ميللت" التركية أمس الأول تعابير مثل"الحصان الخاسر" للحديث عن زعيم سياسي أو كتلة برلمانية في إشارة إلى علاوي، كما أنه لم يسئ البتة إلى العلاقات مع الجارة تركيا من خلال اتهامها بدعم علاوي ووقوفها ضد ترشيح طالباني للرئاسة وأنها قد خسرت بذلك سياستها في العراق.
وأضاف المكتب أن طالباني أكد أكثر من مرة في المقابلة أنه "صديق استراتيجي" لتركيا ورغم أنه انتقد مواقف أطراف تركية فهو شدد على أنه "مهندس العلاقات الإستراتيجية" والمحفز لتطوير الروابط بين البلدين الجارين كما أشار إلى أن الرئيس التركي عبد الله غول الذي وصفه بـ"الصديق العزيز" هاتفه مهنئا بانتخابه لولاية ثانية.

اجتماع حاسم حول الإحصاء ومخاوف كردية من التأجيل
تعقد اللجنة العليا للإحصاء السكاني اجتماعا حاسما في بغداد الاثنين بمشاركة ممثلين عن وزارات ومحافظات عراقية وسلطات أقليم كردستان لبحث امكانية اجراء التعداد السكاني في البلاد بموعده المقرر في الخامس من الشهر المقبل وسط مخاوف كردية من تاجيله معتبرة ان ذلك سيكون مخالفة للدستور العراقي .
وطبقا للدورة الاحصائية العراقية كان من المفترض إجراء التعداد عام 2007 الا انه أرجئ بسبب الظروف الأمنية إلى عام 2009 ثم الى 24 من تشرين الاول (اكتوبر) الماضي ثم إلى الخامس من الشهر المقبل وتم هذا التأجيل الثالث بسبب مخاوف من تسييسه حيث عارضت قوميات عراقية إجراءه في المناطق المتنازع عليها مثل مدينة كركوك التي يسكنها العرب والأكراد والتركمان (حوالي مليون نسمة) وتضم حقولا نفطية كبرى اضافة الى مناطق متنازع عليها بين العرب والأكراد في مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى (375 كم شمال بغداد) والتي تضم سكانا بديانات ومذاهب متنوعة كالمسلمين والمسيحيين والايزيديين والشبك تحسبا من أن هذا التعداد قد يكشف عن تركيبة سكانية من شأنها أن تقضي على طموحات سياسية لقوى تمثل تلك القوميات.
وتقرر في وقت سابق اجراء التعداد السكاني الجديد في العراق للمرة الاولى منذ 23 عاما حيث كان آخر تعداد شامل قد اجري عام 1987 بينما اجري تعداد عام 1997 في 15 محافظة فقط حيث كانت محافظات اقليم كردستان الثلاث خارج سيطرة الحكومة وامنية ولذلك فأنه يجري وسط ظروف ومتغيرات سكانية وأمنية مختلفة يشهدها العراق بعد سقوط نظامه السابق عام 2003 .
وقد جرت عدة محاولات بعدها لاحصاء السكان العراقيين لكنها كانت تتأجل في كل مرة بسبب الخلافات القومية حوله وخاصة في مدينة كركوك ا(255 كم شمال بغداد) الغنية التي يطالب الاكراد بضمها الى اقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991 وسط اعتراض سكانها من العرب والتركمان.
ومن جانبه توقع رئيس اللجنة العليا للاحصاء في أقليم كردستان تأجيل الاحصاء هذه المرة أيضا بعد ثلاثة تأجيلات سابقة موجها تحذيرات شديدة إلى المعنيين بالأمر باللجوء إلى كل الإجراءات القانونية في حال إصرار الأطراف الأخرى على تأجيل آخر.
وقال سيروان محمد أمين رئيس غرفة العمليات الخاصة بالإحصاء في إلاقليم "نشعر بأن هناك أطرافا تحاول تأجيل العملية مرة أخرى وهذا مخالف للدستور الذي ينص على إجراء الإحصاء في العراق كل عشر سنوات كما هو مخالف لقانون الإحصاء رقم 40 الصادر عام 2008 عن البرلمان العراقي لذلك فنحن سنلجأ إلى كل الخيارات القانونية لضمان إجراء الإحصاء في موعده المؤجل". واشار الى ان السبب في الاتجاه للتأجيل يرجع الى أن المسؤولين في وزارة التخطيط لم ينجحوا في إقناع الأطراف المعترضة على عملية الإحصاء لأسباب سياسية.
كما أن وزير التخطيط نفسه لا يجد ضرورة لإجراء الإحصاء رغم أنه من صلب المهام الأساسية للوزارة التي يفترض أن تعرف بموارد العراق البشرية والواقع الديموغرافي لتتمكن من التخطيط للمشاريع التنموية ووضع السياسات الصحيحة للدولة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية وغيرها في مختلف المجالات المتعلقة بعملية التنمية.
وفي وقت تؤكد وزارة الداخلية العراقية استعدادها لتأمين عملية التعداد من خلال تخصيص 14 الف عسكري لحماية منفذي التعداد والمشرفين عليه يقول مهدي العلاق رئيس الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات ان التعداد سيحدد عدد العراقيين الذين يعيشون في الخارج وعدد الذين اضطروا الى النزوح داخل العراق خلال سبع سنوات من الحرب.
كما سيكشف التعداد عن عدد السكان الذين يعيشون في اقليم كردستان العراق الامر الذي سيحدد حصته في ايرادات الحكومة المركزية التي تبلغ حاليا 17 في المائة.
وإذا وجد التعداد أن الاكراد يمثلون النسبة الاكبر من العدد الاجمالي للسكان فان الدستور ينص على حصول الاقليم على مزيد من الاموال وعلى مدفوعات بأثر رجعي.
وقال العلاق إن الإحصاء لن يحاول تحديد الى من تنتمي المناطق المتنازع عليها موضحا "ان هذا ليس من شاننا ان نقرر مصير منطقة، نحن نعد السكان في المنطقة التي يعيشون فيها اما تقرير مصير الناس او تقرير مصير المناطق فهذا من شأن السياسيين".
وينتظر ان يظهر التعداد التركيبة الدينية للعراق ذي الاغلبية المسلمة لكنه سيتعمد الا يسأل السكان عن مذهبهم حيث قال العلاق "بالنسبة للديانة.. الشخص عندما يسأل يقول مسلم.. مسيحي.. يزيدي.. صابئي لكن لا يقول سني او شيعي .. فلا تتضمن استمارة التعداد سؤال عن المذهب لان الامر حساس جدا بسبب الوضع الراهن.
واوضح العلاق ان تعليمات ستوجه الى جميع العراقيين بالبقاء في منازلهم ليوم واحد او ربما ليومين اتباعا لتقاليد الاحصاء في العراق حيث سيذهب القائمون على الاحصاء الى حوالي خمسة ملايين اسرة لعد افرادها وفحص هوياتهم ومعرفة مستواهم التعليمي وعملهم وتسجيل معدلات الميلاد والوفيات.
وأشار إلى أنّ العدد الإجمالي لسكان العراق يجب ان يعرف بعد نحو 15 يوما من الاحصاء لكن امورا سكانية اكثر تحديدا ستستغرق حوالي عشرة اشهر.
وأجري أول تعداد لسكان العراق الذي يتجاوز سكانه اليوم 30 مليونا عام 1934 حيث بلغ العدد آنذاك ثلاثة ملايين ليبلغ سبعة في إحصاء 1957 الذي اعتبر فيما بعد أساسا في تحديد طبيعة التركيبة السكانية للعراق. وبينما أجل الإحصاء المقرر عام 1987 بسبب ظروف الحرب مع إيران فإن آخر تعداد أجري عام 1997 أظهر أن عدد سكان العراق تجاوز 25 مليونا . ومنذ عام 1997 لم يجر أي تعداد سكاني شامل في العراق وبصورة أخص لا توجد أي إحصائية رسمية تبين حجم الطوائف الدينية والقوميات العرقية. ويبلغ عدد سكان العراق 27.962.968 نسمة حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية لعام 2005 يؤلف المسلمون (نحو 95%) من السكان كما يتألف من مسيحيين ويزيديين وصابئة وديانات صغيرة أخرى.
وكان عدد العراقيين 16 مليون نسمة عام 1987 ويتوقع ان يبلغ عددهم هذ المرة ما بين 30 و32 مليون نسمة بحسب توقعات الجهاز المركزي العراقي للإحصاء.
وقد وزعت الرئاسة العراقية نص تصريح طالباني للصحيفة كما يلي:
ميلليت : قبل كل شيء أهنئ فخامتكم، كما يلاحظ ان مسألة تشكيل الحكومة لم تكن على غرار ما كانت تريده أنقرة، هل هذا صحيح؟
الرئيس طالباني: نعم هذا صحيح، ولا أعرف من يقف وراء هذه السياسة، السياسة التركية حيال العراق لم تكن صائبة ولم تنجح.
ميلليت : هل تقصد أن سياسة أنقرة لم تنجح في دعم إياد علاوي ليكون رئيسا للوزراء؟
الرئيس طالباني: نعم، لم يصبح رئيسا للوزراء، ليس ذلك فحسب بل لم يصبح رئيسا لجمهورية ولا وزيرا للخارجية.
ميلليت: إذاً فإن أنقرة كانت تريد أن يكون شخص آخر غيرك رئيسا للجمهورية؟
الرئيس طالباني: نعم كذلك، في البداية لم يكونوا يدعمونني، ولكن بعد أن انتخبت هنأوني، صديقي العزيز رئيس الجمهورية عبدالله غول قدم التهنئة إلي فور انتخابي للرئاسة.
ميلليت : أمر عجيب، عندما كان فخامتكم رئيسا للجمهورية كانت علاقاتكم مع الحكومة التركية جيدة جدا، وهذا ما أدى الى تقوية علاقات تركيا مع العراق وشمالي العراق، ماذا حدث فيما بعد؟
الرئيس طالباني: أنا أيضا متعجب من هذا الموقف، هناك أطراف في تركيا تعاديني، لا أدري لماذا، أقول دون مبالغة أني مهندس العلاقات الإستراتيجية بين تركيا والعراق وفي وسائل الإعلام ينتقدونني بأني رغم كوني كرديا أعقد اتفاقات مع تركيا، لذا فأنا متعجب من مواقف بعض الأطراف التركية التي تعاديني، في الوقت الذي كنت سبب تطوير العلاقات بين تركيا والعراق.
ميلليت : أي منطق وعقلية هذا؟
الرئيس طالباني: لا أدري، ولكن كل ذلك اصبح جزءا من الماضي ونسيته، فرغم كل شيء مازلت أعتبر نفسي صديقا استراتيجيا لتركيا ولا أريد الخوض أكثر في هذا الموضوع.
ميلليت: هناك حديث بأن الطرف المنتصر الوحيد في العراق هو إيران، والحكومة العراقية الجديدة تحمل طابعا إيرانيا، هل هذا صحيح؟
الرئيس طالباني: هذه مبالغة كبيرة، بالعكس أنا أرى أن النفوذ التركي في العراق أكبر من النفوذ الإيراني، لاحظ أني صديق لتركيا وقد وقعت اتفاقية ستراتيجية بين العراق وتركيا، وهذا ما لم يحصل مع إيران، وكذلك الرئيس الحالي لمجلس النواب صديق مقرب لتركيا، وفي الوقت ذاته فإن إيران ليست راضية تماما عن رئيس الوزراء المالكي، لأنه جرد جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر من السلاح وكذلك وقع اتفاقية (صوفا) مع الأمريكيين، إنكم لاتعرفون حقيقة العراق، فشيعة العراق لايعتبرون أنفسهم تابعين لإيران، بل يتعبرون أنفسهم العرب الشيعة الأصلاء، كما أن المرجع الأعلى للشيعة في العراق آية الله السيستاني له توجهات مختلفة عن مراجع إيران وهو ليس مع نظرية ولاية الفقيه للإمام الخميني.
ميلليت : كما هو معلوم، هناك حوار غير مباشر بين تركيا وحزب العمال الكردستاني PKKوهناك مقترح بإنزال مسلحي PKK من الجبال كما أعلن الحزب وقفا لإطلاق النار، ولكن مايحصل لاحقا غير معلوم، ما هو رأي فخامتكم حول هذه المسألة؟
الرئيس طالباني: الخطوة اللاحقة تكمن في ضرورة أن يتخلى حزب العمال عن السلاح بشكل نهائي وينخرط في النضال السياسي، كما ينبغي للحكومة التركية أن تستمر في الحوار الموجود مع أوجلان، لأن PKK لم يعد يطالب بالاستقلال، بل يطالب بجملة حقوق ديمقراطية، لذا فقد آن الأوان أن تصل الحكومة التركية الى اتفاق مع حزب العمال، لأن القضية تحل بهذه الطريقة فقط.
ميلليت : هناك حديث بأن أوجلان طلب من حزب العمال سحب قواته من تركيا الى داخل الأراضي العراقية، هل من الممكن أن يحدث ذلك برأيك؟
الرئيس طالباني: هذه دعوة صائبة لأنه إذا بقيت قوات PKK في تركيا ستواجه وحدات الجيش التركي شئنا أم أبينا، ولكن إذا انسحبت الى داخل الأراضي العراقية ولم تحدث مشاكل، فبرأيي هذا يسهل الحل أكثر.
ميلليت : ماذا يكون دوركم في هذه المسألة؟
الرئيس طالباني: أنا مستعد للقيام بأي شيء أقدر عليه، سواء كرئيس لجمهورية العراق أم كصديق لتركيا لإنهاء العنف وإيجاد حل سلمي للقضية، ولكن علينا الإسراع وعدم تفويت الفرصة، وقف اطلاق النار سيستمر الى 2011 وهذا شيء جيد، علينا التعامل بصبر مع المرحلة وبرأيي فإن كتابة دستور جديد ستكون حافزا جيدا لتطوير الديمقراطية في تركيا.
وأشار المكتب الاعلامي الرئاسي إلى أنه "للأسف أن وسائل إعلام عربية عند نشرها مقتطفات من المقابلة خلطت بين ما جاء على لسان طالباني وبين ما ورد في هوامش الصحافية التي أجرت المقابلة معه في باريس لدى حضوره لمؤتمر الإشتراكية الدولية".
وأضاف أن "ما يستدعي الإستغراب أن أوساطا سياسية وبرلمانية تسرعت في إصدار أحكام وتعليقات بناء على مقتطفات تفتقد الدقة دون الرجوع إلى أصل المقابلة، وهو أمر غدا للأسف بمثابة العادة غير الحميدة لدى البعض وقد يؤدي إلى تعكير الأجواء وإحداث البلبلة وحتى إلى تضليل الرأي العام".

ودعا المكتب الرّئاسي العاملين في وسائل الإعلام "إلى توخي الدقة والحرص على النقل الأمين لأقوال وتصريحات المسؤولين كما يتمنى من الإخوة المتحدثين والناطقين الرسميين باسم الكتل النيابية ان ينأوا بأنفسهم عن التسرع لتفادي الوقوع في الزلل والخطأ أو اختلاق "مشكلة" حيثما ليس ثمة مشكلة أصلا".
وكانت وسائل إعلام نقلت عن طالباني قوله لصحيفة "ميلليت" التركية إن سياسات أنقرة في العراق باءت بالفشل بعد اختيارنوري المالكي رئيسين للجمهورية وللحكومة مشيرا إلى أن تركيا انتهجت سياسة فاشلة تجاه العراق وراهنت على الحصان الخاسر عندما دفعت باتجاه تنصيب إياد علاوي رئيسا للحكومة العراقية.
وإثر ذلك انتقدت القائمة العراقية تصريحات طالباني مشيرة إلى أنها ستتعامل معها كرأي شخصي.
وقال المتحدث الرسمي باسم العراقية حيدر الملا في تصريح صحافي إن العراقية تلقت باستغراب شديد تصريحات طالباني بوصفه ائتلاف العراقية بـ"الحصان الخاسر" مضيفا أن القائمة مستغربة أيضا من حديثه عن دعم منصبي رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية إقليميا.
وقال "كنا نتمنى على الرئيس أن يبدأ مرحلة جادة وحقيقية نحو تجسير علاقات العراق إقليميا ودوليا".
وأعرب الملا عن أمل قائمته في أن لا يؤثر تصريح طالباني على العلاقات الطيبة بين البلدين الجارين.

elaph