TODAY - November 25, 2010
مصدر حكومي: حائرون في كيفية التخلص من البحيرة الايرانية المالحة قرب حقول نفط البصرة.. ونحو مليون لغم جرفتها

البصرة – العالم
حذر مسؤول رفيع امس الاربعاء، من "اي تهاون" في التعامل مع البحيرة الايرانية المالحة المليئة بالألغام والتي نشأت قرب حقول البصرة النفطية والمناطق المأهولة بالسكان، قائلا ان وقف طهران لتدفق المياه لا يحل المشكلة التي تتمثل حاليا بكيفية التخلص من مسطح خطير طوله اكثر من 40 كم، فيما ذكر ان الحلول التي وضعت لا تزال مؤقتة وبسيطة، وأن السواتر العراقية يمكن تتصدع في اي لحظة وتعرض الاهالي للخطر.
وكان مسؤولون في البصرة اعلنوا امس الاول الثلاثاء، وقف ايران لتدفق مياه مبازلها، بعد محادثات مطولة اجرتها الحكومة المحلية في البصرة مع الجانب الايراني.
وسبق لـ"العالم" ان نشرت الاحد الماضي فقرات من تقرير حكومي يوضح حجم المخاطر التي يمكن ان تنتج عن المسطح المائي الايراني الذي ظهر قرب البصرة ولا سيما عند منطقة حقل مجنون وانابيب النفط هناك، وقرب معبر الشلامجة الدولي.
وفي تصريح خاص لـ"العالم" امس الاربعاء، ذكر مصدر مسؤول طلب عدم كشف هويته نظرا لحساسية المعلومات، ان ترميم السواتر الترابية العراقية التي تمنع تدفق المياه "جرى بملاكات فنية بسيطة وكان حلا مؤقتا للازمة لكن حجم الخطر يتطلب حلا جذريا وعبر اشراك جهات هندسية عليا لتقوم بوضع مخطط حديث واستراتيجي يعالج المسألة نهائيا".
واعرب المصدر عن مخاوفه من ان "تستخدم ايران هذه الورقة وأمثالها في اي لحظة، ما يتطلب استعدادات عراقية متكاملة للتعامل مع هذه الحالات". وذكر ان ايران ربما "تستخدم المسطحات المائية الصناعية كوسيلة ضغط سياسي، كما يمكن ان تستخدمها كوسيلة دفاع اذا تضخمت مخاوفها العسكرية خاصة اذا استمر الوجود العسكري الاميركي في العراق".
ويضيف "صحيح ان ضخ المياه قد توقف من الجانب الايراني. لكن الى متى؟" متسائلا "هل هناك جهد او دراسة لكيفية التخلص من كل هذه الكميات المالحة من الماء؟".
ويشرح المصدر المضاعفات التي يمكن ان تنشأ في اي لحظة لو تصدعت السواتر الترابية العراقية "المتهالكة" ويقول ان "كميات المياه ونوعيتها لايمكن تجاهلها خصوصا ما هو موجود في شمال البصرة في مناطق ذات ترب هشة كونها تحوي مواد عضوية، فضلا عن احتمال ان تشرب التربة تلك الكمية الكبيرة من المياه، لتتسرب مرة اخرى كمياه جوفية نحو المياه العذبة".
ويعرب المصدر عن اعتقاده بأن توقف ضخ المياه "ليس نهاية العمل، ذلك ان الطبيعة الجغرافية للمواقع المذكورة لاتخدم البصرة كون المسطح المائي في بقعة مرتفعة مقارنة بمستوى ارتفاع الارض في مدينة التنومة الحدودية" التي يقطنها نحو 150 ألف نسمة وتطل على شط العرب مقابل العشار ومركز المدينة.
وتابع "اذا بقيت هذه المياه مدة غير معلومة وحصل كسر في اي وقت بالسواتر الترابية، فهذا يعني انه يمكن وفي اي لحظة، ان تحدث كارثة في الاراضي الزراعية وتتسرب المياه الى شط العرب من شبكة الانهر الكثيرة الموجودة في الجانب الشرقي للشط".
كما يشير الى مشكلة اخطر لأن "اي كسر مفاجئ في السواتر سيعني جرف اكثر من مليون لغم واقعة بين السدة الحدودية ومركز مدينة التنومة مع مياه السيل الذي ربما يحدث" مشيرا الى فرق الارتفاع بين موقع البحيرة الايرانية المتكونة حديثا ومنطقة التنومة "يصل الى حوالي 1-2 متر بانحدار نحو الجهة العراقية".
ويعتقد المصدر ان الاختبار الحالي للحكومة العراقية هو ايجاد طريقة "للتخلص من المياه كليا، دون اضرار بالبيئة والمياه العذبة، وتجنب مخلفات الحرب والألغام، ما يعني ان الموضوع حساس ومعقد للغاية".
كما يدعو الى "تنشيط الضغط الدبلوماسي بقدر جسامة التهديدات، فالحكومة المحلية لوحدها لن تتمكن من مواصلة العمل بمفردها، خاصة مع ترجيح ان تواجه المناطق الحدودية المزيد من المتاعب".
وذكر ان المياه تكونت "نتيجة غسل حقول قصب السكر مرة واحدة، بينما تشير المعلومات الى ان الايرانيين يغسلون تلك الحقول 3 مرات" ويتساءل "من يضمن ان لا تتشكل 3 بحيرات من هذا النوع في منطقة الملح والألغام، حين يغسلون حقولهم ثانية وثالثة؟".
وحصلت "العالم" الاسبوع الماضي على صورة التقطتها الاقمار الصناعية توضح المسطح المائي العملاق الذي ظهر في منطقة الحدود، وحصلت عليها القوة الجوية العراقية، فضلا عن تقرير رسمي اعدته "اللجنة العليا لمياه شط العرب"، وجاء بعنوان "الوضع الحالي لمياه البزل القادمة من المياه الايرانية".
وقال التقرير المذكور انه وفي حال انتهاء هذه الازمة حسب التقرير، تبقى مشكلة كبيرة وهي "كيفية التخلص من هذه المياه دون اضرار المياه العذبة في شط العرب سواء من شمال النهر ام من الجنوب، حيث ان بقاء هذه المياه او اطلاقها او حتى جفافها يمكن ان يلحق اضرارا جسيمة بالاراضي الزراعية ومنظومات مياه الشرب التي تعتمد المدينة على استخدامها".
واكد التقرير تعرض "منظومة الانابيب التي تنشؤها شركة نفط الجنوب ضمن منطقة حقل مجنون، الى اضجاع الانابيب بعد ان غمرت المياه المساطب الترابية التي تعبر فوقها الانابيب النفطية العملاقة، واعوجاج الانابيب نحو الاسفل مما ينذر باحتمال توقف العمل بها".
ويدعو التقرير الى عدم تشبيه الوضع الحالي بوضع معالجة الفيضان "لاختلاف نوعية المياه المتدفقة وكمياتها، ومرورها بمناطق مخلفات حربية وألغام غير معروفة النتائج".