TODAY - November 25, 2010
خبير أمني يقول ان واشنطن ارادت الجيش للسنة والحكم للشيعة .. وهي لن تنسحب حتى إشعار آخر وسط مخاوف مستمرة من «الانقلاب»
وزارة الدفاع: الاميركان أخذوا بانتقادنا لأنهم يريدون البقاء بعد 2011 وتقرير البنتاغون حول فشلنا العسكري جاء بعد رفض بغداد التجديد لشركات واشنطن

جنود عراقيون بالقرب من دبابات ابرامز اميركية الصنع التي تسلم العراق دفعات منها خلال الاشهر الماضية، وسط جدل كبير حول جاهزية بغداد لتولي الملف الامني (ارشيف)

بغداد – حيدر الكاظمي
ردت وزارة الدفاع العراقية بقوة أمس الاربعاء، على تقرير لنظيرتها الأميركية، متهمة الجانب الاميركي بأنه يقوم بتصعيد اعلامي ضد بغداد للايحاء بأن العراق غير قادر على حماية نفسه وأنه ما زال بحاجة الى الوجود الاميركي.
يأتي ذلك، بعد يوم واحد من نشر مقتطفات من تقرير لمفتش وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) المعني بملف القوات العراقية، والذي اشار الى ان اجهزة الامن والدفاع العراقية تفتقر الى نظام تجهيز يحافظ على قدراتها، وان الجانب العراقي يشتري طائرات مروحية بمئات الملايين من الدولارات دون أن يخصص المبالغ اللازمة لصيانتها. كما اشار تقرير المفتش الاميركي الى مصاعب في حصول القطعات العراقية على الوقود اللازم لعجلاتها، فضلا عن فشل برنامج بغداد لصيانة العربات القتالية العاطلة.
وبينما حمل سياسي كردي "العجالة" التي اتبعت في بناء المؤسسة العسكرية، مسؤولية الفشل الذي اشار اليه التقرير الأميركي، قال خبير عسكري ان "الطائفية" التي اتبعها الجانب الاميركي في تأسيس جيش العراق منذ 2003 هي السبب الاساسي في ارتباك اداء هذه المؤسسة.

يريدون البقاء بعد 2011

وردا على تقرير البنتاغون، قال المستشار الاعلامي لوزارة الدفاع محمد العسكري ان "لدى الجانب الاميركي وجهة نظر خاصة فيما يتعلق بوزراة الدفاع العراقية فهو يريد أن يملي على الوزارة ما يريد تنفيذه من خطط ومشاريع".
واضاف في مقابلة مع "العالم" أمس الاربعاء ان "الاميركان يريدون تسيير الامور وفق امزجتهم من حيث استيراداتنا وطريقة تسليحنا لقطعاتنا العسكرية واساليبنا في التدريب".
واشار الى ان "وزارة الدفاع لا تعمل بمفردها فهي تعمل وفق السياقات الحكومية الخاصة بالدولة العراقية ولديها ميزانيتها التي تصرف على احتياجات الوزارة بشكل علمي". واوضح ان "الحديث عن طلب يتقدم به قائد عسكري عراقي للتزود بالوقود ولم يستجب له احد هو نوع من التقارير اعتدنا عليه وليس له اي مضمون حقيقي".
وسخر العسكري مما اورده التقرير الاميركي عن تأخر العربات العسكرية العاطلة في ورش التصليح وضياعها. وقال "هذا الحديث غير دقيق وليتقدم اي قائد عسكري ويقول ان عرباته تأخرت في ورشنا داخل المعسكرات المتخصصة".
وزاد ان "الغاية من تصعيد الموقف اعلاميا ضد وزارة الدفاع ايصال رسالة ان العراق لا يزال بحاجة الى الوجود الاميركي وانه غير مستعد الان لتولي المهام الامنية".
لكنه عاد ليقول "لا يوجد جيش في العالم لا يخلو من الاخطاء سواء في المنظومة الادارية او في التخطيط، ولكن ما نشر ليس بالخطأ الكبير ونحن اكتشفنا ما قيل في التقرير قبل ثمانية اشهر وقلنا لا يجوز ان يكون ما يقدم من وقود وزيوت ودعم لوجستي للفرقة السابعة على اعتبار ان قاطعها واسع في محافظة الانبار، مساويا لما يقدم للفرقة الخامسة في ديالى على سبيل المثال، وهذا الكلام مثبت في محظر رسمي وبوجود الاميركان انفسهم".
وذهب العسكري الى ان العراق يتحمل الآن "أخطاء الجيش الاميركي الذي شكل منظومة الجيش العراقي عام 2004 وفرض علينا نظاما تخطيطيا وتنظيميا واداريا مشابها لنظامه".
وقال "عندما رفضنا التعامل مع تشكيل الجيش وفق الرؤية الاميركية منذ العام 2006 بدأت قطعاتنا العسكرية تحقق النجاحات مع التسليم بوجود اخفاقات حصلت في معامل التصليح التي تعمل على ادامة للعربات". واضاف ان "السبب في ذلك الاميركان انفسهم فهم لم يبقوا لنا شيئا من جراء حربهم ووجدنا بنى تحتية مهدمة ولم يتابعوا بناء ما هدم من هذه البنى ولم يقدموا الحماية لمعسكراتنا".
ومضى العسكري الى القول "علينا ان نسألهم اليوم: لماذا لم تصلحوا هذه الاخطاء في الوقت الذي من واجبكم القيام بذلك وهذا التزامكم تجاه العراق؟".
وزاد ان "الجانب الاميركي يريد ان ننسخ تجربته اللوجستية الخاصة والتي تقضي بالاعتماد على الشركات الخاصة في امور الدعم اللوجستي وهذا الامر نرفضه رفضا قاطعا". واوضح ان "من غير المنطقي ان نستقدم شركات لاطعام الجند او اصلاح المعطوب من الاليات العسكرية ومن غير الممكن ان يطبق نظام معتمد في الولايات المتحدة على العراق فلدينا خصوصيتنا وعراقتنا العسكرية.

مشاكل أكبر من تقرير البنتاغون

وذكر العسكري "كنا نتوقع ان التقرير فيه معلومات مهمة على المستوى السوقي او مستوى استراتيجية البلد". واضاف ان "ما نشر هو عبارة عن نتف، اذ ان لدينا مشاكل ادارية اكبر". واوضح "ليس لدينا مستشفى عسكري وليس لدينا وحدة ميدان طبية ولا نملك مستوصفا، ولا تقنيين في ورش تصليح".
واشار العسكري الى ان "كل هذه الضجة هي بسبب رفضنا ان نجدد عقود بعض الشركات الخاصة باصلاح عجلاتنا العسكرية واوصلنا لهم رسالة ان في العراق كادرا وطنيا قادرا على القيام بمهمات من هذا النوع وبمستوى حرفي ويتلقى تدريبا عالي المستوى".
وخلص العسكري الى القول انه "اذا كان الجيش الاميركي ليس راضيا عن الاداء اللوجستي لقطعاتنا فلماذا يطلبون من وزارتنا ان تقدم لهم المشورة والخبرة حول كيفية بناء منظومتنا الادارية واللوجستية لينقلوها بدورهم للجيش الافغاني الذي يعاني من كيفية التعامل مع قادته فيما يخص هذا الجانب".

برواري: عجالة وعشوائية

من جهته، قال عضو لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب السابق عادل برواري ان "القوات العراقية لم تشكل منذ 2003 على أسس مهنية".وذكر برواري وهو سياسي كردي، لـ "العالم" في تعليقه على ما اورده تقرير البنتاغون ان "سقوط النظام وقرار الحاكم الاميركي حينها بول بريمر الذي حل بموجبه كل القوات المسلحة العراقية فضلا عن استغلال الجماعات الارهابية للظروف الاستثنائية التي مرت على البلاد، اسباب دعت الى تشكيل قوات عسكرية على عجالة وبصورة عشوائية بهدف حماية مؤسسات الدولة حينها".
وقال "يجب ان تعيد وزارة الدفاع النظر في آلية تشكيلاتها المسلحة جميعها". واضاف "اشرنا وجود خروقات كبيرة تستدعي اتخاذ هذا الاجراءات وتخليص الوزارة من المسيئين والمندسين الذين يعملون بأجندات خارجية"، محذرا من ان "عدم تشكيل القوات المسلحة بشكل مهني واختصاصي وعلى اساس الولاء للوطن والحيادية فان الشعب سيظل عرضة للسرقة من قبل الذين جاءوا الى المؤسسة العسكرية بطريقة عشوائية او بتزكية من حزب او حركة سياسية".

الحكم للشيعة والجيش للسنة

الخبير الامني علي الحيدري علق على ما اورده التقرير الاميركي بالقول ان "وزارة الدفاع اسست بعد 2003 بطريقة خاطئة اسهمت فيها الطائفية". وقال الحيدري في حديث لـ "العالم" أمس الاربعاء، "اتذكر شخصيا عندما كان يأتي الكولونيل براولي المسؤول عن وزارة الدفاع حينها ويقول: اريد اثنين من المنتسبين السنة وواحدا شيعيا، وعندما نسأله لماذا كان يرد بأن الشيعة حصلوا على الحكم، وللسنة المؤسسة العسكرية".
واشار الحيدري الى ان "وزارة الدفاع اسندت حينذاك الى اشخاص غير مؤهلين ولا يملكون الخبرة، وهم فضلا عن ذلك مدنيون، لكن بعضهم جاء مع الاميركان فبدأوا بتركيب الاسس لوزارة الدفاع حسب رؤيتهم".
ويرى الحيدري ان "الخطأ الكبير الذي حصل يتحمله مجلس النواب السابق لانه لم يقر هيكلة وآلية عمل لوزارتي الداخلية والدفاع، وفسح المجال لان يجتهد الوزير في عمله بغض النظر عن شخصية الوزير".
وأكد الحيدري ان "من الخطأ القول بأن التقرير نشر لكي يكون هناك انطباع ان العراق بحاجة لبقاء القوات الاميركية، وعلى من يردد ذلك ان يعلم ان القوات الاميركية باقية بعد 2011 وعلينا ان لا نتكلم بلغة الشعارات الوطنية والروح الرومانسية، فهذه القوات باقية شأنا ام ابينا".
ويشير الى مخاوف بعض الاحزاب من المؤسسة العسكرية ودورها في هذا الاطار قائلا انه "لا احد يضمن ان لا تقوم القطعات العسكرية العراقية اذا امتلكت غطاء جويا وتجهيزا كاملا، بانقلاب عسكري ضد الحكومة المنتخبة، ووزارة الدفاع بالذات مرتبطة بمجموعة عوامل داخلية وخارجية".

العالم