علاوي: سنحارب إيران سياسيا.. وخادم الحرمين حاول أن يساعد العراقيين
قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الموقف الإيراني القوي والدور الأميركي الضبابي وراء إخفاق «العراقية».. ونفى التنافس بين القيادات * تنازلنا عن رئاسة الجمهورية والحكومة.. لكننا لن نتنازل عن القرار السياسي * الحكومة ستكون مثلومة

إياد علاوي

معد فياض
يصر الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، الدكتور إياد علاوي، زعيم ائتلاف العراقية التي فازت بـ91 مقعدا في مجلس النواب، على مواصلة العمل من أجل تحقيق التغيير الذي وعدوا الناخب العراقي بإحداثه، على الرغم من حرمان ائتلافهم من تشكيل الحكومة الجديدة خلافا لاستحقاقهم الدستوري والقانوني، ويضيف (علاوي) إلى مهامهم الجديدة محاربة النفوذ الإيراني في العراق، سياسيا، معتبرا أن طهران قد تدخلت بقوة لدعم بقاء نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء المنتهية ولايته، في منصبه لتأكيد مبدأ الطائفية السياسية.

علاوي ينظر إلى مبادرة العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز، الداعية إلى لقاء قادة الكتل السياسية العراقية في الرياض تحت مظلة جامعة الدول العربية، على أنها ما زالت فاعلة لتحقيق المصالحة الوطنية، وأن هذه المبادرة لا تتعارض مع مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني.

وفي أول حوار له مع صحيفة عربية منذ التئام الكتل السياسية العراقية، تحدث رئيس ائتلاف العراقية عن الأسباب التي أدت إلى عدم تشكيلهم للحكومة الجديدة، وما هي المناورات التي أدت إلى النتائج الأخيرة، وقال لـ«الشرق الأوسط» التي التقته قُبيل عودته من لندن إلى بغداد، أمس «نحن تنازلنا عن موقع رئاسة الوزارة وموقع رئاسة الجمهورية، لكن هناك شيء واحد صعب أن نتنازل عنه، ولا أعتقد أننا سنتنازل عنه، وهو القرار السياسي».وفيما يلي نص الحوار:

* كيف تمت إدارة هذه العملية، قائمة فازت في الانتخابات، والعراقيون صوتوا لها، ثم تنقلب الأمور ليبقى نوري المالكي في منصبه، لا سيما أنه كان قد قرر البقاء سواء فازت قائمته أم لا؟
- لقد اجتمعت مجموعة عوامل أنتجت هذه النتائج، وأهم هذه العوامل هو الموقف الإيراني الذي تدخل بشكل قوي وواسع في مسألتين، الأولى وضعهم لخطوط حمراء على البعض من القادة السياسيين العراقيين، وفي مقدمتهم أنا والقائمة العراقية، والثانية هي أن طهران وجهت دعمها الأساسي للقوى التي مثلت المشروع الطائفي السياسي، لهذا لم يكن من باب المصادفة أو الغرابة أن تُدعى كتلتا دولة القانون، بزعامة المالكي، والائتلاف الوطني، بزعامة عمار الحكيم، ليعلن بعدها عن تشكيل ما يسمى بالتحالف الوطني وأن يعتبر هذا التحالف الكتلة الأكبر ثم تعطي المحكمة الاتحادية رأيها وتقول إن الكتلة الأكبر هي التي يمكن أن تتشكل بعد الانتخابات، وهذا غير صحيح، وليس دستوريا ولا قانونيا ولا ديمقراطيا. يضاف إلى ذلك أن الإخوة في «دولة القانون» حاولوا في الأشهر الثلاثة الأولى بعد ظهور نتائج الانتخابات تمييع الصورة لحين استكمال بعض المواقف حيث قاموا باستخدام مسألة اجتثاث البعث (المساءلة والعدالة) حيث اجتثوا ما يقارب من 500 مرشح، وبعدها أدخلوا البلد في إشكالية من هي الكتلة الأكبر والأصغر، وهل الكتلة الأكبر هي التي فازت بالانتخابات أم التي تشكلت في مجلس النواب، ثم أدخلونا في موضوع إعادة العد والفرز اليدوي التي لم تغير من نتائج الانتخابات. فتلك الأشهر الثلاثة أعطتهم مجالا لأن يكرسوا بعض الأمور، وبالإضافة إلى الدور الذي لعبته إيران فقد كان هناك دور غير واضح وضبابي للولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بالوضع العراقي، فانتهى الموضوع بشكل واضح وهو مصادرة الاستحقاق الانتخابي ومصادرة إرادة الناخب العراقي وتوجهت الأمور باتجاه الكتلة الثانية التي هي دولة القانون. أما المجتمع الدولي كان له موقف سلبي، وأبسط ما يقال عنه إنه موقف غامض، ففي الوقت الذي أذكر فيه أن مجلس الأمن قد أصدر بيانا ينص على أن المجلس يحترم نتائج الانتخابات والاستحقاق الانتخابي، لكنهم تراجعوا عن هذا البيان، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية. فمن الواضح الآن وجود علامة استفهام على العملية الديمقراطية في العراق، هل فعلا توجد ديمقراطية أو لا توجد؟ فإذا كانت هناك ديمقراطية فيفترض أن يكون هناك تمسك بالاستحقاق الانتخابي والديمقراطي، وهذا يعني أن تقوم القائمة العراقية التي فازت بـ91 مقعدا نيابيا بتشكيل الحكومة، لكن هذا ما لم يحصل، والعراقيون فقدوا الثقة بالديمقراطية والانتخابات.

* ما هو موقف «العراقية» التي انتخبها الناس؟ كيف ترون هذه النتيجة وما وصلت إليه قائمتكم للناخبين؟
- الناخبون العراقيون يعرفون أن هناك مؤامرة لمصادرة إرادتهم وأفكارهم وقناعاتهم، ونحن بالنسبة لنا في القائمة العراقية مصرون على المضي بما كلفنا به الشعب العراقي إلى نهاية الشوط، وهذا يتعلق بأدائنا في المرحلة القادمة، وموقفنا سواء كنا مشاركين أو غير مشاركين في السلطة التنفيذية، لكن التفويض الذي أعطي لنا من قبل الشعب العراقي بما يخص التغيير، والمقصود به الخروج من المحاصصة الطائفية السياسية والقضاء على النفوذ الإيراني في العراق، وليس محاربة إيران وإنما إنهاء النفوذ الإيراني في البلد، وبناء المؤسسات العراقية وإعادة هوية العراق إلى حاضنته العربية، وأن تكون هوية واضحة للعراق، وأن تكون هناك مؤسسات ناجزة، هذه هي بعض المهام الأساسية التي سنعمل على تحقيقها لحين أن تتحقق في الكامل، ولن نتراجع عنها بأي شكل من الأشكال، وأينما كنا سواء كنا في السلطة أو خارجها، لكن الجمهور العراقي الآن الذي أصيب بإحباط شديد نتيجة ما حصل يعلم أن هذا الموضوع هو بالحقيقة فصل من فصول الانتصار الإيراني على العملية السياسية في العراق، لكن في انتظار الصفحات الأخرى، إن شاء الله.

* تتحدثون عن خوض معركة، المعركة ضد من؟
- ضد الطائفية، ومعركة سياسية ضد النفوذ الإيراني المتعاظم في العراق والنفوذ المتطرف في البلد، وأنا قلتها في خطاب في القائمة العراقية، إن المعركة مع قوى التطرف والقوى المؤمنة بالطائفية السياسية ستكون معركة قاسية وطويلة، فهذه صفحة من الصفحات انتهت الآن وهناك صفحات أخرى قادمة يجب أن تحمل مزيدا من التلاحم بين الشعب العراقي ومزيدا من الإصرار على تجاوز المحاصصة الطائفية السياسية ومزيدا من التلاحم من أجل بناء عراق يتسع لجميع العراقيين، ويكون عراقا مهما ويلعب دورا مهما في المنطقة ومستقبلها.

* معركة مع إيران تعني أجهزة مخابراتية وأسلحة واغتيالات، هل أنتم قادرون على مواجهة مثل هذه المعارك؟
- أولا، نحن لسنا نتكلم عن معركة عسكرية بقدر ما نتحدث عن معركة، بالنسبة لنا، سياسية وبالنسبة لغيرنا ليست سياسية، ولا أعتقد أن إيران ستنتصر، لأن إرادة الشعب العراقي هي إرادة قوية وحازمة وحاسمة، ونحن أبلغنا إيران بشكل مباشر وعن طريق قادة دول في المنطقة بأننا لسنا ضد إيران، ولسنا دعاة حرب مع إيران، ولن نسمح بأن يكون العراق قاعدة ومنطلقا للاعتداء على إيران، لكن بنفس الوقت نحن نرفض أي تدخل إيراني في الشأن العراقي الداخلي، مثلما نرفض أي تدخل عراقي في الشأن الداخلي الإيراني، ومن الواضح أن الإخوة في إيران لم يفهموا هذا الكلام فبقوا يفرضون شخصية رئيس الوزراء على العراقيين، ومن يجب أن يدخل ومن يجب ألا يدخل في العملية السياسية، وللأسف هذا الموقف الإيراني المتفاقم قابله موقف دولي متردد غير واضح ومرتبك، وإلى حد ما موقف عربي أيضا غير واضح، فكان الموقف الإيراني هو الوحيد تقريبا الذي أثر ويؤثر في الأحداث داخل العراق، أما عن الوسائل التي من الممكن أن تستعملها إيران فالوثائق التي سربها موقع «ويكيليكس» عن محاولات اغتيالات واضحة بالإضافة إلى معلومات قد وصلتنا وتصلنا عن محاولات الاغتيال التي هي لن تثني الناس عن مواقفهم، ولن تحبط القضية العراقية، فالعراق قد أعطى شهداء كثيرين، ومستعد أن يعطي شهداء أكثر مقابل أن يخرج منتصرا من هذه الأوضاع المزرية، وأن يبني لنفسه مستقبلا واعدا وزاهرا، فنحن لا نخشى إيران.

* في الحديث عن وثائق «ويكيليكس» التي أشارت إلى تورط قياديين عراقيين والحكومة العراقية، كيف يمكن تمرير هذه العملية بسهولة وأن يبقى المتورطون في الحكم؟
- وثائق «ويكيليكس» ليست بوثائق قانونية حيث إنها عبارة عن تقارير قام بإرسالها الجنود والموظفون الأميركيون لمسؤوليهم حول ملاحظاتهم ومشاهداتهم لكنها لا ترتقي لتكون دليلا قانونيا، لكنها بالتأكيد ترقى لأن تكون موضعا مهما للتقصي والتحقيق ولا تعبر ببساطة لأنها وثائق رفعت بشكل رسمي إلى الإدارة الأميركية ووزارة دفاعها، صحيح أنها لا تشكل دليلا قانونيا لكنها تشكل الأساس لانطلاق تحقيق قانوني ناجز، لكن للأسف لم ينطلق أي تحقيق يتعلق بتدخلات إيران في الوضع العراقي ولا عن الوضع الداخلي العراقي، أما بالنسبة للولايات المتحدة فليس لي علم فيما إذا تشكلت لديهم لجان تحقيقية أم لا.

*لماذا لم تستطع القائمة العراقية بناء تحالفات، هل كانت هناك أخطاء تكتيكية؟ أنتم وقفتم مع المجلس الأعلى الإسلامي وامتدحتم قياداته، ووقفتم مع التيار الصدري والتقيتم زعيمه مقتدى الصدر وامتدحتم وطنيته، وأنتم أقرب ما تكونون إلى الأكراد، لكنكم لم تستطيعوا بناء أي تحالفات طوال هذه الفترة؟
- لم تنطلق التحالفات بسبب ما قلت قبل قليل، وهو الأشهر الثلاثة الأولى التي مرت بشكل فوضوي، وبعدها انطلقت المسميات حول أن الكتلة الأكبر هي ما سمي بالتحالف الوطني، وثالثا كانت هناك إجراءات إيجابية، خاصة مع الأخ مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأحب أن أذكر بتصريحات الأخ بارزاني التي كانت واضحة في أن «العراقية» يجب أن تأخذ زمام المبادرة كاستحقاق انتخابي بتشكيل الحكومة، وأدلى بهذه التصريحات في أكثر من مناسبة، لكن الأخ جلال طالباني، رئيس جمهورية العراق وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، كان له موقف مغاير منذ البداية فقد ذهب مع دولة القانون والائتلاف الوطني. والائتلاف الوطني أيضا لم يكن واضحا وقد مر بفترة ضبابية قام خلالها لحين التيار الصدري باتخاذ موقفهم الداعم للمالكي، وأحب أن أضيف أيضا أننا لسنا نسبح في الفضاء، حيث إننا ضمن وضع متحرك ووضع عراقي وإقليمي ودولي وكنا نلاحظ ونفهم مسألتين؛ الأولى هي الموقف الإيراني الحازم بدعم رئيس وزراء من الائتلاف الوطني وبالذات المالكي، وهذا لم يكن سرا حيث صرح الجانب الإيراني بهذا في أكثر من مناسبة، وبالمقابل كان هناك موقف أميركي متناغم مع الطرح الإيراني، ونحن نعلم أن النفوذ الإيراني قوي في العراق كما نعلم أن النفوذ الأميركي موجود لكنه أضعف من الإيراني في العراق، كما كنا نعرف أن الاتجاهات السياسية العامة للكتل جزء منها يتأثر بمواقف هذه الدول، نحن حاولنا في الحقيقة أن نبني موقفا ضد هذه التوجهات، باتجاه أن العراقيين يجب أن يتخذوا بأنفسهم القرار السياسي وأن لا يأتي القرار السياسي من الخارج، وهذا أحد أسباب سفري إلى بعض الدول للطب منها أن تقنع أميركا بعدم التدخل في الشأن العراقي، وثانيا أن تضغط بعض الدول التي لها علاقات مع إيران، على طهران حتى لا تتدخل في الشأن العراقي، وآخر زيارة قمت بها بهذا الاتجاه كانت زيارة للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، وكانت بخصوص موضوع إيران لكن للأسف لم تتحقق أية نتيجة ورأينا الأمور بقيت بهذا الاتجاه. لأميركا تبريراتها، ولإيران أيضا تبريراتها بالتأكيد، لكن نحن كعراقيين لا نقبل هذه التبريرات لأننا لا نقبل ولا نريد أن يكون هناك تدخل من أي دولة في فرض سياسة الأمر الواقع على العراق، لهذا فإن مسألة التحالفات ارتبط جزء منها بهذه الظروف وكان ولا يزال الفهم السياسي العقائدي، إن صح التعبير الأقرب إلينا هو التحالف الكردستاني بكل تكويناته، بمعنى هو تحالف غير طائفي وليبرالي ديمقراطي، لكن الآن تبدلت الصيغة حيث هناك جزء من التحالف الكردستاني لا يؤمن بالعملية الديمقراطية في حين أن الجزء الآخر يؤمن بها، لأننا رأينا جميعا السكوت على مصادرة حق العراقية، ونحن لا نتحدث عن المراكز السياسية بقدر ما نتحدث عن أنه كان هناك استحقاق واضح فالعراقية حصلت على 91 مقعدا، وهذا الموضوع معروف في كل الديمقراطيات في العالم، وهو أن من يحصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان يكلف بتشكيل الحكومة، وهذا سياق عام موجود وقاعدة عامة موجودة في كل الممارسات الديمقراطية، وحتى في الدستور العراقي، فعندما قاموا بتشريع الفقرة التي تتعلق بهذا الموضوع كان هناك تشريع واضح يقول أصحاب الاستحقاق الانتخابي يعني الفائزين في الانتخابات يكلفون بتشكيل الحكومة، لكن سكوت الطيف العراقي على هذا الموضوع وتعامله مع ما سمي بالكتلة الأكبر التي هي ليست موجودة لا رسميا ولا قانونيا، حيث إن الكتلة الأكبر يجب إما أن تكون مسجلة في المفوضية العليا للانتخابات، أو في رئاسة مجلس النواب بعد أن تتكون الرئاسة، فالكتلة الأكبر التي تسمى بالتحالف الوطني ليست موجودة لا هنا ولا هناك، لكنها فرضت بالقوة وصودرت الديمقراطية بهذا الشكل، والمجتمع الدولي الذي لديه مسؤولية مباشرة في العراق باعتبار أن العراق لا يزال تحت طائلة البند السابع، وهم الذين أدخلوا إلينا الديمقراطية فشلوا في حمايتها في العراق، وإن كان هذا الفشل مقصودا أم غير مقصود هذا سؤال يطرح، لكنهم فشلوا بهذا الأمر وانتهى الموضوع بهذا الشكل، حتى القضاء العراقي تم تسييسه بشكل كبير باتخاذه تلك القرارات والتوصيات، لهذا رأينا أنه لم يعد يليق بالشعب العراقي أن تبقى الأمور معلقة بذلك الشكل فآثرنا إكراما واحتراما لشعبنا وحقنا للدماء أسرنا أن نتراجع عن المواقع الرئيسية في البلد لعل وعسى أن يتم تشكيل حكومة بأسرع وقت، وأن تؤدي ما عليها للعراقيين، وهذا الذي حصل.

* ما الذي دفعكم للتنازل عن استحقاقكم وعن تصريحاتكم التي قلتم فيها بأنكم لن تشاركوا في حكومة يترأسها المالكي؟
- نحن تنازلنا عن موقع رئاسة الوزارة وموقع رئاسة الجمهورية، لكن هناك شيء واحد صعب لن نتنازل عنه ولا أعتقد أننا سنتنازل عنه، وهو القرار السياسي، وقد وجهت شخصيا رسالة إلى قادة القائمة العراقية قلت فيها يبدو لي أن مسألة رئاسة الوزارة والرئاسات الكبيرة في البلد لن يكون بمقدورنا تحقيقها بسبب المواقف الإقليمية والدولية، وخاصة الموقف الإيراني، وبالتالي نحن أمام معضلة كبيرة وهي خدمة وسلامة وأمن الشعب العراقي، فعليه يجب أن نتراجع عن هذا المطلب، وأن ننتقل إلى مسألة المشاركة في القرار السياسي، وأن نكون شركاء حقيقيين فيه، بغض النظر عن المواقع التي نشغلها، وعلينا أن نضع الآليات الواضحة حول كيفية أن نكون شركاء فاعلين في القرار السياسي العراقي، ولم نتخل عن جهودنا، لكن الحقيقة هي أننا جوبهنا بهذه المواقف الدولية والإيرانية تحديدا، ورأينا أن المهم هو مصلحة العراق لأننا لا تهمنا المواقع والمراكز بقدر ما يهمنا الحصول على ما نريده بتغيير المعادلة في العراق ولصالح من انتخبنا.

* هل صحيح ما قيل عن وجود منافسة بين قيادات القائمة أدت إلى ضعف موقف القائمة في موضوع المناصب؟
- لا، لا توجد أية منافسة من هذا النوع، وأنا أقول لكم بكل صراحة، كانت وما زالت قيادات القائمة العراقية بالإجماع وراء ترشيح إياد علاوي لرئاسة الوزارة، وحتى عندما كانوا يسألون أعضاء العراقية سنة أو شيعة يجيبون بأننا لا تهمنا الطائفية فيكفينا أن لدينا ثقة بهذا الرجل لتولي رئاسة الوزارة، ونحن الكتلة الفائزة ونريد هذا الرجل أن يشكل الوزارة، فكان هناك اصطفاف كامل من دون استثناء وبقوة مع ترشيحي داخل القائمة، واستمر هذا الاتجاه، أما الآن وبعد أن تراجعت مطالبتنا برئاسة الوزارة توجد مسألة الإصرار على المشاركة في القرار السياسي وليس فقط نشترك كوزراء، ومن هذا الباب نشأت فكرت ما سمي بالمجلس الوطني للسياسات العليا الذي سبق لي وأن اقترحته في سنة 2005 وعاد إليه الأميركان تحديدا بعد ما راجعوا الأرشيف، ورأوا أن هذا المجلس لو أنه تكون منذ ذلك الحين لكنا الآن في موقع آخر، لكن نشأت أيضا مشكلات تتعلق بصلاحيات هذا المجلس، فهناك من يريده تنفيذيا وهناك من يريده استشاريا.

* هل تعتقد أنه ما زال بالإمكان تحقيق مبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز؟
- بالطبع ممكن، حيث إن هذه المبادرة مبادرة كريمة، وفي كل الأحوال المبادرة السعودية تصب في مسألة المصالحة الوطنية، وليس فقط تشكيل الحكومة، وهذا موضوع مهم، ثم إنها مبادرة عربية وتقع ضمن مظلة الجامعة العربية وهذا ما يميزها، والميزة الأخرى أنها أتت من بلد عربي مهم مثل المملكة العربية السعودية، بل الأهم من هذا كله أنها أتت من شخص خادم الحرمين الشريفين الذي يحب العراق محبة كبيرة ويشعر بروابط وثيقة مع العراق والعراقيين حتى حاول بنفسه كشخص إضافة إلى المملكة العربية السعودية أن يساعد العراقيين بتخطي هذه المحنة، وفي لقاءاتنا المستمرة مع جلالته أنا وغيري من السياسيين العراقيين نرى أن هذا الرجل يمتلك حرصا كبيرا جدا على المنطقة وعلى العراق بالذات، لهذا أعتقد أن هذه المبادرة يجب أن لا تغيب ويجب أن تحتضن وترعى وأن يصار الاهتمام بها سواء تشكلت حكومة أو لم تتشكل وإذا نجحت المصالحة الوطنية أو لم تنجح لأنني أعتقد أن مؤتمر المصالحة الوطنية الوحيد الذي نستطيع أن نسميه مؤتمرا حقيقيا هو المؤتمر الذي عقد في القاهرة برعاية الجامعة العربية.

* كان جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي قد اقترح أن تكون رئاسة الجمهورية لكم ورئاسة الوزراء للمالكي لماذا رفضتم؟
- نحن لم نرفض، ولكن بصراحة بايدن وغيره جاءوا بمجموعة أفكار تتعلق بالمراكز ومجموعة أفكار تتعلق بضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة وأفكار أخرى تتعلق بأن الوضع القائم جيد، فيجب أن يستمر مع إحداث بعض التغييرات، ورأينا كان يختلف، فطرحت عليهم في اجتماع رسمي؛ أن القضية ليست قضية مراكز، وأن القضية يجب أن تناقش في ثلاثة محاور حتى نستطيع أن نؤسس لمرحلة انتقالية توصلنا إلى ديمقراطية حقيقية، والمحور الأول هو الشراكة، وتعريف الشراكة الوطنية وإعداد مفاهيمها وأسسها حتى عندما نقول حكومة وحدة وطنية تقوم على مبدأ الشراكة الحقيقية الواضحة يكون فيها الشركاء متساوين، خاصة فيما يتعلق بالقرار السياسي، أما المحور الثاني الذي تحدثنا عنه مع بايدن هو أن الدستور فيه بعض الأخطاء وأحد أخطائه هو أنه وضع صلاحيات تكاد تكون كاملة بيد رئيس الوزراء، وهذا ليس بصحيح سواء كان رئيس الوزراء المالكي أو علاوي أو عادل عبد المهدي أو آخرين، وقلت لهم يجب أن يكون ما يسمى بتوزيع الصلاحيات، أما المحور الثالث هو أن يتفق على المحطات الرئيسية في خارطة الطريق، بمعنى ماذا نريد للعراق أن يصبح؟ هل نريده قائما على الطائفية السياسية؟ هل نريد للعراق أن يقوم على أساس المصالحة الوطنية أم لا؟ هل نريد استرجاع هوية العراق العربية والإسلامية أم يبقى من دون هوية؟ هل نريد مؤسسات دولة تقوم على الحرفية والمهنية أم على المحاصصة والجهوية؟ كل هذه في الحقيقة مفردات مهمة في خارطة الطريق التي قلنا بأنها يجب أن تبحث، وأن يتم الاتفاق عليها، وعندما طرحت هذه الأمور على بايدن بحضور وفد أميركي كبير وبحضور أعضاء كثيرين من العراقية استحسنوا هذا الرأي وقالوا إنه رأي ناضج ويجب أن نعتمده ويجب أن يكون الحوار حول هذه المحاور، ومنذ ذلك الحين بدأ الحوار يدور في هذه المحاور وأعددنا الأوراق وكان أول رفض لتوزيع الصلاحيات وموضوع خارطة الطريق فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية من دولة القانون، حيث كنا بدأنا بالتفاوض معهم لكن عند وصولنا لمسألة الصلاحيات والمصالحة الوطنية كان هناك رفض واضح من الإخوة في دولة القانون، وبعدها توقفت المفاوضات وحاولنا بناء تحالف مع الائتلاف الوطني، وكان لديهم مرشح وهو الأخ عادل عبد المهدي، وحاولنا أن نجد نوعا من التوازنات في مثل هذا التحالف، لكن لم تكن لديهم الإرادة بشكل نهائي بالخروج من التحالف الوطني فبقوا داخل الائتلاف.

* هل كان رفض الائتلاف الخروج من التحالف الوطني بسبب تأثير إيراني؟
- لا أعرف ولا أستطيع أن أبت في مثل هذا الموضوع، لكن الذي أعرفه في البداية أن إيران دعت ثلاث جهات إلى طهران بعد صدور نتائج الانتخابات، قامت بدعوة الائتلاف الوطني ودولة القانون والأخ جلال طالباني إلى طهران، وهناك جرى الحديث عما سمي بالتحالف الوطني على أساس أنه الجزء الأكبر، ومنذ ذلك الحين أطلقت إيران على القائمة العراقية سلسلة من التهم الباطلة، وبعثنا بوفد إلى طهران بقيادة الأخ رافع العيساوي؛ ويتكون من حسين الشعلان ومحمد علاوي والياور، وكانت أجوبة إيران مرة القول بأننا قائمة سنية، ومرة قائمة بعثية، والحقيقة هي قائمة ليست بسنية ولا بعثية؛ هي قائمة عراقية وطنية، ولا يهمنا من هو السني والشيعي داخل القائمة فهي قائمة تمثل الطيف العراقي، وكان من الواضح أن إيران منذ ذلك الحين تنوي أن تعزلنا وتبعدنا، حيث كنا قد قدمنا طلبا لزيارة إيران ليس لي شخصيا بل لوفد من العراقية ففوجئنا بأنهم دعوا الآخرين مع أننا كنا قد قدمنا طلبا ولم يدعونا، ثم فهمنا من قادة دول ومن زعماء سياسيين عراقيين أن إيران تقول إن لديها خطا أحمر على العراقية وعلى إياد علاوي، طبعا بتقديرنا أن إيران على حق بخصوص وضع خط أحمر على العراقية وعلى شخصي لأننا ندعو لأن يكون للعراق هوية عربية واضحة، ولأننا ندعو لأن لا يبنى العراق على أسس الطائفية السياسية، ثالثا ندعو لأن يكون العراق موحدا وقادرا ومقتدرا وقويا، لكن أيضا عراق مسالم ويقوم على المؤسسات الناجزة والكاملة، وأن يكون جزءا لا يتجزأ من الأمن الإقليمي، وهذا الطرح بتقديري لا يتماشى مع رغبات إيران لأنها تريد الشعب منقسما على أسس طائفية وإثنية، وتقف ضد المشروع العراقي الوطني لخشيتها من عودة العراق بقوة إلى وضعه، على الرغم من أن هذا الخوف ليس له مبرر بتقديري لأننا لسنا بدعاة حرب بل على العكس نحن نريد بناء أفضل العلاقات مع إيران، والان هناك مرحلة جديدة بتراجع العراقية عن استحقاقها الانتخابي وبقيت محتفظة بحق الاستحقاق بالمشاركة بالقرار السياسي وتم انتخاب رئيس جمهورية، وأعلن عن أنه سوف يقوم بتكليف المالكي لرئاسة الوزارة، وقد قبلنا بهذا الأمر رغم أنه تجاوز لكننا قبلنا به إكراما للشعب العراقي، لكن هناك مرحلة مهمة حيث نريد أن نرى هل صحيح سيتم الالتزام بمسألة الشراكة بالقرار السياسي أم لا، ونحن فهمنا أن ليس عدد الوزراء هو المهم لكن المهم أن نكون شركاء حقيقيين ومتساويين غير مهمشين بالقرار السياسي، إذ رأينا بالحكومة الحالية الكثير من الوزراء لا حول ولا قوة لهم بينما بإمكان أي مستشار برئاسة الوزراء أن يدير الوزارة بينما ليس للوزير صلاحية تعيين موظف، وهذا ليس معقولا في بناء نظام مؤسساتي جديد، وليس معقولا أن تكون جزءا من ماكينة تؤمن بالطائفية السياسية كما ليس من المعقول أن تقبل بأن تكون وزيرا، وهناك ملايين العراقيين مهجرون ولاجئون، كل هذه المشكلات لن تحل إذا لم نكن شركاء حقيقيين في القرار السياسي.

* المعركة القادمة هي معركة تشكيل الحكومة ألا تعتقد أنها ستكون حادة؟
- في توقعي الخاص أنها سوف تكون حادة، وبعد تشكيل الحكومة سوف يكون من الصعب عليها أن تتخذ قرارات، لأنها سوف تكون حكومة مثلومة موزعة ومشتتة وليست واضحة، ومتناقضة وليست مكونة على أسس واضحة، لهذا نحن ليس من باب الفلسفة حين نتحدث عن الشراكة والصلاحيات وخارطة الطريق بل من باب الواقع، حيث نريد أن نثبت هل سنسير على الطريق الطائفي أم لا؟ وهذه الأمور ليست واضحة في الوقت الحالي لهذا عندما تأتي حكومة بهذا الجو غير الواضح تقوم على مسألة غير واضحة في تسمية الحكومة وعلى لوي الأذرع وعلى التدخلات الإقليمية سوف تكون ضعيفة، وهذا هو المخيف بالموضوع فليس المهم أن الوقت طال لتشكيل الحكومة لكن نخشى عندما تتشكل حكومة سوف تتشكل من دون القدرة على الوفاء بما عليها للشعب، حيث إن الشعب منكوب ويعاني من القتل والذبح والفقر والجهل والمشردين وأبسط مثال ما حصل في كنيسة «سيدة النجاة» بحق أناس أبرياء ذهبوا إلى الصلاة فذبحوا بهذه الطريقة الإجرامية، وتم التعتيم على مجريات التحقيق حيث لا نعلم إلى الآن من الذي كان خلف هذا الاعتداء.