TODAY - December 21, 2010
مجلس النواب «يحقق» في تلكؤ مشروع ميناء استراتيجي تغيرت تسميته اكثر من مرة وتناقصت ميزانيته الى 6 مليارات
مجلس البصرة: سواحلنا تنقرض وسفننا ستجبر على رفع أعلام الدول المجاورة.. والحكومة لا تحرك ساكنا

عبد الهادي الحساني احمد السليطي

بغداد – مازن الزيدي
فيما قرر مجلس النواب تشكيل لجنة متابعة للتحقيق بتلكؤ مشروع ميناء الفاو الكبير، قالت محافظة البصرة انها تجهل تطورات هذا الموضوع لأن وزارة النقل استبعدتها عن هذا الملف، وفي وقت طالبت بالاسراع في تنفيذه حذرت من "انقراض الموانئ العراقية" بسبب الاهمال، مشيرة الى "مؤامرة" يتعرض لها المشروع من جهات اقليمية تتخوف من تأثيره على اقتصاداتها.
وبعد اشهر من وضع حجر الاساس لميناء الفاو الكبير، فان الغموض لا زال يلف هذا المشروع الاستراتيجي ابتداء من تسميته التي تغيرت اكثر من مرة، وليس انتهاء بالجدل الدائر حول تمويله الذي انخفض من 18 مليار دولار الى 6 مليارات، الى جانب مدة وجهة التنفيذ. ورغم ان الميناء الجديد عرف باسم "ميناء الفاو الكبير"، الا ان تسميات اخرى اطلقت عليه منها "ميناء العراق" و "ميناء البصرة".
وقال النائب عن التحالف الوطني عبد الهادي الحساني لـ "العالم" امس الاثنين، ان "مجلس النواب ناقش في جلسة الاحد الماضي تلكؤ مشروع ميناء الفاو بعد اشهر من وضع حجر الاساس". واوضح ان "مجلس النواب قرر تشكيل لجنة لمتابعة التحقيق بالملابسات ودراسة تمويل وتنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي".
واشار الحساني الى "ان انخفاض كلفة المشروع من 18 مليار الى 6 مليارات ادى الى تغيير اسمه الى ميناء البصرة الكبير". واضاف ان "مجلس النواب قرر استضافة وزير النقل في الحكومة الجديدة لتوضيح النقاط المبهمة التي تضمنتها التصاميم الاساسية، لا سيما مدة الانجاز التي تنتهي بعام 2028"، معتبرا ذلك "امرا لا يصح القبول به، كون العراق بحاجة الى هذا الميناء الحيوي خلال السنوات الثمانية المقبلة".
وتابع "قرر مجلس النواب اشراك الهيئة الوطنية للاستثمار وعدد من الوزارات لمناقشة تفاصيل تنفيذ هذا المشروع واسباب تأخيره بعد تشكيل الحكومة المقبلة". ووضعت وزارة النقل مطلع نيسان (ابريل) الماضي حجر الاساس لاحدث ميناء استراتيجي يعتزم العراق انشاؤه
في الطرف الجنوبي من مركز قضاء الفاو نحو 95 كلم جنوب مدينة البصرة. وبحسب التصاميم الأولية للميناء فانه قادر على التعامل مع 6000 سفينة سنوياً، ويحتوي على رصيف للحاويات بطول 39 ألف متر ورصيف آخر بطول 2000 متر وساحة للحاويات مساحتها أكثر من مليون متر مربع وساحة متعددة الأغراض بمساحة 600 ألف متر مربع، فيما يتوقع ان يوفر اكثر من 150 فرصة عمل.
بدورها، نفت الحكومة المحلية في البصرة علمها بتطورات مشروع الميناء بعد ان استبعدتها وزارة النقل حسبما قال نائب رئيس مجلس المحافظة احمد السليطي. واضاف السليطي في مقابلة مع "العالم" أمس الاثنين ان "هذا المشروع كغيره من المشاريع التي تنفذ على ارض البصرة من دون اشراك حكومتها المحلية، والنتيجة انها تكون متلكئة وفاشلة" .
وزاد "انخفضت كلفة المشروع من 18 مليار دولار الى 6 ومع ذلك لا نعلم حتى الان الجهة الممولة". وقال "جرى الحديث عن تمويل حكومي، لكنني اتصور ان الحكومة غير قادرة على ذلك لوحدها". واضاف "نتخوف ان يكون الخفض المستمر لتكاليف الميناء على حساب المشروع الذي اريد له ان يكون الاكبر في منطقة الخليج، وان يسهم بربط منطقة تمتد من شرق اسيا باوربا وتسيطر على 70 % من الاقتصاد العالمي".
وأكد نائب رئيس مجلس محافظة البصرة والقيادي في المجلس الاعلى "أهمية الاسراع بتنفيذ ميناء الفاو، لانه حاجة عراقية ودولية، وهناك دعم اوروبي خاص لهذا المشروع، وتأخيره يعني ابقاء العراق بحاجة الى استخدام موانئ دول الخليج التي تعمل مع مصر لاجهاض هذا المشروع بشتى السبل لانه يهدد موانئها بشكل مباشر". وتابع ان "العراق سيكون بحاجة لاستخدام المياه الكويتية اذا لم يتم الالتفات الى الموانئ العراقية التي يغمرها سنويا اكثر من مليون طن من الترسبات لا سيما في منطقة ما يعرف بلسان الشيطان في راس البيشة". واوضح ان "الحكومة لا تحرك ساكنا ازاء تآكل سواحلنا باتجاه الدول المجاورة كالكويت وايران، والترسبات تغلق القناة الملاحية باتجاه المياه العراقية فيما الكويت تعمل على فتح قناة جديدة ستضطر سفننا الى رفع العلم الكويتي للمرور عبرها".
وبشأن الدعوات التي اطلقها خبراء بضرورة معالجة مشاكلنا الحدودية مع الكويت قبل البدء بتنفيذ الميناء، قال نائب رئيس مجلس محافظة البصرة "نحن كحكومة محلية لدينا تحفظات بشأن الترسيم الاخير للحدود مع الكويت، لانها جائت من خلال قرارات دولية جائرة اتخذت في ظروف خاصة، وفرضت على العراق بمنطق القوة". وتابع ان "العراق اصابه حيف جراء استقطاع اجزاء كبيرة من اراضيه، فقد تم اقتطاع 200 منزل بالاضافة الى نصف القاعدة البحرية و13 بئرا نفطيا ونصف مياهنا الاقليمية في الخور وعشرات المزارع، وتم الحاقها بالكويت". وختم السليطي حديثه بالقول انه "رغم تأكيدنا على العلاقات الودية مع دولة الكويت، الا اننا نطالب باستعادة حقنا بالكامل ولا يجوز التنازل عنه لانه يمثل مصلحة وطنية".
وتضم البصرة خمسة موانئ تجارية أولها ميناء المعقل القريب من مركز المدينة، والذي تم إنشاؤه في العام 1916 وكانت تستغله القوات البريطانية لأغراض عسكرية قبل أن تسلمه إلى السلطات العراقية عام 1937، وميناء الفاو الذي أصبح مخصصاً لرسو وإقلاع سفن صيد الأسماك، وميناء أم قصر الذي شيد عام 1965 وهو حالياً أكبر وأهم الموانئ التجارية، بينما شهد عام 1989 إنجاز مشروع بناء ميناء خور الزبير الذي يحتوي على أرصفة صناعية ومخازن لخامات الحديد والفوسفات وسماد اليوريا، وميناء أبو فلوس على ضفاف شط العرب ضمن قضاء أبي الخصيب، ويعد حالياً من أنشط الموانئ التجارية على الرغم من صغر مساحته نسبياً.
كما تضم البصرة ميناءين نفطيين هما ميناء العمية 145 كلم جنوب المدينة، ويقع ضمن المياه الإقليمية العراقية وعلى مقربة من المياه الإقليمية الإيرانية والثاني هو ميناء البصرة النفطي 160 كلم جنوب البصرة، ويقع في خور الخفجة القريب من المياه الإقليمية الكويتية، وكان يعرف الميناء سابقاً باسم البكر العميق وتقوم حالياً وزارة النفط بالتعاقد مع شركات أجنبية لإنشاء أربع منصات غاطسة لتصدير النفط.
العالم