TODAY - December 29, 2010
قال في اول حوار بعد تجديد ولايته ان الموافقة على مطالب اربيل ستكون «غير عملية» من دون تعديل دستوري
المالكي: طهران تعتقد ان الاميركان يقفون خلف باب مكتبي ومخاوف الايرانيين والبعثيين تزول بعد الانسحاب.. وللبرلمان تعديل الاتفاقية مع واشنطن

المالكي

استبعد رئيس الوزراء نوري المالكي وجود اية قوات اميركية في العراق بعد عام 2011، قائلا ان حكومته الجديدة والقوات الامنية العراقية كانت قادرة على مواجهة اية تهديدات متبقية تمس أمن ووحدة وسيادة البلاد.
وجاء حديث المالكي في لقاء اجرته صحيفة وول ستريت جورنال دام ساعتين. وهو الاول منذ انتهاء الازمة السياسية التي دامت تسعة شهور ومنذ تولي المالكي رئاسة الحكومة الجديدة بعد الانتخابات غير الحاسمة والتي سمحت للمالكي بالبقاء رئيسا للوزراء لفترة ثانية.
وقد افترضت أغلبية العراقيين وبعض المسؤولين العراقيين والأميركيين ان الوجود الاميركي سيتم تمديده في نهاية المطاف، خصوصا بعد الفترة الانتقالية الطويلة. لكن السيد المالكي كان متلهفا لتأكيد ملاحظاته الجازمة حول الموضوع. وقال في مكتبه في الجزء المحاط بالاشجار في المنطقة الخضراء وسط بغداد "سيغادر آخر جندي اميركي العراق وفقا لما تم الاتفاق عليه. وهذه الاتفاقية غير خاضعة للتمديد كما إنها ليست خاضعة للتعديل، انها مقفلة".
وقال المالكي في المقابلة التي جرت في مكتبه ان العراق سيتولى كل المهام الامنية الخاصة به عند نهاية عام 2011 ولن يسقط في الانحياز لايران. رغم وجود اصوات في حكومته تدعم مثل هذا التحالف.
ويقول المالكي "انه لأمر مستحيل ان ينجر العراق الى محور أو مدار، ونحن نرفض ذلك سواء أجاء (الامر) من ايران أو تركيا أو من العرب".

خوف من طهران الى واشنطن
واضاف ان هناك نوعا من "الذعر الشديد" في الولايات المتحدة من تحالف بين بغداد وطهران، وفي موازاة ذلك هناك خوف في طهران من نفوذ اميركي. وقال رئيس الوزراء "قال لي مسؤول ايراني زارني في السابق: لقد اعتقدت ان الاميركان يقفون خلف باب مكتبك".
وكان نائب الرئيس الاميركي جو بايدن قال في مقابلة في واشنطن ان ايران فشلت في شراء نفوذ لها خلال الانتخابات أو استمالة السيد المالكي، وهو احد أعضاء الحكومة العراقية الحالية الذين اتخذوا من ايران ملاذا لهم لفترة قصيرة خلال عهد صدام حسين.
والاغلبية البرلمانية التي حققها المالكي تعتمد جزئيا على اتباع مقتدى الصدر المعادي للاميركان. لكن بايدن يثق بانكار المالكي ان تكون هناك سيطرة للكتلة الصدرية على القوات الامنية، في وقت تشكلت الحكومة العراقية بصفقة كاملة بين مكونات العراق الرئيسية الثلاث السنية والشيعية والكردية.
وما يزال القادة العسكريون الأميركيون يتهمون إيران بتمويل وتدريب وتوفير الملجأ للميليشيات الشيعية مثل لواء اليوم الموعود التابع لمقتدى الصدر. وهو اللواء الذي يعتبره المسؤولون الاميركيون المسؤول عن الهجمات ضد القوات الاميركية وعن الاغتيالات المشابهة لاساليب العصابات والتي تتواصل في بغداد ومناطق أخرى.

رضا عن الصدريين
وافاد المالكي ان حكومته تمكنت من كسب الميليشيات مثل تلك المرتبطة بالسيد الصدر. وقال ان "الميليشيات باتت الان جزء من الحكومة ودخلت العملية السياسية". واضاف ان فريق الصدر "يتحرك في توجه مرضٍ لتولي جزء من الحكومة، وقد تخلى عن العنف وهجر الانشطة العسكرية ولهذا فنحن نرحب به".
ويقول المالكي ان الأمن يمثل الأولوية العليا للحكومة الجديدة كما كان الامر في فترة رئاسته الاولى. ويواصل العنف وعمليات التفجير الانتحارية الطائفية بضرب البلاد فيما يقترب الانسحاب الاميركي الكامل. وقد قُتِلَ أكثر من عشرة اشخاص يوم الاثنين في تفجيرين انتحاريين خارج مجمع للدوائر الحكومية في مدينة الرمادي غرب بغداد وفقا للمسؤولين الامنيين.
واستئناف العنف الاكثر تطرفا يمكنه بالطبع ان يعدل التفكير في بغداد وواشنطن حول جدول مواعيد الانسحاب الاميركي.

كرة في ملعب البرلمان
لكن السيد المالكي قال ان السبيل الوحيد لبقاء الجنود البالغ عديدهم خمسين الفا أو اي أحد سواهم في العراق بعد 2011 هو ان يتفاوض البلدان مع موافقة البرلمان العراقي، اي ان تكون هناك اتفاقية امنية جديدة او صوفا (SOFA) جديدة مشابهة لتلك التي تم التوصل اليها عام 2008.
واستغرق هذا الاتفاق عاما من المفاوضات المطولة وواجهته معارضة قوية من العديد من الدوائر الانتخابية الشيعية الخاصة بالسيد المالكي.
وقد امتنع السيد المالكي والمسؤولون الاميركيون عن طرح القضية علنا في شهور المشاحنات السياسية في بغداد حيث كان المالكي يتفاوض مع من قد يكونون حلفاء محتملين ومنهم العديد ممن عارض باصرار تمديد البقاء الاميركي.
وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس باراك اوباما ان واشنطن "على المسار الصحيح" لسحب كل جنودها الباقين في العراق عند نهاية السنة القادمة.
وذلك هو المعلم الاخير من معالم الاتفاقية الامنية بعد تخفيض مستويات القوات الاميركية الى ما دون خمسين الفا في آب (اغسطس) وانسحاب اكثر الجنود الاميركيين خارج المدن العراقية في حزيران (يونيو) 2009 . وقال المسؤول الكبير "ان رئيس الوزراء العراقي على حق تماما".

نسخة السفير متهرئة
وقال السيد المالكي اثناء المقابلة انه يشعر بالتفاؤل بسبب "التزام" الولايات المتحدة باحترام الاتفاقيات التي تم التوصل إليها مع العراق، وانه ضحك مستسحنا قول السفير الاميركي في العراق جيمس جيفري انه يحتفظ بنسخة متهرئة في حقيبته الجلدية مما يسمى اتفاقية الإطار الاستراتيجي. وقد دعت تلك الوثيقة - بعبارات عامة- الى تعاون طويل المدى في قضايا الامن والدفاع والاقتصاد والطاقة والثقافة من بين مجلات اخرى.
وفي مؤتمر صحفي للمراسلين الغربيين الاسبوع الماضي، قال السيد جيفري أنه على الرغم من اشتراط سحب جميع القوات الأمريكية في نهاية 2011، فان وثيقة الإطار وغيرها من الاتفاقيات بين بغداد وواشنطن تحتوي على "أجندة أمنية قوية للغاية".

مكتب هائل الضخامة
وقال السيد جيفري ان سفارة الولايات المتحدة في بغداد ستستقر بمكتب "هائل الضخامة" بهدف التعاون الأمني الذي سيستشمل على حوالي 80 إلى 90 فردا يتولون أغلب الوظائف الحالية للجيش الأميركيِ في نصح ومساعدة وتدريب وتجهيز القوات العراقيةَ. وهذه الترتيبات مشابهة للترتيبات في البلدان الأخرى في المنطقة، وبضمنها مصر والعربية السعودية وتركيا. وستشرف السفارة أيضاً على البرنامج التدريبي الرئيسيِ للشرطة العراقية.
وقلل السيد المالكي من حاجة العراق لأي مساعدة رئيسية من الجيش الأميركيِ، حتى مع الاعتراف بأوجه النقص الخطيرة في بعض المجالات وبضمنها السيطرة على المجال الجوي والحدود. وقال المالكي ان الايام التي اجتاحت فيها الميليشيات المشكلة على اسس طائفية واثنية شوارع العراق، قد انتهت.
واضاف "ليس بمقدور ميليشيا او عصابة لوحدها ان تواجه القوات العراقية وأن تسيطر على شارع أو بيت. لقد انتهى (هذا الامر) ونحن مرتاحون لذلك".
وقال المالكي ان انسحابا كاملا للقوات الاميركية سيزيل محفزا اساسيا من محفزات المقاتلين الشيعة المرتبطين بالميليشيات وايران وكذلك من السنة المرتبطين بحزب بعث صدام حسين المنحل.
ودافع السيد المالكي عن مساوماته السياسية مع الفصائل المتناحرة، وكثير منها تعتبر متباعدة بشأن العديد من القضايا السياسية الكبيرة. واعتبر ان تفاوض ما بعد الانتخابات التي استطاع تسيدها على الرغم من فشل حزبه في الحصول على أكبر عدد من الأصوات "شاقة جدا". واعترف بأنه قام بتوسيع عدد مقاعد مجلس الوزراء لمجرد استرضاء الاطراف المتنازعة و(تمكن) من ترقيعها معا في ائتلافه الحاكم، ويمكن القول ان الحكومة جدليا هي الاوسع منذ سقوط صدام حسين. وقال "أعني سبع إلى ثماني وزارات، واسمحوا لي أن أقول، وزارات لأغراض التهدئة".
وقال السيد المالكي انه وافق على عدة مطالب كردية، بما في ذلك إجراء استفتاء في المناطق الشمالية المتنازع عليها، على الرغم من انه يعتقد أن ذلك غير عملي من دون تعديل دستوري مرافق لها.
ولذلك فان واشنطن قلقة بشأن المواجهة في الشمال حيث العرب والأكراد والتركمان والمجموعات العرقية الأصغر قد تواجهت. ولذلك يقوم فريق كبير من الجنود الاميركيين بمواصلة العمل هناك في نقاط تفتيش امنية.
وكان الاستفتاء العام احد المطالب التسعة عشر التي وضعها الرئيس الكردي مسعود بارزاني مقابل الاتفاق على تقاسم السلطة الذي انهى الجمود الذي اعقب الانتخابات، حيث تشكلت حكومة وحدة برئاسة المالكي وضمت الاكراد والكتلة التي يهيمن السنة عليها ويرأسها رئيس الوزراء الشيعي العلماني اياد علاوي. وفازت كتلة السيد علاوي بمعظم المقاعد في الانتخابات لكنها لم تستطع ان تشكل أغلبية، وسيترأس علاوي المجلس الوطني الجديد للسياسات الاستراتيجية، لكنه لن يكون قادرا على تنفيذ سياسات من دون دعم حكومي واسع النطاق.

عن وول ستريت جورنال