TODAY - January 09, 2011
ضابط في الدفاع: سيذهب الجيش العراقي الى خارج المدن لكنه لا يمتلك قواعد او بنى تحتية
العراق على مشارف «ثالث انسحاب» عسكري.. والداخلية اطلقت خطة «ملء الفراغ» في 4 محافظات

قوات وزارة الداخلية تواجه تحدي الملف الامني بمفردها في ظل خطط سحب جنود الجيش العراقي نحو قواعد قرب الحدود

بغداد – حيدر الكاظمي
يستعد العراق للتعامل مع ثالث عملية انسحاب عسكري، تتمثل بخروج قطعات الجيش العراقي من المدن الى قواعد قرب الحدود، بعد انسحابين أميركيين، الأول من المدن نفذ في حزيران (يونيو) من العام الماضي، والثاني ما زال مستمرا وينتظر انجازه بشكل كلي مع نهاية العام الجاري.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي، القائد العام للقوات المسلحة، أشار أمس الأول السبت الى ان تولي قوات وزارة الداخلية لمهام الأمن الداخلي بمفردها، بات قريبا، من دون أن يحدد جدولا زمنيا لذلك.
لكن اشارة المالكي هذه جاءت في توقيت يشهد طرح العديد من الاسئلة بشأن جاهزية وزارة الداخلية للنهوض باعباء ملف الأمن الداخلي وملء الفراغ المتوقع، ولا سيما مع استمرار مجموعات مسلحة في تنفيذ هجمات قاتلة في مختلف ارجاء البلاد، أسقطت آخر موجة منها الاسبوع الماضي عددا من ضباط الشرطة البارزين.
كما لا يخلو ملف نقل الجيش العراقي الى قواعد حدودية من اسئلة كثيرة، بينها ما يطرحه ضباط كبار في وزارة الدفاع بشأن توفر البنى التحتية اللازمة لاستعياب اعداد المقاتلين الهائلة في المناطق الحدودية.
ويتساءل بعض المحللين عن اسباب فشل اجهزة وزارة الداخلية في احلال الأمن، على الرغم من تلقيها المساعدة من الجيش العراقي والجانب الاميركي، مستفهمين: كيف ستقوم الداخلية بمهامها في حال بقائها بمفردها على الساحة الأمنية دون مساعدة الجيشين العراقي والاميركي؟
لكن اوساط القادة في وزارة الداخلية بدت متفائلة أمس بقدرة الشرطة المحلية على ملء الفراغ وضبط الأمن في حال توليها الملف الداخلي بشكل تام، وذلك وفق خطة من ثلاث مراحل.
وكشف مسؤول رفيع المستوى في الوزارة لـ"العالم" أمس الأحد، ان المالكي يشرف بشكل مباشر على لجنة تتولى ترتيبات نقل مسؤوليات ملف الأمن الداخلي الى وزارة الداخلية، ونقل قطعات الجيش العراقي الى قواعد حدودية.
وقال المسؤول، مفضلا عدم كشف هويته لحساسية المعلومات التي يدلي بها، ان "هناك لجنة مشكلة من قبل رئيس الوزراء وتعمل باشرافه المباشر لاتجاز ترتيبات هذا الملف". واضاف ان "اللجنة قسمت العمل الى ثلاث مراحل، المرحلة الاولى تشمل تطبيق هذه الفكرة في محافظات الفرات الاوسط والمرحلة الثانية في المحافظات الوسطى والثالثة في المحافظات الشمالية والجنوبية".
وقال المسؤول ان "المرحلة الاولى بدأ تنفيذها خلال الشهرين الماضيين وشملت محافظات السماوة والديوانية والنجف وذي قار". وزاد "في هذه المحافظات ستتولى قوات الشرطة الاتحادية وافواج طوارئ وزارة الداخلية والشرطة المحلية مهام حفظ الامن وستخرج قطعات الجيش العراقي بشكل نهائي منها".
وتابع "هكذا ستسير الامور مع باقي المحافظات وحسب الخطط الامنية التي اعددناها منذ فترة ليست بالقصيرة للاستعداد لهذه المرحلة من المشهد الامني للبلاد".
ويقول ان "دعوة السيد المالكي لتولي اجهزة الامن في وزارة الداخلية للملف الامني في الداخل ستلاقي النجاح وذلك لتوفر الامكانيات الجيدة للوزارة من حيث العدة والعدد وهي قادرة على النهوض بمسؤولياتها على صعيد حفظ الامن في الداخل".
وعلى الرغم من هذا التفاؤل الكبير بنجاح هذه الخطة، فان حديث الوزراة عن نقص الجهود الاستخبارية ما زال متداولا على نطاق واسع.
وفي السياق نفسه تطرح اوساط الضباط في وزارة الدفاع اسئلة بشأن قدرة البنى التحتية في المناطق الحدودية على استيعاب قوات الجيش العراقي في حال قررت الرحيل عن المدن.
ويقول ضابط كبير في وزارة الدفاع ان "تولي القطاعات العسكرية لعمليات حفظ الامن على الحدود يحتاج الى بنى تحتية غير متوفرة الان لدى العراق".
واضاف لـ"العالم" طالبا عدم نشر اسمه "هنا اتحدث عن قواعد تأوي إليها هذه القطعات، فيها جميع المستلزمات الضرورية التي معها يكون عملها وفق تخطيط استراتيجي بحت".
وزاد "كما ان القوات المسلحة العراقية تفتقر الى منظمومة ادارية متكاملة ومن ضمنها الدعم اللوجستي".
وعن فرص نجاح خطة تسليم ملف الامن لوزارة الداخلية، قال الضابط "لو تحدثنا عن تطبيق عملي لهذه الفكرة فاعتقد ان ذلك سيكون ممكنا في بعض المحافظات الجنوبية وذلك للاستقرار الامني الذي تشهده". وزاد "من الممكن ان تطبق في جميع المحافظات بشكل كامل ولكن ليس الان انما في السنوات الخمس المقبلة".
ويضيف هذا الضابط ان "فكرة المالكي ليست بالجديدة وقد طرحها العام الماضي"، موضحا انه "من الناحية المهنية والعسكرية البحتة فإن فكرة المالكي تطبق في جميع بلدان العالم، فالجيش مهمته حفظ الامن على الحدود والتدخل عند حدوث النزاعات المسلحة او وقوع الكوارث الطبيعية".
وتابع "لو استعرضنا الاحداث الامنية التي حصلت خلال العام الفائت سنرى ان التهديد الذي تعرض له امن البلاد الداخلي كان كبيرا جدا". ومضى يقول "شهدنا حملات الاغتيالات المنظمة والاستهدافات العرقية والمذهبية والدينية فضلا عن تفجير مئات العبوات اللاصقة والناسفة وغيرها الكثير من السيارات المفخخة". واضاف انه "مع ضخامة التحدي الامني نرى ان هذه الفكرة تصطدم بواقع امني هش مستند على وقائع خطيرة حصلت ولذلك نقول ان دعوة المالكي سياسية اكثر من كونها امنية او مهنية". واوضح ان "رئيس الوزراء هنا اراد ان يوصل رسالة الى العرب قبيل انعقاد القمة العربية في شهر اذار (مارس) المقبل تقول ان العراق بدأ يتجه الى بر الامان وفيه من الاستقرار ما يمنحهم الثقة لعقد قمتهم في بغداد".
وتابع يقول "انا اعتقد ان هذه الدعوة مبكرة ولعدة اسباب ابرزها ان الوضع الامني في الداخل العراقي لا يزال هشا وغير مستقر ودليل ذلك جملة من الاغتيالات استهدفت ضباط ومراتب في القوات المسلحة ووزارة الداخلية ما خلق موجة من التساؤلات اهمها ان كانت الدولة غير قادرة على حماية عسكرييها فكيف لها ان تحمي باقي فئات الشعب؟".
وزاد ان "الجماعات المسلحة اثبتت قدرتها على التجدد في تنفيذ عمليات دقيقة ومختلفة في عدة اماكن من العراق على الرغم من الضربات الموجعة التي تلقتها على يد القوات الامنية". وقال "معنى هذا ان الجيش او الشرطة لم يوجهوا ضربات قاصمة تمنع المسلحين من تنفيذ عمليات كبيرة".
وخلص الضابط الى القول ان "الاجهزة الامنية وعلى الرغم من اعدادها الكبيرة خصوصا في وزارة الداخلية فهي لا تزال تحتاج الى التدريب المستمر والخبرة وتطوير قابليات عناصرها ضباطا ومراتب خصوصا وان بعض هذه العناصر لا يزال يعمل وفق اجندات خارجية وساهم بعضهم مؤخرا بتزويد الجماعات المسلحة بعناوين وتحركات ضباط كبار لتسهيل استهدافهم".
العالم