TODAY - February 05, 2011
انتقال السلطة في مصر: الأمل والمخاوف


تريد الولايات المتحدة الإشراف على عملية انتقال للسلطة في مصر (صحف بريطانية)

علقت بعض الصحف البريطانية على الخطاب الذي ينتظر أن يلقيه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يوم السبت، والذي سيعلن فيه عن "إخفاق" نموذج المجتمع متعدد الثقافات، وعن ضرورة نهج سياسة أكثر صرامة للحد من التطرف، وللعمل على أن "تحترم القيم البريطانية". فعنونت الإندبندنت: "كاميرون: حربي على التعدد الثقافي" بينما اقتبست الديلي تلجراف دعوة رئيس الحكومة البريطانية الجالية المسلمة إلى "احتضان القيم البريطانية".
وعلى الصعيد الخارجي، واصلت الصحف البريطانية تغطية ما يعتمل في الساحة المصرية

الخوف والوهم
وهكذا تقول الجارديان في افتتاحيتها إن الرئيس المصري حسني مبارك يتذرع بفزاعة الإسلام السياسي للبقاء في الحكم أو للمحافظة على النظام الراهن في مصر، كما أن الجدل القائم على مستقبل هذا البلد يتمحور حول هذه الفزاعة.
وترى الصحيفة أن هذا القلق ليس في محله ليس لأن القلق على مستقبل مصر تخوف غير معقول، بل لأنه من غير المفهوم أن ينحصر هذا التخوف في حركة "منهكة ومشوشة وغير مستعدة لتولي الحكم" تمثل تيار "الإسلام السياسي" في مصر وهي جماعةَ "الإخوان المسلمون".
وتوضح الافتتاحية قائلة إن جماعة الإخوان المسلمين ستؤدي دورا على الساحة السياسية الجديدة في مصر. لكنها لم تعد تلك الجماعة الراديكالية بل تحولت إلى حركة محافظة تحاول تقليم خطابها حتى تجد لها مكانا في العصر الحديث.
إن قيادتها –تقول الصحيفة- تتذكر القرارات الصعبة التي اتخذتها في ظل عقود من نظام يقوده رئيس "تدفعه غريزته إلى التنكيل والإقصاء أكثر من المصالحة".
وكان من أخطر هذه القرارات –تتابع الصحيفة- نبذ العنف. وإذا كان هذا القرار قد كبد الجماعة عداوة تنظيم القاعدة، فإنه كان الشرط السياسي الضروري لكي تكسب ود الشعب المصري الذي يمقت الأساليب الدموية.
وتقول الصحيفة إن ما يحصل الآن في مصر كان ثمرة انتفاضة قادها الشباب المصري، لا يد للجماعة فيها.
ولا تستطيع الجماعة أن تمتطي الموجة كما فعل الخميني في إيران عندما استحوذ على ثورة "نثر الليبراليون يذورها" قبل أكثر من ثلاثين سنة.
"إن الوضع جد مختلف الآن تماما"، تقول الصحيفة فلا نظير للخميني هناك ولا لمهدي بزرغان أو محمد بهشتي.
"وعلى الرغم من أن الجماعة تبدو أقوى حركة معارضة في مصر، مع توقعات بقدرتها على الفوز بـ30 في المئة من الأصوات في انتخابات حرة، فإن ذلك لا يعكس سوى مدى همة الرئيس مبارك في نسف الأحزاب العلمانية"، حسب الصحيفة.
وتختم الجارديان افتتاحيتها بالقول: "إن مصر الجديدة ستكون فوضى، ولكن ليس ذلك النوع من الفوضى".

ضباب لندن الدبلوماسي
تعيب صحيفة الديلي تلجراف ارتباك الحكومة البريطانية حيال ما يحدث في مصر، وتطالب بضرورة إعادة تقييم المواقف الغربية من النظام المصري ، وخاصة الموقفين الأمريكي والبريطاني.
وتقيس الصحيفة البريطانية "التلعثم" الدبلوماسي البريطاني بالتأييد الإيراني الذي يريد إصباغ طابع "الثورة الإسلامية" على أحداث مصر.


ميدان التحرير شهد مصادمات سقط فيها قتلى وجرحى

وتقول افتتاحية الصحيفة: قد يكون هذا تعبيرا عن آمال طهران العِذاب، لكن الأزمة قد تصير حقا مقدمة لتحول أكبر البلدان العربية من حيث عدد السكان إلى نظام إسلامي".
وتؤكد الصحيفة أن بريطانيا لها موقف واضح من نظام إسلامي "سيستخدم قناة السويس سلاحا ضدنا، سيتنكر لاتفاق السلام مع إسرائيل، كما سيرعى القلاقل في المنطقة".
وتنتقد الديلي تلجراف "تسرع" رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون في لوم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي البارونة أشتون لامتناعها عن استنكار العنف المدعوم من قبل الدولة، في إشارة إلى الاشتباكات التي وقعت هذا الأسبوع بين مسلحين تُتهم السلطات المصرية بتحريضهم، وبين المحتجين في ميدان التحرير بالقاهرة.
وتوضح الصحيفة موقفها المنتقد بالقول: "على الرغم من أن الرئيس مبارك قليلا ما يلتزم بالقيم العزيزة إلى الغرب، فإنه –كما أشارت هذه الصحيفة إلى ذلك مرارا- يعد من أخلص حلفاء الغرب، ساعد على التخفيف من حدة التوتر في الشرق الأوسط في اللحظات الحرجة".
وتضيف الافتتاحية قائلة إن السياسة الخارجية في عصرنا الحاضر هي مقايضة بين الأمن والمثل العليا "ولهذا السبب رجحت كفة الاستقرار الإقليمي على حساب حقوق الإنسان في الماضي".
واستنادا على هذه "القاعدة" الدبلوماسية تطالب الصحيفة وزير الخارجية بالقيام بدوره في السهر على مصالح بريطانيا في الخارج والدفاع عنها متغاضيا عن تعليق رئيس الحكومة البريطانية.

أيام مبارك في الحكم معدودات؟
يعتقد فواز جرجس من مركز الشرق الأوسط التابع لمدرسة لندن للاقتصاد في تعليق تنشره صحيفة الإندبندنت أن أيام وربما ساعات مبارك في الحكم باتت معدودة بعد أن كثفت الإدارة الأمريكية من ضغوطها على المؤسسة العسكرية من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية وأن تشرك فيها جميع أطياف المعارضة وفي مقدمتها جماعة "الإخوان المسلمون".
ويرى الكاتب أن السيناريو المرجح هو تولي نائب الرئيس المعين مؤخرا عمر سليمان منصب الرئاس مع احتفاظ العسكر بأهم المناصب ومشاركة وجوه من المعارضة.
ويريد الجيش -في رأي الكاتب- أن يبعث بخطابين واضحين إلى الشعب المصري: النأي بالمؤسسة عن شخص الرئيس حسني مبارك، والتأكيد على أنها تظل المؤسسة التي تحظى بأكبر التقدير في مصر.
ويتوقع الكاتب أن تعاني المعارضة من آثار انقساماتها المزمنة عندما ستُشرك في الحكم، كما يشير إلى ظهور حركة جديدة من الشباب المسيس الذي يبحث عن صوت يعبر عن تطلعاته، وزعامة تقودها في دهاليز السياسة المتشابكة.
وتحاول التايمز في افتتاحيتها الأولى التخفيف من تفاؤل هذا السيناريو، فترى أن من يعتقد أن الرئيس مبارك قد يتنحى عن الحكم قبل انتهاء ولايته في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل يتجاهلون "نفوذ الرئيس الخفي" ومخاوف عددا كبيرا من يخشون استقالته سواء داخل مصر أوخارجها.
وتضم هذه الأعداد الكبيرة –في رأي الصحيفة- من مؤيدي بقاء مبارك رئيسا لمصر الملايين ممن استفادوا من النظام سواء من البيروقراطيين أو من الطبقة الوسطى، إلى جانب أهل الأرياف الذين يرون بعين الشك والريبة وربما العداء "لراديكاليي المدن" سواء من العلمانيين أو الإسلاميين.
وخارج مصر -تذكر الصحيفة- هناك حلفاء الولايات المتحدة الآخرين كالسعودية والأردن الذين يرون كيف صارت "واشنطن صديقا ممتقلبا" لأولئك الذين تعتمد عليهم.
وتنشر الفاينانشال تايمز إلى جانب تعليقات على هامش الانتفاضة المصرية، رسما كاريكاتوريا بعنوان الانطلاق نحو الحرية يظهر الرئيس مبارك والعصا في يده اليسرى وزمام جمل هائج -مثل الجمال التي اقتحمت ساحة التحرير يوم الأربعاء- يغطي بردعته العلم المصري، يفلت من يده.