TODAY - 13 February, 2011
أحدهما لا يرفض التغيير لكن الآخر معارض شرس له
مصر بين حاكميْها الجديديْن: المشير طنطاوي والفريق عنان

طنطاوي إلى اليمين وعنان الى الشمال

يمسك الجنرالان محمد طنطاوي وسامي عنان حالياً في دقة الحكم في مصر بعد تنحي الرئيس حسني مبارك، ورغم التقارير التي تشير إلى أن الأول يقف ضد التغيير إلا أن عنان يعتبر معارض شرس له.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق سامي حافظ عنان، رئيس هيئة الأركان، ينتميان الى الصفوة العسكرية التي انتفعت كثيرا من وجود الرئيس المطاح حسني مبارك في السلطة.
وهما يمسكان الآن بدفة القيادة في مصر إلى حين إجراء انتخابات في وقت لاحق من العام. والسؤال الذي تطرحه «نيويورك تايمز» هو ما إن كانا - مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة - على استعداد لاقتسام السلطة مع بقية المصريين الذين حرموا منها كل تلك العقود.
المؤشرات الأولية مبشرة. فكل من الرجلين اكتسب شيئا من الصدقية والقبول في أوساط الشعب بنزوله الى الشارع واختلاطه بالمتظاهرين وطمأنتهم على أنه لن يصدر الأمر بإطلاق النار عليهم.
على أن الصحيفة تستشهد بالعسكريين الأميركيين الذين عملوا مع الرجلين لتخلص الى إنهما ليسا من مناصري الديمقراطية أو التغيير السياسي الحقيقي. ورغم أن عنان لا يرفض التجديد من حيث المبدأ، فإن طنطاوي معارض شرس له. ولهذا فالأرجح أن كلا منهما - في انحيازه الى جانب المتظاهرين - كان يعتبر أن حماية مكانة المؤسسة العسكرية وصدقيتها تأتي فوق حماية مبارك الواقف ضعيفا بمواجهة الإرادة الشعبية.
ولطنطاوي (75 عاما) اليد الأعلى قياسا الى عنان بفضل منصبه وسنوات خدمته. ومع أن الضباط من الرتب المتوسطة - والشارع أيضا - كانوا يصفونه بأنه «تابع مبارك» - كما ورد في برقيات الدبلوماسيين الأميركيين المسربة على ويكيليكس، فإن الضباط الأميركيين الذي يعرفون شخصيا يقولون إنه سياسي محنك أدى دورا خفيّا ومهما في إسدال الستار على عهد رئيسه.
على أن العسكريين الأميركيين يعتقدون العكس عن رئيس هيئة الأركان عنان (62 عاما) ويقولون إنه لم يسع مطلقا لأي شيء غير هويته العسكرية رغم قولهم إنه ذكي وقادر على التجديد. وهذا إضافة الى أن ما يميزه عن طنطاوي هو صغر سنه النسبي، ولذا فمن الأرجح أن تؤول القيادة الحقيقية اليه في هذه المرحلة الانتقالية.
ودور الجيش في المجتمع المصري يقول الكثير عن هذا الرجل الذي يقوده. وكونه قائدا للمجندين الآتين بقوة القانون من سائر الشرائح الاجتماعية يجعله لصيقا بالشارع. وكان هو من طمأن المسؤولين الأميركيين الى أن الجيش لن يطلق النار على المتظاهرين وإن كان يسعى لحماية مؤسسات الدولة ومبانيها من غضبهم.
وتكشف البرقيات الدبلوماسية على ويكيليكس اتفاق القيادة العسكرية المصرية مع نظيرتها الأميركية في ما يتصل بهموم الشرق الأوسط الإقليمية. وعلى سبيل المثال فهي توضح قلق الفريق عنان بشكل خاص إزاء قوة إيران ونفوذها في المنطقة.
وتبعا لبرقية في أبريل / نيسان 2009 فقد شدد الفريق على «أهمية حل النزاع العربي - الإسرائيلي من أجل وقف تدخل طهران في شؤون الآخرين». وبعد مضي ثلاثة أشهر على هذا التاريخ هنأ الجنرال ديفيد باتريوس، قائد القيادة الأميركية المركزية وقتها، عنان على «نجاح مصر في احتواء حماس وإثلام النفوذ الإيراني بالتالي».
على أن هذه الدفعة من البرقيات نفسها لم تكن عطوفة بطنطاوي. فقد أوضحت أن الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين يعتبرونه مقربا أكثر مما ينبغي الى مبارك ومعارضا شرسا لأي تغيير، ليس في مهمة المؤسسة العسكرية بما يتواءم والتهديدات الأمنية الجديدة وحسب وإنما لأي إصلاحات اجتماعية في البلاد أيضا.
وتبعا لتلك البرقيات، فعندما خرج المصريون الى الشوارع احتجاجا على أزمة الخبز في مارس / اذار 2008، «ظل المشير طنطاوي يعارض، داخل مجلس الوزراء الذي يتمتع فيه بنفوذ كبير بفضل قربه من مبارك، أي محاولة للإصلاح السياسي أو الاقتصادي باعتبار أيا منهما خطرا على سلطة الحكومة المركزية».
وتتوصل هذه البرقية الى نتيجة مفادها أن «طنطاوي ومبارك يركزان كل جهودهما فقط على استقرار النظام والحفاظ على الوضع الراهن كما هو طالما كان أي منهما على قيد الحياة. والواقع أنه لا مبارك أو طنطاوي يملك الطاقة أو الميول أو النظرة الكونية لفعل أي شيء آخر».
ويتفق الأميركيون الخبراء في الشؤون العسكرية المصرية مع ما تذهب اليه هذه البرقية. ويقول أنتوني كوردسمان، من «مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية»: «المشير طنطاوي ظل يعطي الانطباع بأنه مجرد ظل لمبارك. ويتأتى هذا من ولائه الكامل له وبشكل حرم به نفسه من الإقدام على أي شكل من أشكال التغيير».
ويقارن كوردسمان أخيرا بين المشير طنطاوي والفريق عنان بقوله إن هذا الأخير «يتمتع بخصلة أنه أكثر تقدمية من المشير وبأنه أكثر فهما لما يدور في العالم الخارجي. لكن المشكلة هي أن كلا الرجلين لم يجرب الحكم من قبل».