TODAY - February 13, 2011
نواب: المالكي يحاول تهدئة المواطن لكن قرارات مجلس الوزراء ارتجالية
5 قرارات للحكومة في 10 أيام لمواجهة احتجاج يعم مدن العراق


بغداد
انشغلت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي خلال الايام العشرة المقبلة بإصدار 5 قرارات متتابعة (بواقع قرار كل يومين)، هدفها التخفيف من اعباء الحياة على المواطنين او الرد على الاحتجاج بشأن امتيازات كبار المسؤولين، وذلك وسط تظاهرات تجري يوميا في مختلف المدن، وترفع شعارات تمس الخدمات وتهجو الطبقة السياسية.
وخلال الايام الماضية اصدرت الحكومة نحو 5 قرارات تحاول ان تبعث برسالة تهدئة واضحة الى الجمهور المحتج، فقد اعلن المالكي خفض راتبه الى النصف وتحدث عن مشروع قانون لخفض رواتب جميع الرئاسات، كما شكلت لجنة لبحث زيادة رواتب الموظفين بنحو 20%، بالاضافة الى منح 15 الف دينار لكل فرد كبدل عن نقص مفردات البطاقة التموينية، ثم اعفاء نحو مليون عائلة من فاتورة الكهرباء وبأثر رجعي، وكان آخر القرارات المتوقعة تأجيل العمل بنظام التعرفة الكمركية الذي يتوقع ان يؤدي الى ارتفاع كبير في اسعار السلع المستوردة التي تمثل معظم المعروض في السوق العراقية، وذلك حسب تأكيد مسؤول كبير في وزارة المالية لـ"العالم".
وبينما نفى نائب عن كتلة المالكي ان تكون تلك "قرارات ازمة" ذكر نواب ان ما يعلن عنه يعد "ارتجاليا ومتسرعا" ويكشف عن قلق حكومي ازاء ما يجري في المحافظات كافة وسط "غليان اقليمي" ادى الى الاطاحة بحاكمين عربيين منذ مطلع العام الحالي.
يذكر ان مئات المواطنين كانوا قد خرجوا خلال الايام الاخيرة الماضية في تظاهرات شملت العاصمة بغداد وجميع المحافظات الاخرى، للمطالبة بتحسين الاوضاع الخدمية ومحاربة الفساد في دوائر ومؤسسات الدولة. وانتقد المتظاهرون الاحزاب السياسية التي قالوا انها "اخلفت بوعودها" بعد ان تقاسمت السلطة، مطالبين بإلغاء "الحصانة الحكومية" للمسؤولين الفاسدين.
النائب عن ائتلاف العراقية محمد سلمان قال لـ"العالم" ان قرارات الحكومة "تكاد تشبه قرارات الرئيس المصري التي قدمها لشعبه قبل سقوطه، حيث كان يعتقد انها كفيلة بابقائه في منصبه"، واصفاً تلك القرارات "بالبائسة، التي لن تغير من واقع العراقيين".
وتابع "هناك ملفات اكبر من تلك التي قدمتها الحكومة كان حريا بها معالجتها كملف الكهرباء والمعتقلين والبطالة فضلاً عن البطاقة التموينية والفساد الذي يطال اغلب مؤسسات الدولة".
ويقول ان تخفيض رواتب الرئاسات ومنح الفرد العراقي 15 الف دينار كبدل عن البطاقة التموينية "لا تعني شيئاً من حيث القيمة التأثيرية لموازنة تقترب من 100 مليار دولار" مشيرا الى ان ان الحكومة "تتخبط، والا كيف لها ان تقرر العمل بقانون التعرفة الكمركية وعند التنفيذ تكتشف استحالة تطبيقه؟".
من جانبه، اعتبر جلال الدين الصغير، عضو التحالف الوطني، والقيادي في المجلس الاعلى، الحديث عن هذه الامور بوصفها تمس مشاكل المواطن، ليس دقيقاً، موضحاً لـ "العالم" "ان غالبية القرارات التي اتخذتها الحكومة مؤخراً، تحتاج الى تشريع قوانين ليتم تطبيقها".
ويصف الصغير تلك القرارات بأنها "شعارات وقتية لا تعني شيئاً" مطالباً "رئاسة الوزراء بتقديم مشروع واضح يعمل على تخفيض رواتب سواءً الرئاسات الثلاث او المراتب العليا في الدولة من اجل تقليص الهوة بين رواتب المسؤولين وراتب المواطن العادي".
ويقول الصغير ان "طبيعة المرحلة فضلاً عن سوء الخدمات المقدمة وما يحدث في العراق من تظاهرات تتزامن مع الحدث العربي، جعلت الحكومة تقبل على طرح هكذا قرارات من اجل ايجاد حالة من الثقة بينها والمواطن".
واضاف "لو كانت الحكومة جادة في تجسير الثقة مع المواطن كان عليها اولاً ان تحل ملف الفساد والمتسترين عليه وليس من خلال قرارات خجولة لا تتناسب مع معاناة الشعب العراقي".
ويتفق محمود عثمان، عضو التحالف الوطني مع الصغير، واصفاً خطوات الحكومة الاخيرة "بالارتجالية" موضحاً لـ "العالم"، ان ما تم طرحه من قرارات "كان ارتجالياً ولم يخطط له بشكل جيد" بحسب قوله.
ويعرب عثمان عن اعتقاده بأن الحكومة "تريد التخفيف من كاهل المواطن لكنها لم تنجح في التخطيط لذلك بشكل واضح".
ولفت الى ان "وزير المالية (رافع العسياوي) اكد ان رئاسة الوزراء مثلا تعمل على مقترح مشروع تخفيض رواتب الدرجات العليا في الدولة يراعى فيه توحيد رواتب الدرجات المماثلة" لكن ذلك بحاجة الى حزمة قرارات اكثر وضوحا كما يقول.
ويذكر عثمان ان قرارات الحكومة لا علاقة لها بما جرى في بعض العواصم العربية بل "جاءت تأثراً بما يجري في العراق من تظاهرات".
الا ان ئتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، يرى ان قرارات الحكومة الاخيرة ليست صعبة التنفيذ او التطبيق، وأنها ليست قرارات ازمة.
ويوضح خالد الاسدي النائب عن هذه الكتلة في حديث لـ "العالم" بالقول "اذا تحدثنا عن خفض رواتب الرئاسات الثلاث والمراتب العليا فانه سبق ان تم طرح هذا المشروع على رئاسة الوزراء من اجل تقليل الهوة بين الرواتب العليا والدنيا الامر الذي يمكن تطبيقة".
وفيما اجراءات البطاقة التموينية قال الاسدي "هناك تجربة سابقة مهدت لقرار منح 15 الف دينار (نحو 10 دولارات) للفرد الواحد، حيث عادة ما يتم تعويض المواطن مادياً بدلاً عن تأخر استلامه المادة الغذائية ضمن البطاقة التموينية" مبيناً "وفقاً للموازنة فان حصة الفرد الواحد محددة بـ 13 – 14 دولار شهرياً عندما يكون هناك نقص في البطاقة" بحسب قوله.
ويؤكد الاسدي وجود "توجه لدى الحكومة في اعطاء المال المخصص للبطاقة التموينية الى مجالس المحافظات لتتولى امر تجهيزها الامر الذي سيساهم في حل ازمة نقص موادها مستقبلاً". ويتابع "كذلك سيعطي قرار تخصيص البترودولار مرونة لكل المحافظات من اجل معالجة مشاكلها الخدمية".
وفيما يخص تأجيل العمل بقانون التعرفة الكمركية فيؤيد عضو ائتلاف دولة القانون هذا القرار قائلاً "ان العمل بنظام التعرفة الكمركية يحتاج الى مجموعة من الاجراءات قبل تطبيقه خاصة مع وجود تضخم في السوق الذي قد يزداد حال تطبيقه الامر الذي سيؤثر على الطبقات الفقيرة في البلاد".
وينفي ان تكون تلك القرارات "قرارات ازمة، بقدر ما هي محاولة من مجلس الوزراء الجديد لدراسة المشكلات وملف الخدمات بما يضمن تخفيف العبء عن العائلة العراقية" على حد تعبيره.