TODAY - 19 February, 2011
العالم العربي: زعماء قلقون


متظاهرون في مصر يحتفلون بانتصارهم على نظام الرئيس حسني مبارك


جيريمي بوين

لم يمر اكثر من شهرين على اندلاع اولى الاحتجاجات والتظاهرات في تونس، والتي اعقبت اقدام بائع خضروات شاب على اضرام النار في نفسه بسبب تعسف الشرطة التي منعته من مزاولة مهنته، الا ان هذا الوقت القصير شهد خلع رئيسي تونس ومصر.
لقد تعلم المحتجون العرب انهم لو واصلوا الاحتجاج باصرار، ولو تغلبوا على خوفهم من السلطات، فسيكون بامكانهم تحقيق المستحيل.
اسر لي احد زعماء الاحتجاجات في القاهرة انه كان مؤمنا - قبل خروج اولى التظاهرات في الخامس والعشرين من يناير / كانون الثاني - انها لن تدوم لاكثر من خمس دقائق فقط قبل ان تعتقل الشرطة المتظاهرين جميعا.
ولا اخجل من القول إني عندما وصلت الى القاهرة لتغطية الاحتجاجات، افترضت ان النظام الذي يقوده الرئيس مبارك اقوى من المعارضة وسيتمكن من الصمود.
ولكنه لم يكن كذلك، واصبح واضحا الآن ان ليس ثمة زعيم عربي - او ايراني - واحد يستطيع ان يشعر بالامان.
وبالفعل، بدأ الزعماء الايرانيون واليمنيون والليبيون والجزائريون والبحرينيون بمقاومة المحتجين في بلدانهم، اما الزعماء الآخرون واجهزة مخابراتهم ففي حيرة من امرهم لا يعلمون متى ستندلع التظاهرات في بلدانهم.
فجميع الشعوب العربية لها اسباب مقنعة للاحتجاج، ولكن الانظمة العربية تشترك ببعض الصفات.
اولى هذه الصفات انها جميعا انظمة تعسفية، والثانية انها تحكم شعوبا شابة ومحبطة في آن - شعوب تعرف اكثر عما يجري في العالم الخارجي من الاجيال التي سبقتها.
لا ممنوعات
لم يظهر الرأي العام كظاهرة في العالم العربي الا قبل حوالي الخمسين سنة من خلال اجهزة المذياع في المقاهي والساحات العامة - والتي كانت تستخدم في اغلب الاحيان لاستلام البرامج المنحازة التي تبثها اذاعة القاهرة.
فقد كان الزعماء العرب يؤمنون ان بمقدورهم التلاعب بطريقة تفكير شعوبهمز
لقد ولت تلك الايام الى غير رجعة. فالمحطات التلفزيونية الفضائية العربية ما لبثت منذ تسعينيات القرن الماضي تمزق كل ما كان ممنوع التحدث فيه. والآن، دخل الاعلام الاجتماعي الى الميدان ليتيح المجال للجميع لمناقشة شتى المواضيع والقضايا.
لم يعد ممكنا للدول ان تعزل نفسها عن العالم، ولكن الزعماء العرب واصلوا التصرف وكأنهم ما زالوا يعيشون في الستينيات.
في هذه الايام، تتجه اعين العرب الى البحرين، البلد الذي ما برح حكامه السنة يحاولون تعزيز قبضتهم على الشعب الذي تدين غالبيته بالمذهب الشيعي.
فقد عمد حكام البحرين الى استقدام سنة من دول اخرى في محاولة منهم لتعديل الميزان الطائفي في البلاد، وقد منح هؤلاء الجنسية البحرينية وحوافز اخرى منها فرص العمل في الاجهزة الامنية.
يشكل تململ شيعة البحرين مصدر ازعاج جدي للاسرة السعودية المالكة (البحرين موصولة بالسعودية عبر جسر الملك فهد). فالمنطقة الشرقية من السعودية تحتوي على نسبة عالية من السكان الشيعة، وهي منطقة انتاج النفط الرئيسية في البلاد. ويعتبر الحكم السعودي الشيعة طابورا خامسا لايران، دون توفير الادلة على ذلك.
ربما ينبغي للاسرة السعودية المالكية ان تشعر بالقلق لما يجري هذه الايام، فالملك عبدالله وولي عهده الامير سلطان قد تقدم بهما العمر ويعانيان من المرض.
وكان النظام السعودي يشعر بالقلق اساسا حول كيفية نقل السلطة الى جيل جديد من الامراء حتى قبل اندلاع الحركات الاحتجاجاية الاخيرة في العالم العربي.
واذا كان السعوديون يشعرون بالقلق، فلنا ان نتصور الحسابات التي تجري حاليا في واشنطن ولندن وغيرهما من العواصم الغربية.
فالدول الغربية التي ما برحت لسنوات عديدة تفخر بديمقراطيتها وبحقوق الانسان التي تتبناها لم تجد حرجا في دعم انظمة لا ديمقراطية مستبدة مستعبدة لشعوبها، وكل ذلك في استعراض للنفاق الدبلوماسي من اجل المصالح.
ولكن الآن يتعين على الغرب ان يتعامل مع شرق اوسط جديد، شرق اوسط لا يعلم احد كيف سيكون شكله.