TODAY - 23 February, 2011
المالية تستغرب الرقم وتقول انه «ضرب من الخيال».. وكتلة المالكي تؤكد: كانت بحماية الاميركان والامم المتحدة
مكتب الجلبي: قدمنا وثائق للنجيفي حول اختفاء 40 مليار دولار ولجنة الحقائق تتابع الملف
بغداد – ايلاف
قال مكتب النائب احمد الجلبي الذي يتزعم حزب المؤتمر الوطني امس الثلاثاء، انه زود مجلس النواب بـ"وثائق" تتعلق بنحو 40 مليار دولار من عوائد النفط قرر البرلمان متابعة كيفية انفاقها لأنها لم تقيد بعد، لكن مسؤولا رفيعا في وزارة المالية ذكر ان الحديث عن اختفاء مبلغ بهذا الحجم "ضرب من الخيال" رغم وجود كل انواع الاختلاس والفساد التي يتحدث عنها الجميع.
ويدور سجال واسع بين الكتل البرلمانية بشأن ما يعرف بـ"الحسابات الختامية" للدولة والتي لم تجهز بشكل نهائي بعد. وشهد الصيف الماضي سجالا بين رئيس الوزاراء نوري المالكي ووزير ماليته باقر جبر الزبيدي حول المبلغ الذي جرى انفاقه خلال ولايته التي امتدت اكثر من 4 اعوام، فبينما يقول الاول انه لم ينفق الا نحو 170 مليار دولار، تحدث وزير المالية السابق عن مبلغ يفوق 300 مليار دولار، دون ان ينتهي الامر الى نتيجة واضحة، وسط وعود بأن كل الارقام ستكون لدى البرلمان قريبا.
واعلن رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي امس الاول الاثنين، عن تشكيل لجنتي تحقيق لمعرفة مصير نحو 40 مليار دولار سحبت من صندوق التنمية العراقية (في نيويورك) والذي تودع فيه عوائد النفط.
وصندوق التنمية العراقية انشئ بموجب قرار اصدره مجلس الأمن الدولي في ايار (مايو) العام 2003، ويقضي بإيداع عائدات النفط في صندوق تنمية العراق، ويتم استقطاع نسبة 5 بالمئة من العائدات كتعويضات تمنح للكويت عن حرب 1991.
وفي تصريح لـ"العالم" اكد محمد الموسوي، مدير المكتب الاعلامي لحزب المؤتمر بزعامة الجلبي، ان الاخير "طرح جملة من التساؤلات" بهذا الشأن خلال جلسة البرلمان التي عقدت في 19 من الشهر الجاري. ويموضح لـ "العالم" ان كلمة زعيم حزب المؤتمر التي جاءت من خلال مداخلة في جلسة البرلمان "قد تضمنت اثارة العديد من التساؤلات التي تدور حول قروض وسلف لوزارات اخذت من ميزانية الدولة". وقال ان "الجلبي طلب من رئيس البرلمان تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشان مصير تلك الاموال".
ولم يدل المصدر بتفاصيل كافية حول القضية التي اثارها الجلبي، وما اذا تضمن طلبه التحقيق في اختلاسات، ام ان الامر يتعلق وحسب بعدم تسجيل اصولي لوجوه انفاق تلك المبالغ، مكتفيا بالقول "ان الرقم المذكور عبارة عن قروض وسلف اخذتها بعض الوزارات وتراكمت بمرور الوقت".
وفيما اذا توفرت وثائق تؤكد سحب مبلغ بهذا الحجم، اكد الموسوي "ان الجلبي ارفق رسالته ببعض الوثائق والكتب الصادرة من بعض الوزرات المقترضة تؤكد صحة ما طرحه الاخير داخل قبة البرلمان" بحسب قوله.
وقال النجيفي، خلال مؤتمر صحفي امس الاول ان تشكيل عدد من لجان التحقيق لمتابعة ملفات الفساد، سيتضمن "لجنتين تحقيقيتين حول مبلغ غائب يقرب من 40 مليار دولار سحب من صندوق التنمية العراقي، ولا نعرف أين ذهب".
وأضاف "لا توجد حسابات ختامية حتى الآن، يجب أن نعرف بدقة ما مصير هذه الأموال بالتعاون مع ديوان الرقابة المالية الحكومة ووزارة المالية".
لكنه استدرك قائلاً "بالتأكيد هي مصروفة باتجاه معين، لكن لم تظهر لدينا في الحسابات، ومجلس النواب سيحقق في قانونية صرف الأموال".
لكن فاضل نبي وكيل وزارة المالية استغرب هذا الحديث، قائلاً لـ "العالم"، "مع الاسف ان نسمع مثل هذا الكلام" بحسب قوله. ويوضح "لا يمكن ان نتخيل اختفاء مبلغ بهذا القدر الكبير دون ان نعرف اين ذهب، وانا لا ادافع عن احد، لكن، وبصفتي متخصصا في المجال المالي لا يمكن لاي جهة التلاعب بمبلغ يقارب الـ 40 مليار دولار دون معرفة اين صرفت". وحول وجود ملفات عديدة تؤشر وجود فساد وهدر مالي في اغلب مؤسسات الدولة قال نبي "لا نقول بانه لا يوجد فساد مالي في العراق، سيما والتقارير الدولية تؤكد ذلك، لكن ان يتم اختفاء نحو 40 مليار دولار دون معرفة ذلك فانه ضرب من الخيال" بحسب وصفه.
ويطالب وكيل الوزير "بمحاسبة مختلسي المال العام بعد اجراء التحقيق الدقيق حول الامر لو ثبت".
وعن الالية التي يتم من خلالها سحب المبالغ من صندوق التنمية العراقية قال المسؤول البارز ان وزارة المالية "هي الجهة الوحيدة المخولة بسحب الاموال من تلك الصندوق من خلال كتاب رسمي موقع من قبل الوزير والامين العام لمجلس الوزراء، فيتم اضافة المبلغ الى حساب العراق في البنك المركزي العراقي من اجل تمويل الوزارات والمحافظات والاقاليم". وعن مقدار ما يتم سحبه اوضح "عادة ما يتم سحب نحو 10 مليارات دولار فما دون كمصروفات".
وتعليقا على ذلك ذكر خالد شواني عضو التحالف الكردستاني ورئيس اللجنة القانونية في البرلمان، انه لا يمكن الجزم حيال المبالغ التي اعلن عنها فيما اذا تم صرفها او اخراجها من صندوق التنمية العراقية، موضحاً لـ "العالم"، ان "الادعاء بسحب المبلغ المذكور كان بطلب احد اعضاء البرلمان، الامر الذي ارتأت معه رئاسة البرلمان تشكيل لجنة لتقصي الحقاق لمعرفة حقيقة هذا الامر الخطير" بحسب وصفه.
وتابع "لا نستطيع تأييد صحة ما تم طرحه على البرلمان من عدمه الا بعد انتهاء لجان التحقيق من كتابة تقريريها حول المسألة".
بدوره اعتبر علي العلاق، عضو ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، المبلغ الذي اشير اليه داخل البرلمان نتيجة مبالغ متراكمة عبر سنين مضت، مؤكداً لـ "العالم" ان الاموال التي سحبت من صندوق التنمية العراقية "كانت تحت حماية الاميركان والامم المتحدة وبالتالي لا يمكن اعتبارها اموالاً كانت تحت تصرف الحكومة العراقية لنتمكن معرفة اوجه صرفها" بحسب قوله.
ويضيف "ربما كان هناك هدر للمال خاصة في زمن الحاكم المدني (بول بريمر) الامر الذي يحتاج الى تحقيق في الادعاء بسحب مبلغ بهذا القدر" مرجحاً "ان يستغرق التحقيق بعض الوقت سيما وان بعض الاموال المسحوبة كانت على شكل قروض يحتاج الى تصفية حسابات وهذا بحد ذاته يحتاج الى فترة من الزمن لاتمامه".