المركزي: القرار يذكرنا بتعليمات صدرت قبل 40 عاما وتحفظ عليها الخبراء
مخاوف من «حرق اموال» في الوزارات إثر تهديد الموازنة بمعاقبة من يتلكأ في الانفاق

بغداد – العالم
ابدى اعضاء في السلطتين التشريعية والتنفيذية امس الثلاثاء، ترحيبهم بالبند الذي تضمنته موازنة العام 2011 والقاضي بعزل الوزير في حال عجز وزارته عن انفاق 70 % من مخصصاتها المالية، لكنهم حذروا من ان تسير الامور باتجاه غير مفيد.
وطالب مسؤولون بضرورة التشديد على تنفيذ المشاريع لا مجرد الانفاق، بينما حذر البعض من ان يؤدي القرار الى تكريس «سياسية حرق الاموال» وصرفها «كيفما اتفق» مستذكرين قرارا مشابها صدر قبل 40 عاما وواجه جملة تحفظات.
وسجلت العديد من الوزارة والحكومات المحلية نسب انفاق متدنية لمخصصات المالية السنوية لم تتعد بعضها 3 %، وهو ما انعكس على الاخفاق في انجاز المشاريع المعلنة.
وفي تصريح لـ «العالم» امس الثلاثاء، قال وكيل وزارة الزراعة مهدي ضمد القيسي «نحن مع هذا الاتجاه لان الوزارة التي لا تتمكن من صرف موازنتها الاستثمارية في الحدود الدنيا، سيكون من غير المنصف عدم مساءلتها».
واضاف القيسي «ما يخص عملنا كوزارة زراعة، نأمل ان نكون عند حسن الظن وسنفي بالتزاماتنا بموجب خطط وضعناها مبنية على اسس علمية وتطبيقية»، مؤكدا «سنكون قادرين على تنفيذ هذه الخطط وحتى الاموال الاضافية التي خصصت لنا انجزنا تبويب صرفها على مشاريع مهمة».
وعن اسباب اخفاق بعض الوزارات في انفاق مخصصات الذي يؤدي عادة الى العجز عن تنفيذ المشاريع، يقول وكيل وزارة الزراعة «لم نتمكن من صرف كامل موازنة 2010 ونحن الان في طور اعداد الحسابات الختامية للعام الفائت، ولن تتبع الوزارة سياسة حرق الاموال لان جميع مشاريعنا تطبيقية وتخدم الفلاحين والمزارعين».
ويتابع القيسي «ما لم ننفقه من مشاريع الموازنة السابقة كان بسبب الاحوال التي مرت على البلاد ، وجانب من تلكؤ الصرف متعلق بالاطلاقات التي تأتي من وزارة المالية وهذه اشكالية عامة».
ويشدد الوكيل على ان تلك الاسباب «جعلتنا مكبلين ولا نستطيع التعاقد، وكانت الدفعة الاخيرة من المستحقات تأتينا من المالية في شهر تشرين الاول او تشرين الثاني (نهاية السنة) وبالتالي فإن عملية الاطلاق ومن ثم التعاقد والاعلان عن المناقصات تكون مع نهاية العام وفي هذه الحالة لن تتمكن المالية من تدوير الاموال».
لكن القيسي يستدرك بالقول «يحدونا تفائل هذا العام بأن يكون صرف موازنة 2011 بشكل اسهل، اما الجانب الاخر في عملية المعاناة في صرف الموازنة المخصصة لنا له علاقة بالجانب الامني فمثلا محافظة ديالى كانت محافظة غير مستقرة ولم نتمكن من ارسال تخصيصاتها المقررة».
وختم بالتأكيد على «جدوى اصدار هكذا تعليمات وهي تتماشى مع مبدأ الثواب والعقاب ولكل حالة وضعها الخاص، وانا اتحدث بصورة عامة وما صدر من تعليمات حالة صحية».
بدوره رأى نائب محافظ البنك المركزي العراقي احمد بريهي في لقاء مع «العالم» ان صدور تعليمات مشددة ترافق اقرار قانون الموازنة «امر ليس بجديد على الادارة المالية في العراق، فقد صدرت تعليمات مشابهة ايام ما عرف بالتنمية الانفجارية في سبعينات القرن الماضي، وعندما كانت موارد النفط قد ارتفعت فوق طاقة استيعاب الاقتصاد العراقي آنذاك».
لكنه يشير الى ان «اهل الخبرة حينها ابدوا تحفظهم على هكذا تعليمات بدعوى ان المفروض ان يكون التاكيد على تنفيذ البرامج لا على حجم الانفاق، وخاصة برامج الاستثمار والبرامج التي تستهدف تحسين الاداء في قطاع الخدمات».
ويشدد بريهي على ضرورة ان تتوجه مثل هكذا قرارات الى «الحث على تنفيذ الموازنة والعناية بمضامينها، وليس بشكلها الانفاقي وتعجيل تنفيذ المشاريع الاستثمارية بكفاءة وبأقل التكاليف وتطبيق المضامين يحتاج من الدولة ان تتحرك فورا لتطوير ادارة المشاريع».
ويحذر نائب محافظ البنك المركزي من مخاطر هكذا قرارات بالقول «سياسة حرق الاموال اتجاه خطر، ولذلك نحتاج الى ايضاحات تقدم من وزارتي المالية والتخطيط بأن المقصود هو تنفيذ البرامج في مجال الاستثمار وفي مجال تطوير الخدمات كي نتحاشى مخاوف تطبيق هذه السياسة».
ويقلل بريهي من أهمية القرارا بالاشارة الى ان عجز الوزارات والمؤسسات عن الانفاق «ليس في جميع فقرات الموازنة، بل ان التلكؤ في الانفاق كان في تنفيذ مشاريع البنى التحتية وبالدرجة الثانية في التجهيزات وليس في المدفوعات النقدية في الاجور والمخصصات» ويشدد بالقول «كان يجب ان يذهب التوجيه الى الانفاق على مشاريع البنى التحتية».
وعما ينطوي عليه بند الموازنة العامة من وعيد، يقول بريهي «لا افهم ان المقصود هي العقوبة، بل المقصود هو الحث وكنت اتمنى ان تنصرف اذهان السلطة التنفيذية الى المضامين مباشرة».
ويوضح «نحن نحتاج الى تطوير القدرة الوطنية على الاعمار بجميع عناصرها، ومنها تطوير ادارة المشاريع في الدولة التي هي الان ضعيفة جدا بدءا من اعداد المشروع ومناقصاته واحالته والتنفيذ والرقابة فضلا عن ضعف القطاع الخاص الذي ينفذ مشاريع الدولة».
وتعليقا على ذلك تقول عضو اللجنة المالية في مجلس النواب نجيبة نجيب «هذا النص جاء على خلفية التلكؤ في صرف التخصيصات المالية لاغلب الوزارات، وكانت هناك عشرات المشاريع التي خصصت لها اموال طائلة ولكن لم تنفذ».
وتوضح النائبة عن التحالف الكردستاني في حديث لـ «العالم» ان الاموال العراقية «تهدر والشعب بحاجة الى هذه المشاريع الاستثمارية التي كان المفروض ان تخدمهم، وأحقية هذا الشعب في رؤية مشاريع منجزة تقدم له الخدمات».
وتؤكد النائبة اهمية اتخاذ هكذا قرارات تعزز الدور الرقابي لمجلس النواب على اداء المؤسسات التنفيذية الذي اتسم بالاخفاق خلال الاعوام الماضية، وتؤكد ان «الاخفاق بدون عذر مشروع سيسبب اقالة الوزير او الشخص المسؤول بشكل مباشر، لانه لم يكن على قدر تحمل مسؤولية هذا الشعب وعليه لا يجوز له البقاء بمكانه».
وتضيف «كان هناك مشاريع ضرورية وحيوية كالجسور والمدارس والمستشفيات ولكن انجازها كان يتأخر وكان هناك تلكؤ كبير في انجازها وهي التي دفعت مجلس النواب الى ادراج هكذا مادة في الموازنة وهدفها خدمة الشعب والدفع الى انجازها».
وتقول النائبة نجيب ان رئاسة مجلس النواب «لمست من خلال اجتماعاتنا المستمرة مع الوزراء والمسؤولين داخل اللجنة وجود رغبة حقيقية لانجاز المشاريع المخطط لها في جميع الوزارات».