TODAY - March 02, 2011
مستخرجو نفط الرميلة يحصلون على هدايا بـ20 مليون دينار.. والمصدرون ساخطون
اكبر محطة ضخ للبترول العراقي: بغداد تحرمنا من حوافز بي بي وتقنياتها الحديثة

البصرة – العالم
تسبب دخول شركات النفط العملاقة الى العراق، بشطر العاملين في اكبر حقل للنفط العراقي الى قسمين، فبينما يعيش نحو نصف العاملين العراقيين هناك سعادة كبيرة بالامتيازات المالية التي تقدمها لهم شركة بي بي البريطانية، والتي تصل الى نحو 20 مليون دينار سنويا، اضافة الى التعامل مع التقنية الحديثة والخبرات الاجنبية، فإن أقرانهم من الكوادر العاملين في الحقل نفسهم يقولون انهم محرومون من ذلك.
وتعمل هذه الشركة على تطوير انتاج النفط لكنها تستثمر في مجال الاستخراج فقط، اما المنشآت المهمة الاخرى والتي تتولى ضخ النفط وتوزيعه، فقد أبقاها العراق خارج سلطة الشركة الاجنبية ليبقى التحكم بتصدير النفط حكرا على بغداد كحق سيادي. لكن هذا ادى الى حرمان مئات الموظفين والخبراء المحليين من امتيازات مالية تعد كبيرة، كما جعلهم يتأسفون لعدم شمول اقسامهم بالتقنيات الحديثة التي تدخل مع عمالقة البترول، مؤكدين انهم يعملون بمعدات قديمة ومتهرئة ويتوقون الى التعامل مع الخبرات والتجهيزات الحديثة في مركز صناعة الطاقة بالعراق.
وبدأت الحكاية مع كوادر محطة ضخ البترول العراقي الرئيسية والتي توزع نحو 75 في المائة من انتاج الحقول جنوبا نحو منصات التصدير البحري، وشمالا نحو السوق المحلية. حيث يعمل هؤلاء على ضخ نفط الرميلة الحقل المعادل في حجمه لاحتياطيات بلد مثل الجزائر.
اذ بقي كادر ضخ البترول (نحو نصف العاملين في الحقل) على ملاك شركة نفط الجنوب لأن العراق لم يتخل عن تحكمه بضخ البترول. بينما حظي اقرانهم في أقسام الانتاج والاستخراج بتنسيب من الشركة العراقية الى هيئة تشغيل حقل الرميلة التي يديرها العملاق البريطاني بي بي، عبر عقد عمل يمتد لعدة اعوام.
ويقول عدد من المهندسين في محطة بي اس 1 وهو اختصار لكلمة pomb station 1 اي محطة الضخ رقم 1، وهي الاكبر والاهم في البلاد، في حديث لـ"العالم"، ان اقرانهم في قطاع استخراج النفط كانوا محظوظين بما يسمى "المصافحة الذهبية".
فقد جرى تنسيب كوادر الاستخراج الى هيئة تشغيل حقل الرميلة بقيادة بي بي، وخلال توقيع عقد العمل الجديد جرى منحهم مكافأة مجزية بعد "المصافحة الذهبية" بين الطرفين، وهم يتلقون تدريبا على التقنيات الحديثة ويكتسبون مهارات لغوية بفضل الاحتكاك بالخبراء الاجانب، ظل اقرانهم يحسدونهم عليها.
ويقول احد المهندسين "مع كل زيادة في الانتاج تربح شركة بي بي البريطانية اكثر من دولار عن كل برميل نفط اضافي، ولقاء ذلك فإنها تكون سخية جدا مع الكادر العراقي العامل معها".
ويضيف "اليوم بات معدل ما يحصل عليه الموظف العراقي العامل مع بي بي، نحو 20 مليون دينار سنويا (17 ألف دولار) فضلا عن راتبه، وهناك مخصصات اخرى يتلقاها كل 3 شهور".
كما يتحدث عن احلام كبيرة بدأت تراود العاملين هناك، فالشركات الاجنبية "معروفة بعنايتها بالكوادر والخبراء، وهناك من يقول ان القادم اكبر من مجمعات سكنية وصحية وضمانات وتأمين على الحياة..الخ".
لكن الكادر العراقي الذي يعمل في الحقل نفسه داخل قطاع الاستخراج ظل محروما من هذا الامتياز، ويقول المهندسون "يبدو اننا اصبحنا ضحية رغبة العراق في السيادة على صمامات الضخ والتصدير".
ويقولون ان هناك ممن شمل بالمخصصات الجديدة "من المنظفين والإداريين العاديين وأقسام أخرى لا يبذل موظفوها جزءاً يسيراً مما نبذله في عمليات ضخ النفط".
وقبل نحو 10 ايام قام كوادر محطة bs1 والمستودع التابع لقسم الخزن وتصريف النفط الخام، بتظاهرة سلمية داخل موقع العمل عبروا فيها عن استيائهم من الإجحاف الذي تعرضوا له.
ويقول كوادر bs1 أن حلقات العملية الإنتاجية مترابطة بسلسلة عمل مكملة لبعضها، بدءاً من حفر البئر النفطي ومعاملته بالعوازل في قسم الإنتاج، مرورا بقسمهم الذي يتولى الخزن وتصريف النفط الخام. وأضافوا ان محطةbs1 التي تضم خزانات عملاقة ومضخات توربينية، هي الحلقة الأولى في تصدير النفط العراقي وان عملهم يشتمل على عناء ومخاطر كبيرة في الصحراء البعيدة.
وقال هؤلاء "أن أعمالنا مرادفة لعمل قسم الإنتاج وقد تزيد على ذلك، حيث تتضمن أعمالنا ضخ النفط للخط الاستراتيجي، ومنه للمعامل المحلية ومحطات توليد الكهرباء والمصافي على طول الخط الرئيس، وهذا كله يبدأ من محطتنا. نحن نركز على هذه المحطة باعتبارها المحطة الأولى في شريان خط النفط الاستراتيجي".
وأضاف المهندسون "تخيل ان اغلب التوربينات والأحواض قديمة أنشأت في مستهل السبعينيات وتجاوزت العمر الافتراضي، وهي بحاجة الى تقنيات حديثة حالها حال مكامن الاستخراج، لكنها لم تشمل بالاستثمار الاجنبي".
ويقولون ان الامر لا يتعلق بالمال والمخصصات فقط، بل ان زملاءهم في قسم الانتاج "ينعمون بفرص التطور العلمي والفني واللغوي، وخاصة عبر الايفادات والدورات التدريبية في الخارج والتي تقدمها لهم واحدة من اكبر الشركات النفطية في العالم".
واكد كوادر محطة الضخ bs1 أن الجهود التي يبذلونها في إدارة محطة الضخ مضاعفة بسبب قدم توربينات وأحواض المحطة وهو ما يضعهم في حالة استنفار مستمرة لتلافي الأعطال والمخاطر المتوقعة، إضافة إلى مهام الخروج للمناطق المنقطعة والنائية لإصلاح الأنابيب وتعرضهم للمخاطر، كما أن عمل محطتهم مرادف لعمل الأقسام المشمولة بجولة التراخيص، حيث أنهم يتحكمون بضخ النفط، "فما جدوى إنتاج النفط دون ضخه للمستورد المحلي والعالمي، وهي المهمة؟" وهذه كما قالوا، مرحلة مهمة لكنها مهملة من قبل الإداريين في الشركة والوزارة والسياسيين.
وقالوا أن إعمال المستودع تتم عبر حلقة متكاملة من المشغلين الذين يديرون المحطات التوربينية والخزانات والصمامات وخطوط الضخ والأنابيب، وكلها قديمة ومستهلكة إلى أبعد مدى، وقد ترتبت على الكادر الوسط والمهندسين أعباء جسيمة ومضاعفة بسبب زيادة الإنتاج.
وأضافوا "أن الخزانات ضخمة جدا وتحتوي على كمية من النفط تزيد 10 أضعاف على المرحلة السابقة، مما يتطلب فحصهاً يومياً لأكثر من مرة، وقد تلافينا الحوادث حتى الآن، مع أن الكوادر بدأت بالتململ بسبب الجهود التي تبذلها وما أصابها من غبن".وقالوا أن عدم شمول محطتهم بجولة التراخيص قد أعاق تطوير أقسامها وكوادرها ومساهمتها في زيادة الإنتاج.
وقال هؤلاء أن هناك حديثا عن ان وزير النفط عمم كتاباً بصرف مكافأة تصديرية مقطوعة لهم تبلغ حوالي مليوني دينار، لتهدئة الخواطر لكن ذلك لم ينفذ بعد.