TODAY - August 20, 2010
العراقية: راغبون بعلاقات جديدة شكلاً ومضمونًا مع إيران
حوار الرسائل يعيد مفاوضات علاوي والمالكي لتشكيل الحكومة

أسامة مهدي
إستأنف زعيما الكتلة العراقية وائتلاف دولة القانون الحوار لتشكيل الحكومة الجديدة بعد توقفها بسبب التحريض وتبادل الإتهامات، فيما أكدت العراقية على بضرورة توطيد العلاقات مع دول الجوار، ومنها ايران، التي يجب ان تاخذ العلاقات معها شكلا ومضمونا مختلفين عن السابق.
اثمرت رسائل متبادلة بين زعيمي الكتلة العراقية الفائزة في الانتخابات اياد علاوي وائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء نوري المالكي عن اعادة العلاقات واستئناف الحوارات بينهما لتشكيل الحكومة الجديدة بعد ثلاثة ايام من اعلان توقفها نتيجة تصريحات تبادل خلالها الطرفان اتهامات بالطائفية.. حيث يؤشر هذا التطور عودة الى المشروع الاميركي لتقاسم السلطة بين الكتلتين خاصة بعد التقارب الذي حصل خلال اليومين الماضيين بين العراقية والتيار الصدري العدو اللدود للاميركان وللمالكي ورافع راية المعارضة للتجديد له.
رسالتان توضيحيتان تستأنفان العلاقات
فقد أعلن في بغداد ان علاوي تلقى رسالة من المالكي حملها رئيس تجمع كفاءات ضمن ائتلاف دولة القانون الناطق الرسمي إأسم الحكومة علي الدباغ يبدي فيها استعداده لبدء صفحة جديدة في العلاقات. وقال القيادي في العراقية اسامة النجيفي ان علاوي تسلم رسالة من المالكي حول تصريحاته الاخيرة "التي وصف فيها العراقية بأنها كتلة تمثل المكون السني الامر الذي اثار حفيظة علاوي وقائمته ". واوضح ان المالكي قد ابدى في الرسالة استعداده لبدء صفحة جديدة من العلاقات مع علاوي وبين كتلتيهما.
واضاف النجيفي في مؤتمر صحافي في بغداد الليلة الماضية ان العراقية تعتبر رسالة المالكي كافية وتعتبر الاشكال قد انتهى وهي تتمنى اقامة علاقات جيدة مع ائتلاف دولة القانون. واشارالى ان هناك قناعة لدى الكتل السياسية بان العراقية "هي من ستشكل الحكومة والتيار الصدري شريك مهم ومتجاوب وسيكون اقرب الحلفاء لنا"، واشار الى ان العراقية ستستأنف الحوار مع دولة القانون والائتلاف الوطني بزعامة الحكيم والتحالف الكردستاني للتعجيل بتشكيل الحكومة.
واكد النجيفي ايمان العراقية بضرورة توطيد العلاقات مع دول الجوار، وقال انه من هذا المنطلق فإنها تتطلع لاقامة افضل العلاقات مع هذه الدول ومنها ايران التي يجب ان تاخذ العلاقات معها شكلا ومضمونا مختلفين عن السابق، في اشارة الى القطيعة بين العراقية وطهران التي تعارض تولي علاوي رئاسة الحكومة المنتظرة. وشدد النجيفي على ان العراقية ستكون من خلال برنامجها الحكومي حريصة على ان لا يكون العراق منطلقا للاعتداء على اي من الجيران وهذه رسالة طمأنة لهذه الدول ومنها ايران. وتأتي رسالة التطمين هذه اثر التقارب الذي شهدته العلاقات بين العراقية والتيار الصدري المقرب من ايران، ويبدو انها تحمل طمأنة للتيار بعلاقات افضل مع طهران.
وجاءت رسالة المالكي هذه بعد يوم من اخرى مماثلة بعث بها اليه علاوي يؤكد فيها ان تصريحاته التي حملت توصيف الطائفي تخص حديث المالكي وليس شخصيته. وقال ان حديث المالكي الذي وصف فيه القائمة العراقية بأنها تمثل المكون السني هو حديث طائفي وليس شخصية المالكي هي الطائفية. وأضاف علاوي أن "القائمة العراقية قائمة المكون الوطني التي تضم جميع المكونات العراقية وليست قائمة مكون واحد".
وكان القيادي في ائتلاف دولة القانون حيدر العبادي اتهم العراقية بمحاولة تقاسم السلطات الامنية مناصفة مع التيار الصدري في حال تم تشكيل الحكومة المقبلة من قبل علاوي او اي مرشح اخر من ائتلافه. بعد لقاء مطول بين كتلة الاحرار الممثلة للتيار الصدري (40 مقعدا ضمن الاتئلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم في مجلس النواب) مع ائتلاف العراقية (91 مقعداً)، وتمخض الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة تعمل على توليف الحكومة العراقية المقبلة.
اتفاق بعد تبادل اتهامات
وكان علاوي اعلن امس الاول وقف مفاوضاته لتشكيل الحكومة الجديدة مع المالكي مالم يعتذر للقائمة العراقية التي وصفها بأنها تمثل طائفة واحدة هي المكون السني. واضاف في تصريحات ان المالكي كشخص طائفي لا يؤمن بالمشروع الوطني مطلقا. وشدد علاوي على ان القائمة العراقية مشروع وطني يمثل جميع فئات الشعب العراقي وتعمل من اجل المصالح الوطنية للعراق والعراقيين. وشدد على ان العراقية قائمة وطنية وليست قائمة سنية وهي تضم طيفا واسعا من القوميات العراقية. وطالب علاوي المالكي بالاعتذار لملايين العراقيين الذين صوتوا للقائمة العراقية كشرط لاستئناف المفاوضات من جديد.
لكن المالكي رفض فورًا اتهامات علاوي له بالطائفية وقال انه رئيس وزراء لكل العراقيين وليس لطائفة بعينها، واشار الى ان وقف علاوي لمفاوضاته معه هو تهرب من الحوارات الجدية المطلوبة وبإلحاح في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق من أجل تشكيل حكومة ممثلة للكتل السياسية والمكونات الاجتماعية. وكرر ايمانه بضرورة مشاركة القائمة العراقية في الحكومة الجديدة وقال انه لا يعيب العراقية بأنها تمثل في تركيبتها عمق مكون معين وهذا لا يعني اسقاط الآخرين في إئتلاف العراقية، بل ان الجميع هم ممثلو الشعب العراقي الذي اختارهم للمرحلة القادمة وكما هو الحال مع القوائم الأخرى والذين يمثلون يمثلون جميع الطيف العراقي بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية والقومية، فالجميع مطلوب منهم أن يدافعوا عن مصالح الشعب العراقي ويقودوا عملية النهوض بهذا البلد نحو آفاق التنمية والبناء".
عودة للمشروع الاميركي لتقاسم السلطة
واعتبرت مصادر عراقية عودة العلاقات بين علاوي والمالكي واستئناف الحوارات بين كتلتيهما بمثابة العودة الى المشروع الاميركي لتقاسم السلطة بين الكتلتين والقاضي بتشكيل "المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجية" الذي يوكل اليه عددًا من المهام بينها مراجعة القرارات الأمنيّة والعكسرية وحركة قطعات الجيش الى جانب الشؤون الاقتصادية والسياسة الخارجية، من دون أن يتعارض ذلك وصلاحيات الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والنواب. وينص المشروع على ان يكون المجلس " مسؤولاً عن المراجعة والتنسيق والنصح وتقديم التوصيات بشأن سياسات حكومة العراق الداخلية والخارجية والعسكرية المتعلقة بالأمن الوطني. كما تتضمن سلطات المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الإستراتيجية "مراجعة القرارات المتعلقة بسياسة التوظيف في القوات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليها" و"مراجعة الاتفاقيات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليها"، و"مراجعة المشتريات الدفاعية الرئيسة" اضافة الى "مراجعة الجهود الرئيسة لنشر الجنود والعمليات القتالية" و"مراجعة قضايا المحتجزين".
يذكر ان المجلس السياسي للأمن الوطني الذي تقترح الوثيقة الأميركية إستبداله بإطار تنظيمي جديد كان قد تأسس عام 2006 بالتزامن مع تشكيل حكومة المالكي، لكنه عومل بوصفه هيئة غير دستورية بسبب عدم مصادقة مجلس النواب على نظامه الداخلي. ويتكوّن المجلس السياسي للأمن الوطني من رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ونائبيه ورئيس مجلس النواب ونائبيه وممثلي الكتل السياسية في مجلس النواب اضافة الى ممثل لرئيس إقليم كردستان العراق.
واشنطن مستعدة للعمل مع اي رئيس وزراء يختاره العراقيون
واثر زيارته الاخيرة الى بغداد التي انتهت امس الاول كشف مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جفري فيلتمان أن بلاده مستعدة للعمل مع أي رئيس وزراء عراقي تختاره الكتل السياسية شريطة أن يكون قرار الاختيار "عراقيا"، في اشارة الى ما وصفه مراقبون بمحاولات اقليمية للتدخل في فرض شخصية رئيس الوزراء المقبل.
وقال إن المناقشات التي خاضها مع الكتل السياسية لم تكن تعني أن الولايات المتحدة هي من ستقرر الكتلة الأفضل بالنسبة للشعب العراقي بل هي محاولة لتقديم مقترحات وأفكار. وأضاف أن الواقع الذي اشارت اليه نتائج انتخابات اذار/مارس الماضي "هو أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي حقق أعلى الاصوات وتلاه زعيم العراقية اياد علاوي فيما حققت العراقية أعلى عدد من المقاعد وجاءت بعدها دولة القانون وهو ما يعني أن دولة القانون والعراقية هما الكتلتان الاكبر وأكثر الناس في العراق صوتوا لهما ولو كان ممكنا تشكيل حكومة مرتكزة على هاتين القائمتين الكبيرتين وباشراك القوائم الاخرى فسيكون هذا شيئا جيدا".. مستدركا بالقول "لكن هذا القرار ليس لنا". وشدد بالقول "لا نستطيع أن نتخذ القرارات التي يجب ان تتخذ من قبل العراقيين أنفسهم فالعراق بلد يمتلك سيادته ومهمتنا تتلخص بتقديم بعض الافكار والمقترحات بهدف مساعدة العراقيين على اتخاذ القرار بانفسهم". ونفى ما وصفته كتل سياسية متعددة بأنه ضغوط كبيرة مارستها الولايات المتحدة للتأثير على قرار القوى السياسية وفرض رئيس للوزراء مقرب منها.
وقال فيلتمان ان "كل من قابلناهم هنا في العراق كانوا يشيرون الى أن حكومة تشكلها دولة القانون والعراقية هو خيار جيد مع ادراكنا التام بأن الكتل الاخرى تمتلك دورا هاما يجب ان تلعبه". واضاف "لهذا نحن نرى ضرورة أن تكون الحكومة الجديدة شاملة وتعكس نتائج الانتخابات وتمثل كل مكونات الشعب العراقي".
وكان علاوي والمالكي عقدا اجتماعين خلال الشهر الماضي كما دخلت كتلتيهما في مباحثات جدية للاتفاق على تشكيل الحكومة المنتظرة لكن هذه المباحثات اصطدمت باصرار كل منهما على منح رئاسة هذه الحكومة الى زعيمها اللذين رفضا ايضا مشروعا اميركيا لتقاسم السلطة.
وكانت الانتخابات التشريعية الاخيرة قد افرزت فوز اربع كتل رئيسية هي ائتلاف العراقية بزعامة اياد علاوي (91 مقعدا) وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي (89 مقعدا) والائتلاف الوطني (70 مقعدا) والذي يضم المجلس الأعلى الاسلامي والتيار الصدري وحزب الفضيلة وائتلاف القوى الكردستانية (57 مقعدا) والذي يضم التحالف الكردستاني وعدة احزاب كردية اخرى وهو ما يفرض تحالف عدة اطراف لضمان الأغلبية اللازمة في مجلس النواب الذي يضم 325 مقعدا لتشكيل الحكومة.
elaph