TODAY - August 22, 2010
لقاء خاص مع رئيس الوزراء نوري المالكي


معد ومقدم البرنامج : الدكتور محمد الطائي
في البداية وجه معد ومقدم البرنامج الدكتور محمد الطائي سؤاله لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن رؤيته للملف الأمني وكيفية وصفه في الوقت الراهن؟،وفي رده أعرب المالكي عن تطلعه لأن يتجه للأفضل،لافتاً إلى أن الأمن كان مفقودا في السابق، وقد نجحت الحكومة في إخماد الفتنة الطائفية،موضحا أن الحكومة قادت معركة شرسة ضد التنظيمات الإرهابية وإنتصرت مما ساهم في عودة الأمن وأجواء الهدوء والعلاقات الطيبة بين أفراد الشعب العراقي،لافتاً إلى بقاء بعض العناصر المتخفية والتي عدها مشكلة لازالت باقية،مشيراً إلى الحاجة الماسة لجهاز إستخباري يساهم في كشف هذه الخلايا والقضاء عليها ليستقر الأمن في البلاد.
وفيما يتعلق بالحملات العسكرية التي تشن على الإرهابيين،أوضح المالكي ان صولة الفرسان مثلاً قد عارضها البعض ولكن الحملة حازت على تأييد نسبة جيدة من القوى السياسية، وأرجع زيادة عدد الحملات العسكرية ( الصولات ) كما اسماها إلى الإنتشار الكبير للإرهابيين في مجمل محافظات العراق،مما يقتضي جهدا كبيراً للقضاء عليهم،مشيراً إلى قيام الجيش العراقي بعمليات عسكرية في عدة محافظات،لافتاً إلى أن العملية في ديالى والموصل كانت معقدة وبحاجة لجهد اكبر لانها كانت مركز للقاعدة وحزب البعث الإرهابيين،إضافة لظروف جغرافية ونقص عدد القوات بها التي زادت من تعقيد العملية بها.
وفي رده على سؤال للبرنامج حول التعرض لضغوط سياسية وتدخلات من جهة سياسية ما ؟،نفى المالكي ذلك الأمر،لافتاً إلى أنه منذ البداية عمل على عزل التدخلات السياسية والتأثيرات الطائفية عن العملية الأمنية عزلا تاما.
وفيما يخص جهاز مكافحة الإرهاب وأدائه أوضح المالكي ان هذا الجهاز من أكثر الأجهزة مهنية،لافتاً إلى أن مشروع مكافحة الإرهاب لم يكن موجها لجهة معينة ولم يتم تسييسه ولم يترك مجالا لأي جهة من أجل التأثير عليه،رغم وجود بعض المحاولات من جهات تمثلت بتهديد قضاة وضباط،مؤكداً على أنه هو وكل القادة الأمنيين حرصوا على مهنية الجهاز وأدائه.
وفيما يتعلق بعدم تنفيذ بعض الأحكام الصادرة،أوضح المالكي ان ذلك يخضع لطبيعة بعض القضاة والقانون العراقي القاضي بضرورة مصادقة هيئة الرئاسة على أحكام الإعدام،مؤكداً عدم وجود جهة سياسية تسعى لإيقاف الأحكام،موضحاً أن أحكام الإعدام نوعان أحدها صادر عن محكمة خاصة تشكل بقرار خاص كالمحكمة الجنائية العليا التي حاكمت المقبور صدام وزمرته،مبيناً أن القضاء العراقي ورئيس مجلس القضاء لا يشرف عليها لأنها مختصة بعمل خاص ولا تحتاج إلى مصادقة مجلس الرئاسة على الأحكام التي تصدرها،مبيناً أن هناك أحكاما صادرة عن مجلس القضاء الأعلى وهي تحتاج إلى مصادقة مجلس الرئاسة،مشيراً إلى أن إصرار بعض أطراف مجلس الرئاسة على حاجة احكام المحاكم الخاصة لمصادقة مجلس الرئاسة كان سبباً في إيقاف تنفيذ بعض أحكام الإعدام التي صدرت،وخاصة بعض الضباط بدعوى أنهم كانوا مأمورين من قبل صدام،لافتاً إلى أن هذا الإصرار كان مبني على خلفيات طائفية وسياسية،مبيناً أن الرغبة في عدم خلق أزمة سياسية كان السبب وراء الإنتظار ورفع القضية للمحكمة الإتحادية مجدداً للنظر فيها وتقرير مصير القرارات التي تصدر من هذه المحاكم بالرغم من أنه تم رفعها سابقاًً للمحكمة وأجابت بجواب واضح أن القرارات لا تحتاج لمصادقة مجلس الرئاسة.
وفيما يختص بالمصالحة مع البعثيين والقتلة من أركان النظام المباد،أشار المالكي إلى أن الدستور يمنع المصالحة معهم ولا يمكن تطبيق المصالحة الوطنية مع من قتل العراقيين في الشمال والجنوب وإرتكب المجازر ومن لازال يؤمن بفكر البعث ويمجده،مشدداً على أنه لا يعترف بالمصالحة مع المجرمين دون أن يأخذ القضاء حقه،موضحاً أن تأجيل قرارات الإعدام والمطالبة بوقف تنفيذها لا يندرج ضمن مشروع المصالحة الوطنية بل قد تكون نوعا من الإنحياز الطائفي أو السياسي،مشيراً إلى أن المصالحة تكون مع من تخلوا عن البعث وأفكاره وتابوا وأصلحوا،بحد تعبيره،ومن ثبت أنه لم يرتكب الجرائم بحق العراقيين،ومع من إنضم للميليشيات المسلحة ولكنه لم يقتل ويرتكب الجرائم.
وفي رده على سؤال للبرنامج حول ما يعتبره البعض أن مشروع المصالحة الوطنية هو مضيعة للوقت،أوضح المالكي أن المصالحة ليست مضيعة للوقت بل هي كانت سببا في السيطرة على الأوضاع الأمنية وتحسنها.
وعن قانون المساءلة والعدالة وهل سيندرج ضمن مشروع المصالحة وتذوب قرارت هيئة المساءلة والعدالة،أوضح المالكي أن مسألة قانون المساءلة مسألة قانونية ولا يُسمح بتسييسها،لافتاً إلى أن ردة الفعل الشعبية حيال قرار الهيئة التمييزية دليل على عدم الرغبة في تسييس المسألة،مبيناً أن الهيئة التمييزية أعادت النظر في قراراها،ولا يمكن تسييس هذه المسألة أو إخضاعها للمصالحة الوطنية،مطمئناً الشعب العراقي إلى أن مسألة المساءلة والعدالة لن تذوب في مشروع المصالحة الوطنية،مؤكداً على أن المصالحة مع البعثيين ومن لايزالون يمجدون جرائمهم هو إساءة لمشروع المصالحة الوطنية بحد ذاتها.
وعن المحاصصة وما يعتبره البعض وجها من أوجه المصالحة الوطنية،أشار المالكي إلى أن المحاصصة ليست من المصالحة،لافتاً إلى أن المصالحة أنجزت مشروعها بين مكونات الشعب العراقي وأنهت حالة الإقتتال على الهوية والمذهب،وأعادت الأمور إلى طبيعتها،أما المحاصصة فهي نظام سياسي مبني على خلفيات سياسية تتمثل في الإنتقال من حكم الدكتاتورية والشمولية إلى الحرية والتعددية السياسية،دفعت بالقوى للمشاركة في العملية السياسية،وطرحت فكرة المحاصصة لدفع ودعم المشاركة في العملية السياسية،موضحاً أن الظروف التي تلت إسقاط النظام المباد أمنت بضرورة المحاصصة بينما الآن إنتفت الحاجة لها،مؤكدا أن برنامج كتلة دولة القانون الإنتخابي يقوم على إلغاء المحاصصة من قاموس العملية السياسية،بحد تعبيره،داعيا الشعب العراقي إلى التركيز على إنتخاب قائمة كبيرة تضم مرشحين من مختلف الإتجاهات السياسية للتخلص من المحاصصة،مشددا على ضرورة الشراكة الوطنية والتي تعني مشاركة الجميع في الحكومة مع أخذ الكفاءة والمهنية بعين الإعتبار،موضحاً أنه يفضل تشكيل الحكومة على أساس الأكثرية والأقلية البرلمانية.
وحول تغيير النظام وتصريحه السابق بأن يتم إختيار رئيس الوزراء بالإقتراع المباشر من قبل الشعب،أوضح المالكي ان النظام السياسي برلماني بينما الدستور لم يكرس شكل النظام ان كان برلمانيا او رئاسيا،موضحا أنه صرح بتفضيله ان يكون النظام رئاسيا حتى يختار الشعب الرئيس والذي سيشكل حكومته ويستمد قوته من الشعب،بحد تعبيره،مبيناً أن تغيير النظام يحتاج إلى تعديل دستوري يصوت عليه الشعب،كما ان هناك فقرات عدة من الدستور تحتاج للتعديل،لأن الدستور ينبغي ان يكون حاميا لوحدة البلد ومانعا للطائفية لخلق حكومة قوية وقادرة على خدمة الشعب والبلاد،مشيراً إلى أن هناك تداخلا بين صلاحيات الحكومة الإتحادية وحكومات الأقاليم والحكومات المحلية.
وفيما يخص العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان،أوضح المالكي أن حال العلاقة يتجه نحو الإيجابية،وأن المسائل العالقة تتجه نحو الحل،كمسألة العقود النفطية التي سلمت حكومة الإقليم نسخة منها لدراستها من قبل وزارة النفط،مبيناً أنه تبلغ بإمكانية ان تكون العقود مقبولة ويتم توقيعها لينتهي بذلك فصل مهم من فصول الخلاف بين الحكومتين،بحد قوله،مبيناً أن وجود الدكتور برهم صالح في رئاسة الحكومة ربما يكون أحد الأسباب في توجه الخلافات نحو الحلول،إلا أنه اشار إلى أن الظروف السياسية التي تم فيها تأسيس هذه القضايا قد تغيرت والتغير الحاصل في العملية السياسية الذي أولد النضج في طبيعة التعامل مع السلطة،هو العامل الأكبر في إيجاد فضاءات لحلول المشاكل بين الجانبين،مؤكدا أن الشعور بضرورة الوحدة الوطنية وحمايتها لدى الجميع يقف خلف جميع التوجهات الإيجابية التي ستساهم في حل جميع المشاكل.
الدكتور الطائي وجه سؤالاً حول تقييم أداء مجالس المحافظات بعد حوالي العام من إستحواذ دولة القانون على غالبية المقاعد بها،وفي بداية الرد أوضح المالكي ان مجالس المحافظات إستلمت واقعا من حكومات سابقة وإفتقاد الميزانية المساعدة وبخلاف الأزمة المالية التي عصفت بالعراق والعالم أجمع،مبيناً أن مجالس المحافظات لم يتوفر لها الرصيد لإتمام المشاريع التي كانت الحكومات السابقة قد بدأت بها،مؤكداً أن ما يخصص لمجالس المحافظات من الموازنة ليست كلها باليد مباشرة للمجالس بل هناك جزء مخصص للوزارات،لافتاً إلى أن التغيير الذي سيحصل في الحكومة المقبلة من دمج وإلغاء بعض الوزارات سيساهم في زيادة مخصصات المجالس،مبيناً أن ما تعرض له العراق أثر على الحركة الإقتصادية في المحافظات،معرباً عن أمله في ان تسهم الموازنة الجديدة في تطوير واقع المحافظات.
وبخصوص العملية الإنتخابية،أوضح المالكي ان قائمة دولة القانون تضم أحزابا وشخصيات مؤتلفة وهو رئيس القائمة وبالتالي فإنه يتحدث بإسم القائمة أكثر من إسم حزب الدعوة، مبيناً أن البرنامج الإنتخابي للقائمة يقوم على فرض السيادة والوحدة الوطنية ونبذ الطائفية ومكافحة الإرهاب وتوفير الخدمات وغيرها مما يساهم في بناء البلاد،مبيناً أن دور إئتلاف دولة القانون يستمر لما بعد الإنتخابات في إدارة البلد أو المشاركة في ذلك.
وعن التحالف مع الإئتلاف العراقي،اكد المالكي ان باب التحالف مفتوح لأنه ضرورة تفرضها العملية السياسية وتشكيل الحكومة التي تقتضي نسبة النصف زائد واحد والتي من الصعب ان تحققها كتلة لوحدها،مبيناً أن أي تحالف سيكون بعد إجراء الإنتخابات.
وفيما يتعلق بما سمي بإنقسام الكتلة الشيعية،أوضح المالكي انه ليس هناك شىء إسمه كتلة شيعية وأن الإئتلافات تضم مختلف المذاهب،لافتاً إلى أن الكتلة الشيعية قد تجاوزت تلك المرحلة وبإمكانها الآن الإتفاق على الثوابت لإدارة الدولة.
وعن العشائر ودورها والمؤتمرات التي يعقدها رئيس الوزراء معها،أوضح المالكي ان هذه المؤتمرات ليست لأغراض إنتخابية،بل تقدير لموقف ودور العشائر في محاربة القاعدة الإرهابية،وهي شريحة حيوية من شرائح المجتمع المدني قادرة على لعب دور حيوي بجانب الدولة،مؤكدا رغبته في تشكيل مجلس وطني للعشائر العراقية.
وعن تأثير المال العربي ودول الجوار في العملية الإنتخابية وكسب أصوات الناخبين،أكد المالكي على أن المال يؤثر في نفوس البعض ممن يبيعوا انفسهم وقد يؤثر في البرامج والمشاريع إلا أن تأثيره على مستوى محدود جداً،مبيناً أن المرجعيات الدينية أفتت بتحريم بيع الأصوات،لافتاً إلى أن المواطن العراقي لديه كبرياء يمنعه من بيع صوته بأي مقابل كان وان المواطن لن يبيع صوته بمقابل مائة دولار او غيره،مشدداً على أن الأموال لن تجدي نفعاً لان أصوات العراقيين أصوات شريفة لاتباع بالمال.
وفي رد على سؤال عن تدخلات دول الجوار بشكل مباشر او غير مباشر في العملية الإنتخابية وكيفية منع ذلك،أشار المالكي إلى دعم إجراءات المفوضية في حماية صناديق الإقتراع وحماية نزاهة وشفافية العملية الإنتخابية،مؤكدا على أنها معركة ويحاول الخارجي ان يتدخل عبر بعض القوى والأحزاب التي باعت نفسها،على حد قوله،مبيناً أن حماية المواطن ورأيه تأتي عبر التوعية ومن خلال وسائل الإعلام القادرة على إيصال الحقيقة للمواطن.
وحول بعض التصريحات من دول الجوار مثل سوريا والسعودية والتي إستدل منها على أن التدخلات لا تقتصر على العملية الإنتخابية بل تستهدف شخص نوري المالكي ،أوضح المالكي ان ذلك نتيجة طبيعية لما اتخذته الدولة من مواقف سياسية وفق البرنامج السياسي لحماية سيادة وامن وإستقرار البلاد،مؤكدا على أنه ليس من حق احد التدخل في الشأن العراقي ،مبيناً أن الموقف العراقي مبني على إرادة الشعب ويتطلع لعلاقات طيبة مع دول الجوار وأن تعيد هذه الدول النظر في مواقفها حيال العراق.
وعن شكل العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وطبيعتها،اشار المالكي إلى أن الدستور أقر مبدأ ألا تكون للعراق مشكلة مع الآخرين،موضحا أن العراق يشترك مع العالم في القضايا الإنسانية والأمنية،لافتاً إلى أن للعراق علاقات طيبة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية وان بين العراق والولايات المتحدة إتفاقية إستراتيجية من أجل تطوير الواقع العراقي إقتصاديا،وبين العراق والاتحاد الأوروبي معاهدة يقدم الإتحاد بموجبها الدعم للعراق في تدريب الجيش والشرطة وتقديم المساعدات الفنية،مبيناً أن للعلاقات علاقات جيدة مع دول العالم ويسعى لتطويرها،كما تطورت العلاقات مع بعض الدول العربية التي أعادت سفراءها لبغداد،مؤكدا على أن العراق يبحث عن فرصة لإقامة علاقات طبيعية مع دول بما فيها السعودية للتمكن من بناء علاقة إيجابية،مبيناً أن الوضع الأمني الرديء الذي كان يعاني منه العراق شجع بعض الدول على التجاوز على العراق والتدخل في الشأن الداخلي له،معرباً عن إعتقاده ان يكون إستقرار العملية السياسية وتحسن الوضع الأمني والعلاقات الطيبة للعراق مع دول العالم،عنصر ضاغط ومشجع لتلك الدول على إعادة النظر في علاقاتها مع العراق.
وعن عملية الإعمار في العراق،أوضح المالكي ان عملية الإعمار تسير وفق خطط مدروسة وماضية في البناء والتشييد،على مستوى البناء والتعليم والإقتصاد ،مبيناً أن عملية الإعمار لم تبلغ المستوى المطلوب بعد،لافتاً أن المشاريع الزراعية المنفذة ستساهم في تطوير الواقع المعيشي للمواطنين، وأن العقود النفطية أمنت للعراق قدرات مالية هائلة ستوفر ما يساعد الوزارات والمحافظات في تطوير واقعها.
وفيما يتعلق بالعملية الإنتخابية وحظوظ إئتلاف دولة القانون والخيارات المتاحة لها في إقناع الناخب للتصويت لها،أكد المالكي على أنه يحمل الناخبين المسؤولية الوطنية ولا يطالبهم بالتصويت لقائمته بل يدعوهم لإختيار الأنسب وإختيار جهة واحدة تتولى إدارة الدولة،معرباً عن إعتقاده بأن يكون حظ إئتلاف دولة القانون هو الأوفر لان المواطن يبحث عن المصداقية والتي تتواجد لدى دولة القانون،مشدداً على أن قائمته تقنع الناخب في مصداقيتها بما تتحدث عنه وما قدمته خلال الفترة الماضية وهو مؤشر واضح للمواطن ليختار.
في نهاية اللقاء وردا على اتهامات البعض للفيحاء بانها تتلقى الدعم من رئاسة الوزراء،أوضح المالكي ان الفيحاء لم تتلقى دعما وبعد نفيه الامر اعرب عن شعوره بالتقصير حيال الفيحاء خاصة فيما واجهته من ظروف صعبة كانت تقتضي الوقوف الى جانبها .
alfayhaa