TODAY - August 23, 2010
تحقيقات الاستخبار ات اثبتت انهم «لا ينتمون» لجهة سياسية.. والصدامات اوقعت 16 جريحا.. والنزاهة تكشف فسادا في اصلاح المحطات
الناصرية تحاكم 40 متظاهرا رددوا شعار «وين الكهربا يا دولة القانون» وتضارب بشأن استمرار اعتقالهم

الشرطة تحاول تفريق المتظاهرين المحتجين على انهيار الطاقة الكهربائية في الناصرية الليلة قبل الماضية (رويترز)

بغداد – العالم
في تكرار لمشهد الاحتجاج الغاضب على نقص الخدمات في البلاد، شهدت مدينة الناصرية مساء أمس الاول السبت، تظاهرات حاشدة لتنديد بانهيار منظومة الكهرباء الوطنية، وبلوغ ساعات القطع نحو 20 ساعة في بعض المحافظات، وسط صيف لاهب ودرجات حرارة تجاوزت المعدلات القياسية، بالتزامن مع حلول شهر رمضان. واعلن مصدر في شرطة محافظة الناصرية أمس الاحد اصابة 16 شخصا بينهم 10 من الشرطة بجروح خلال تظاهرة احتجاج على سوء الخدمات رافقتها اعمال عنف دفعت لاعتقال اربعين متظاهرا، مساء أمس الاول السبت، وبينما جرى رفع حظر التجوال الذي فرض نتيجة تلك الاحداث، فإن المدينة بحسب شهود عيان، لاتزال تعيش اجواء ترقب. وتقول الشرطة انها اطلقت سراح جميع المعتقلين بكفالة، لكن اهالي بعض المعتقلين قالوا ان العديد منهم لازال محتجزا "لدى قوات الطوارئ". ومن الهتافات التي رددها المتظاهرون "وين الكهرباء يا دولة القانون" في اشارة الى اسم الكتلة البرلمانية لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.
وقال كامل حسين (35 عاما) صاحب محل تجاري في مدينة الناصرية "خرجنا للتظاهر لاننا نشعر بعدم وجود حل لمشكلة الكهرباء التي لم تتحسن ولم يطلقوا (المسؤولون) الا وعودا كاذبة".
بدوره، قال رسول حسين (28 عاما) وهو عاطل عن العمل "لا بد ان تتواصل التظاهرات للضغط على الحكومة ليحسنوا الخدمات والكهرباء ويعالجوا مشكلة العاطلين عن العمل"، مضيفا "على الاقل لننام". وقال المتحدث باسم شرطة الناصرية المقدم مرتضى شحتور ان "عشرة من عناصر الشرطة اصيبوا بجروح خلال تظاهرة احتجاج على سوء الخدمات القى المتظاهرون خلالها الحجارة واستخدموا العصي ضد الشرطة". واوضح ان "عشرات المتظاهرين تجمعوا مساء السبت، للمطالبة بتحسين الخدمات قرب مبنى المحافظة في شارع النهر بدون موافقة مجلس المحافظة، وقاموا باطلاق عبارات بذيئة وسب وشتم ضد الحكومة المركزية والمحلية".
واضاف ان "الشرطة استخدمت خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين القوا الحجارة واشتبكوا معها بالعصي ما دفع عناصر الشرطة الى اعتقال اربعين متظاهرا".
سنحاكم المتظاهرين
وفي تصريح لـ"العالم" قال المتحدث باسم شرطة الناصرية ان 40 معتقلا على خلفية التظاهرات، "اطلق سراحهم بكفالة، على ان تتم محاكمتهم في وقت لاحق وفق القوانين العراقية النافذة".
واشار الى ان "أربعين متهماً بإثارة الشغب أثناء التظاهرة.. تمت إحالتهم الى القضاء"، مشيراً إلى أن "التحقيقات الأولية بيّنت عدم ارتباط أي من مثيري الشغب بحزب أو حركة سياسية". وقال مصدر امني مطلع طلب عدم كشف هويته، ان المتظاهرين "خضعوا لتحقيق قام به جهاز الاستخبارات، وأن الاستخبارات لديها اوامر بأن تتواجد داخل اي تظاهرة لكشف من يقودها واعتقاله واخضاعه للاستجواب".
وقال بعض اهالي المعتقلين في اتصال مع "العالم" ان ابناءهم لازالوا في الحجز. وقالت والدة اثنين من المعتقلين "لا استطيع البوح بأسمائهم خوفا عليهم. لازالوا معتقلين منذ مساء السبت، ونطلب اطلاق سراحهم اسوة بالآخرين". ولم تكن لدى الاهالي معلومات عن عدد من اطلق سراحهم على وجه دقيق.
وبين المتحدث باسم الشرطة أن "حظر التجوال الذي فرض على خلفية أعمال الشغب التي صاحبت التظاهرة تم رفعه (فجر أمس الأحد) وعادت الأمور إلى طبيعتها، والوضع الأمني مستقر في المحافظة". وزادت الاضطرابات الناجمة عن تردي الخدمات العامة في حين تنهي القوات الامريكية عملياتها القتالية بعد سبع سنوات من الغزو من احباط العراقيين من القادة السياسيين الذين لم يشكلوا الى الان حكومة بعد خمسة اشهر من الانتخابات البرلمانية التي لم تسفر عن فائز واضح. ونقلت رويترز عن مصادر من الشرطة في الناصرية قولها ان "شرطة مكافحة الشغب فرقت نحو 250 متظاهرا مساء السبت بعدما تجاهلوا حظرا للتجول فرضته السلطات المحلية على السكان لمنع خروج احتجاجات في الشوارع دون اذن". ونظمت مظاهرات مماثلة في الناصرية في حزيران (يونيو) عندما حاول الف محتج اقتحام مبنى مجلس المحافظة واشتبكوا مع الشرطة وكذلك في البصرة المركز النفطي للبلاد، حيث قتل شخصان في اشتباكات مع الشرطة.
واضاف مصدر بشرطة الناصرية ان "المتظاهرين بدأوا برمي قوات الشرطة بالحجارة وبعد ذلك تدخلت قوات الشغب لتفريق المتظاهرين" مشيرا إلى أن المتظاهرين لم يحصلوا على إذن بالتظاهر.
مجلس ذي قار: الشهرستاني يستهدفنا
في غضون ذلك، حمل مجلس محافظة ذي قار وزير الكهرباء مسؤولية الخلل الأمني في المحافظة من جراء التظاهرات التي خرجت للتنديد بتردي هذه الخدمة وما ورافقها من أعمال شغب واعتقالات بين صفوف المتظاهرين. ياتي ذلك بينما أعلنت لجنة النزاهة في مجلس المحافظة عن تشكيل لجنة للتحقيق بأربع ملفات فساد في محطة الطاقة الحرارية بالناصرية قبل إحالتها لهيئة النزاهة والقضاء وبين انها تتعلق بعمليات شراء وصيانة أثرت على إنتاجية الكهرباء.
وقال رئيس مجلس المحافظة قصي العبادي خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر المجلس إن محافظة ذي قار من "أكثر المناطق بالعالم ارتفاعا بدرجات الحرارة بحسب بيانات الأنواء الجوية"، مشيرا إلى أن ذلك "هو السبب الرئيس للمطالبة برفع حصة المحافظة من الكهرباء والبالغ حاليا 4% من إنتاج العراق مما يشكل إجحافا كبيرا لها لأن النسبة تعتمد على عدد المشتركين ومدى الاستهلاك للطاقة دون الاهتمام للأحمال الصناعية أو نسبة النمو بالمحافظة".
وأفاد أن الحصة الحقيقية للمحافظة "ينبغي أن تتجاوز 6% من إنتاج العراق من الطاقة الكهربائية بحسب المعطيات المتوافرة حاليا"، محملا وزارة الكهرباء ووزيرها وكالة حسين الشهرستاني "مسؤولية الخرق الأمني الذي حدث ليل (السبت) لأن الوزير عمل منذ أول يومين لتسلمه الوزارة على استهداف المحافظة وتعامل معها بنفس عدائي وفرض عليها حصارا متعمدا وعقوبة جماعية الأمر الذي أدى إلى تفاقم النقص بإمدادات الطاقة وتردي خدماتها وبالتالي إثارة حفيظة الجماهير التي يمكن أن تكرر احتجاجها في الأيام المقبلة".
وأوضح أن الشهرستاني "لم يلتزم بالاتفاقات التي توصلت إليها المحافظة مع الوزير السابق كريم وحيد"، لافتا إلى أنه "اتهم المحافظة خلال أول يومين من توليه مهام الوزارة بالتجاوز على الشبكة الوطنية وسرقة المال العام وتخريب الاقتصاد الوطني دون وجه حق"، بحسب تعبيره. وتابع أن درجة الحرارة في المحافظة "تجاوزت 65 درجة مئوية بالشمس". وأردف "ومع هذا هناك توجه مقصود لحرمان أهالي المحافظة من الكهرباء في تصرفات من خلال تعنت الوزير الذي ينبغي أن يرتدع عن تصرفاته ويتذكر الذين استهدفوا المحافظة بالسابق ومصيرهم".
وعن الأحداث التي شهدتها الناصرية مساء السبت وتشنج الشرطة مع الجماهير، لم ينكر رئيس مجلس المحافظة قصي العبادي "تعرض الجالسين بالمقاهي للرش بخراطيم المياه بعد أن تعرض أفراد القوات الأمنية للضرب بالمواد التي كانت موجودة بالمقاهي"، مشددا على أن الخروقات "نجمت عن التظاهر دون ترخيص وليس من جراء تصرف القوات الأمنية"، بحسب رأيه.
4 ملفات فساد مع روسيا
في هذه الاثناء، قال نائب رئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة ذي قار جميل يوسف "بدأنا بتشكيل لجنة تحقيقية بأربع ملفات فساد بالطاقة الحرارية بالناصرية هي عملية شراء كرين بمبلغ 150 الف دولار وقضية عدم مطابقة زيت المجهز لمحطتي الاوتو للمواصفات المطلوبة مما يؤثر على أدائها سلبا، فضلا عن ملف الشركة الروسية التي فشلت في صيانة وحدات الطاقة حيث كان متفقا معها على رفع طاقتها الإنتاجية من 110 ميغا واط بالساعة الى 180 ميغا بالساعة لنفاجأ أن الوحدات انخفضت إنتاجيتها الى 90 ميغا واط بالساعة فقط".
وأضاف "كما ان هنالك ملف عن تجهيز معدات ومستلزمات الصيانة للشركة الروسية من مخازن الطاقة الحرارية بخلاف التعاقد الذي نص على جلب الشركة معداتها والياتها معها"، مبينا أن "نفس الشركة تم التعاقد معها لتأهيل الوحدة الرابعة بالطاقة من دون الالتفات لمدى جديتها أو كفاءتها بالعمل".
alalem