TODAY - September 19, 2010
النفط تقلص مزارع الطماطم من 5 آلاف الى 900 وتحتكر 70 % من الأراضي
أحزاب«تستولي» على وسط البصرة والمستثمرون «يطردون» الى الصحراء
العالم ـ وحيد غانم
ابدى مراقبون في البصرة قلقهم من استحواذ احزاب ومسؤولين محليين على اراض في مركز المدينة، فيما اشتكى رجال أعمال ومستثمرون من شحة الأراضي وتحديدها بتعليمات وزارية بعد فشل مشروع "النافذة الواحدة" الذي اعتمدته هيئة الاستثمار للتقليل من الروتين والفساد الإداري.
وتشهد محافظة البصرة كبرى مدن الجنوب العراقي حركة استثمارية واسعة، دشنتها شركات البترول العملاقة التي فازت بعقود تطوير حقول النفط، فيما تتسابق الشركات الاجنبية للحصول على رخص استثمار في مجال الخدمات والاسكان رغم العوائق "المحبطة" التي تواجههم عند دخول البصرة. ويعطي قانون الاستثمار العراقي تسهيلات لرجال الاعمال الاجانب بينها التمليك والاعفاء الضريبي على الاراضي محل الاستثمار.
وفي خطوة تعكس "ضبابية" المشهد الذي يواجهه الاستثمار اعرب مراقبون محليون في حديثهم لـ"العالم"، عن تخوفهم من تحويل ارتباط بلدية البصرة من وزارة البلديات إلى مجلس المحافظة، مشيرين إلى أن جهات حزبية ومسؤولين في الحكومة المحلية استحوذوا على معظم الأراضي في مركز المحافظة "تربو مساحته على 1085 كلم مربع" ويعد موقعاً ملائماً لإقامة المشاريع السياحية والتجارية. وقال عباس الجوراني عضو المجلس السياسي في البصرة لمراسل العالم "بعد 2003 جرى الاستحواذ على معظم الأراضي الكائنة في مركز المحافظة من قبل مجالس المحافظات المتعاقبة والأحزاب وتم تدوير هذه الأراضي ضمناً وبمبالغ رمزية أو عبر التهديد، والبلدية ليس لديها الآن موقف واضح أمام وزارة البلديات والأشغال فكيف تجري الأمور في حال تحويل دوائر البلديات على الحكومات المحلية؟".
الا ان رئيس اتحاد رجال الأعمال قلل من أهمية الأراضي في مركز المحافظة قائلا ان الاستثمار يتطلب وجود مساحات كبيرة وهو ما يفتقر إليه مركز المدينة وأوضح ان "هناك مساحات 500 متر أو 1000 متر وهذه لا تفي بالغرض. نحتاج لمساحة تزيد على 5 دونمات لبناء مركز تسويقي على سبيل المثال".
ورغم هذه المعرقلات يراهن المسؤولون على الخطط التي تعد لنقل موقع المدينة إلى الجزء الغربي في المستقبل، حيث جرى البدء بتشييد المدينة الرياضية، الا ان متابعين يرون انها مشاريع على الورق بحسب رجل الأعمال مصطفى مخلص الذي يرى أن "المناطق الغربية الصحراوية المحيطة بمركز المدينة والمطروحة لتشييد المشاريع تفتقر للبنى التحتية كما هو شأن المناطق الشرقية التي لم تنظف من حقول الألغام ومخلفات الحرب العراقية الإيرانية".
الى ذلك اشتكى مسثمرون ورجال أعمال من عدم تخصيص اراض لاقامة المشاريع الاستثمارية، وذلك بسبب احتكارها من قبل وزارات ومؤسسات حكومية، وفي هذا الصدد يقول مصطفى حسن مخلص (رجل أعمال) في حديث لـ"العالم" ان التركيز انصب على استثمار حقول النفط والغاز "أما ما تحقق في القطاعات الأخرى بالبصرة فلا يتعدى 3 مشاريع ترفيهية صغيرة" عازيا تلكؤ الاستثمار إلى هيمنة بعض الوزارات والمؤسسات كالنفط والمالية والزراعة والبلديات والوقفين السني والشيعي على مساحات واسعة من أراضي البصرة، بالإضافة إلى زحف الأحياء العشوائية.
واشار مخلص الى ان وزارة النفط تعد اللاعب الرئيس على الساحة البصرية "وتشمل ملكيتها حوالي 70 % من أراضي المحافظة وتضم حقول النفط المكتشفة والأخرى غير المكتشفة والمكامن النفطية المتوقعة".
وتنص تعليمات وزارة النفط على الاستملاك التلقائي لجميع المناطق التي يكتشف النفط داخلها، حتى لو تم الاتفاق مسبقاً على ان تكون للمشاريع الاستثمارية.
وتبلغ مساحة البصرة 19,070 كم2، وتبعد قرابة 55 كيلومترا عن الخليج العربي وتضم كذلك موانئ العراق، وفيها نسبة 65 % من احتياطي النفط، ويناهز تعداد سكانها الـ3 ملايين نسمة.
وبشأن بيروقراطية اجراءات وزارة النفط في ما يتعلق بالاستثمار يشير مسؤول إعلام هيئة الاستثمار في البصرة ألى بعض الامثلة قائلا: "توجد أراض واسعة تقدر مساحاتها بـ600 دونم، تقع شرق البصرة في قضاء شط العرب مطروحة للمستثمرين في مجالات الإسكان والزراعة لكننا لا نستطيع استثمارها حتى تنتهي وزارة النفط من مسحها والتأكد من عدم كونها مكامن نفطية ولا نعرف كم سيستغرق ذلك!"، فيما تعزو شركة نفط الجنوب سبب تأخر عمليات المسح الميداني الى مخاطبات وزارية.
الى ذلك انتقد رجال أعمال "مشروع النافذة الواحدة" الذي اطلقته هيئة استثمار البصرة بحل هذه الإشكالات. ويتلخص المشروع بجمع ممثلي الوزارات في حلقة واحدة لترويج معاملات المستثمرين، لكن هؤلاء لا يملكون حق التصرف واتخاذ القرارات لذلك يعتمدون وسيلة المخاطبات مع وزاراتهم مما يهدر الوقت.
ويضاف الى حجم المعوقات التي "يصطدم" بها المستثمرون في البصرة، النزاع القديم الجديد على الصلاحيات بين الحكومات المحلية والاتحادية، فأغلب رجال الاعمال يستشعرون "ضغط" بغداد المستمر بهدف الامساك بالمشاريع الاستراتيجية، فقد تم رفض مقترحات لجسر شط العرب بغية ربط ضفته الشرقية بمركز المدينة.
وفي ما يتعلق بالمناطق الصناعية فالمستثمرون المحليون يفتقرون للأراضي "فمنذ 1988 لم يتم تخصيص أراضٍ للمشاريع الصناعية وهو ما أطاح بمطامح أجيال منهم" على حد قول ماجد رشك عبد الله رئيس اتحاد الصناعات في البصرة، بينما لم يتبق من أصل 5000 مزرعة طماطم غربي المحافظة سوى 900، جراء التصحر ورفض شركة النفط تجديد عقود إيجار الأراضي.