يلاحظ تاريخيا ان أي حركة ثورية أو تجديدية, تلقى نصيبها من الحرب والعداء بسسب الأفكار الجديدة التي حتما تصطدم بالواقع الذي آتت تلك الحركات لتغيره من الأساس, فيحصل التصادم المباشر بالمصالح الشخصية الضيقة, بغض النظر عن ماهية المجددين حتى لو كانوا من سنخ الملائكة والأنبياء(ع) والأئمة(ع) والصالحين, فما بالك بالسنخ البشري العادي الذي يخطأ ويصيب؟, فالعداء واقع لا محالة,والظاهر ان لهذا العداء فلسفة الخاصة المستقلة( لو جاز ان نسميها فلسفة).

ان هذه الظاهرة عشناها ورأيناها بين أبناء التيار الصدري من جهة والأخريين من جهة أخرى.

إنها فلسفة عجيبة غريبة تتحطم أمامها البديهيات العقلية والمنطقية, اذ ان العقل والمنطق لا وجود لهما في هذه الفلسفة فعدما ينشب الصراع بيين الفريق المجدد والأخر يكون له اول وليس له آخر, فالفريق الآخر عندما يتهم الطرف المجدد يكون الاتهام (محلق في الفضاء)اقصد لا يكون له أساس عقلي, او منطقي, ولنسميه (أعتباطي) وعلى الفريق المجدد أن يقبل به شاء أم أبى وإلا ليذهب إلى الجحيم.

فحسب فهمي, من تهم الفريق الآخر للتيار, بأنه لا يعترف بالتيار الصدري كوجود واقعي, بل لازال الكثير من محيطة لا يعطوه الاعتراف بهذا الحق الوجودي, والمشهور في بعض المناطق التي يتواجد بها جماهير التيار بأنهم- أي أبناء التيار-( ليس أولاد الولاية) بمعنى ليسوا من أبناء المدينه؟ وإنما جاء من غيرها, عسى ان تكون من ولايات خارج الكوكب,وعندما يجابههم أبناء التيار بأنهم من نفس المدن والعشائر التي ينتمي إليها الفريق الأخر, والوثائق والمستندات التاريخية تأكد ذلك. هنا يتوقف العقل فلا يعترف هذا(الآخر) بأي تاريخ يؤكد ذلك حتى لو وصل إلى حد التواتر أو إلى درجة القطع حسب تعبير الأصوليون, ومن ثم يتحول النقاش إلى جدل لا يجدي نفعا بعد ان نسفت الحقائق البديهية أساسا من الفريق المعادي للعقل السليم, مع العلم ربما يكون بعض هذا الفريق ( المعادي بطبيعته للتيار الصدري) ليس له أصل عشائري أو أصل في المدينة التي يعيشون بها, مع ملاحظة ان مثل هذه الأفكار ليس لها أساس أسلامي ولا وجود لها في عادات وتقاليد الشعب العراقي وإنما هي أفكار مستورد من أناس يشعرون بخطر تلاحم الشعب العراقي بكل أطيافه كما ان البعض الذي انطلت عليه هذه الأفكار الغريبة ربما يشعر بنقص الانتماء الوطني أو الجهل بأبسط بديهيات المعرفة الإنسانية مع وجود تحريك ودفع لهذه الأفكار من -الجهات المصدرة- معلومة الهدف الا وهو تمزيق لحمة هذا الشعب المنكوب.

وهذه المظاهرة لم أأتي بها من بنات أفكاري, بل انه واقع ملمس اكتوى به أبناء التيار ولازالوا يتجرعون كأسه المر.

ومن هذه الأفكار والتهم الهدامة ضد أبناء التيار الصدري بأنهم جهلة لا يمتلك احد منهم حتى شهادة المتوسطة أو اقل منها؟؟؟.

قبل أيام حدث أمامي هذا النقاش:

قال جماعة لشاب من أبناء التيار في مقتبل العمر: بأنكم أيها الصدريون لاتفهمون بالسياسة بسبب عدم امتلاك احد منكم شهادة المتوسطة. فرد عليهم: العكس هو الصحيح فان كتلة الأحرار المنبثقة من التيار يتميزون بميزة لاتوجد في بقية الكتل السياسية الأخرى بدليل أنهم- أي أفرد كتلة الأحرار جميعا- اقل فرد منهم حاصل على شهادة البكلوريوس فضلا عن الدكتوراه ولو لا حقنا ملفاتهم نجدهم جميعا مارسوا العمل الوظيفي الإداري والفني, في مؤسسات الدولة ولهم خبرتهم في هذا المجال فضلا عن العمل السياسي قبل الاحتلال وبعده- السري والعلني-, في حين ان الكتل الأخرى مع الاحترام والتقدير لهم, لا تمتلك كتلهم هذه الصفات جميعها فربما يوجد منهم يمتلك شهادة الإعدادية ولم يمارس أي وظيفة تذكر. فلم يرد الجماعة علي هذا الشاب الا أنهم عبسوا وجوههم غير معترفين بهذا الواقع كالعادة, وهناك تهم كثيرة لا تقل مستوى عن هذيين التهمتين.

ان مشكلة الناقدون والمنتقدون للتيار الصدري أنهم ينظرون – بأحسن أحوالهم- إلى النتائج فقط تاركين أسبابها التي هي جوهر الموضوع, وحتى هذه النظرة المبتورة عن أسبابها يا ليتها تكون موضوعية, بل هي في أغليها سطحية للغاية, وهذا ما يدمي القلوب دما ويشعل الرؤس شيبا, فلا أبالغ ان قلت لم أجدا من ينقد التيار على أسس علمية سليمة الا النادر النادر.

أنا لا أتكلم هنا عن حكايات مسلية, وإنما عن واقع اجتماعي جدير بالبحث والدراسة والمعالجة, مما يسهم في بناء واقع حضاري فكري صحيح.ويتخلص شعبنا من حالة العداء المفرطة التي للأسف يعيشها, والظاهر لا يتخلص منها بسهولة.وما ذنب الجيل اللاحق الذي سيكتوي بهذه الأفكار والتهم والعداء المدمر الذي لا طائل من وراءه وسيظل في دوامه لا خلاص منها. أذاً نحن مدعون بجدية للعمل بتماسك المجتمع وبناء فكر حواري بين أبناء المجتمع على أسس علمية صحية ومحاربة كل تلك الأفكار والمفاهيم التي حشرت عن عمد وقصد في قلب مجتمعنا المنكوب.




اسكندر القاسمي