TODAY - September 23, 2010
دول جوار العراق تتفق على «تطويق الفتنة الطائفية» و«منع التدخلات الخارجية»
الأمير نايف: نتمنى ألا يشكل الانسحاب الأميركي وضعا أسوأ

المنامة: تركي الصهيل
سيطرت مساعي تطويق الفتنة الطائفية في المنطقة على مواقف دول جوار العراق المشاركة في اجتماع إقليمي عقد في المنامة أمس. وانعكس ذلك جليا بمسارعة كل من السعودية والبحرين والأردن ومصر، باستنكار حادثة استهداف العرض العسكري بمدينة مهاباد الإيرانية التي راح ضحيتها 6 قتلى وعشرات الجرحى.
فمن جهتها، أعربت السعودية، على لسان الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي، عن استنكارها للعملية الإرهابية التي حدثت في إحدى المدن الإيرانية خلال عرض عسكري.
واعتبر الأمير نايف في كلمته أمام نظرائه لدول جوار العراق، أن ما حدث في مدينة مهاباد الإيرانية «عمل إرهابي مرفوض». وقال إن بلاده تقف مع إيران بكل قدراتها الأمنية في المساعدة على الوصول إلى الفاعلين، فيما استنكر أحداث البحرين، وإحباطها للتوجه الذي وصفه بـ«البغيض» ويستهدف نظام الدولة، وقال إن الرياض على استعداد لتسخير كافة قدراتها للوقوف إلى صف البحرين.
وانضمت كل من البحرين ومصر والأردن، لإدانة العمل الإرهابي الذي استيقظت إيران على وقعه، وذلك في الكلمات التي ألقاها وزراء داخليتها في اجتماع دول جوار العراق.
وخلصت اجتماعات وزراء داخلية دول جوار العراق إلى 20 توصية، إحداها تدعو لتطويق التطرف الطائفي، عبر التأكيد على «منع نشر الأفكار الإرهابية أو أفكار التطرف الطائفي التي تحرض على العنف والإرهاب عبر مختلف الوسائل وفقا للأنظمة والقوانين المرعية في كل دولة».
وعلى الرغم من إعلان البحرين وقوفها في صف إيران ضد العمل الإرهابي الذي استهدف إحدى مدنها اليوم، فإن طهران لم تشجب في كلمة وزير داخليتها مصطفى محمود نجار، المحاولة الإرهابية الفاشلة التي كانت تخطط لقلب نظام الحكم في البحرين، والتي كانت موضع شجب البيان الختامي، وكل من السعودية، والكويت، والأردن.
وأعرب الفريق ركن جابر بن خالد الصباح وزير الداخلية الكويتي، عن إدانة بلاده للأحداث التي تعرضت لها البحرين، مؤكدا دعم الكويت الكامل للإجراءات التي اتخذتها المنامة لحفظ أمنها واستقرارها.
وفي تصريحات صحافية، قال وزير الداخلية الكويتي إن المتطرفين الذين كانوا ينوون ضرب البحرين، هم بذلك يضربون الكويت وأمن الخليج.
ورد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كان قد ثبتت أي علاقة محتملة بين من حاولوا قلب نظام الحكم في البحرين وشبكات التجسس التي أطاحت بها الكويت مؤخرا، قال وزير الداخلية الكويتي «نأمل لا.. نأمل لا»، فيما لم ينف أو يؤكد وجود علاقة بين الأحداث التي تجري في دول مجلس التعاون، لكنه اعتبر أن الخليج كجسد واحد، يتأذى بمجرد أن يتأذى أحد أعضائه.
وحذر وزير الداخلية الكويتي، من مغبة بعض الفئات داخل المجتمعات الخليجية، التي تعمل في الخفاء لدق إسفين الفتنة في صفوف تلك المجتمعات، موضحا أن كافة محاولاتهم باتت مكشوفة أمام الجميع، داعيا الأجهزة الأمنية لأخذ كامل الحيطة والحذر لردع هؤلاء.
وتطرق وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة، إلى الإجراءات التي اتخذتها بلاده بحق الشبكة والتنظيم السري الذي كان يسعى لإحداث الفوضى في البلاد، مؤكدا أن أهم الطرق لمساعدة العراق بتجاوز محنته، هو تعزيز دعائم الاستقرار لدول جواره، والذي يعد أساسا للاستقرار الإقليمي في المنطقة، وهو ما فعلته البحرين وبعض دول الخليج مثل السعودية والكويت بالقضاء على من يقودون أعمال الإرهاب والفوضى.
وأكد الشيخ راشد آل خليفة، احترام بلاده للحريات العامة، لكنه أشار إلى عدم إمكانية أن تنعم أي دولة بالأمن والاستقرار في ظل الفوضى والغوغائية، وهو ما دفعه لمطالبة دول جوار العراق، بمواصلة الاهتمام بضبط المنافذ والحدود ومراقبة المواقع الإلكترونية، وضرورة توجيه المنابر الدينية لخدمة المجتمع.
وفي كلمة الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودية، التي ألقاها في اجتماع وزراء داخلية دول جوار العراق، دعا إلى وقوف دول جوار العراق إلى جانب الشعب العراقي في مشكلته ومساعدته على استعادة عافيته واستقراره، مشددا على أنه «واجب ديني وأخلاقي وقانوني، وأن علينا أن نتذكر قدسية حقوق الجار في الإسلام وما توجبه الشرعية الدولية من عدم التدخل في شؤون الدول أو المساس بسيادتها بأي حال من الأحوال».

وجاء في كلمة الأمير نايف بن عبد العزيز:
«إنه لمن دواعي سعادتي وسروري أن ألتقي بجمعكم الكريم في هذا الاجتماع السابع لوزراء داخلية دول الجوار للعراق. كما يسرني أن أتوجه باسمي وباسمكم جميعا بخالص الشكر ووافر التقدير والامتنان لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين الشقيقة لاستضافة هذا الاجتماع والمشاركين فيه، والشكر موصول لأخي صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء ولأخي معالي الفريق الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة وزير داخلية مملكة البحرين على جهوده الملموسة في سبيل نجاح هذا الاجتماع وبلوغ أهدافه بإذن الله تعالى، ولاشك أننا جميعا سنكون أكثر سعادة وسرورا عندما تسهم جهودنا في استعادة العراق وشعبه لعافيته، ووحدته، واستقراره، وما ذلك على الله بعزيز.

أيها الإخوة: إن اجتماعاتكم المتكررة تؤكد بكل وضوح مدى الارتباط الوثيق بين أمن العراق واستقراره، وبين أمن واستقرار جيرانه، وإن أي تجاهل أو تجاوز لهذه الحقيقة التاريخية يعني - بكل أسف - تعريض أمن الجميع للخطر دون استثناء دولة عن أخرى.

أيها الإخوة: إننا نتابع بكل دقة وحرص واقع المشهد العراقي ونتفهم جيدا تعقيداته وندرك بوضوح التدخلات السافرة في شؤونه ونعمل بكل صدق وإخلاص من أجل إشاعة روح الوئام والتسامح بين أبنائه، وفي الوقت ذاته نقف مع الجميع على مسافة واحدة، ونذكرهم على الدوام بأن صلاح شأن العراق وطوق نجاته بأيدي العراقيين أنفسهم، وأن عليهم أن يضعوا مصلحة العراق وسلامة أبنائه ومقدراته فوق كل اعتبار.

أيها الإخوة: إن وقوف دول الجوار إلى جانب الشعب العراقي في مشكلته ومساعدته على استعادة عافيته واستقراره، هو واجب ديني وأخلاقي وقانوني، وإن علينا أن نتذكر قدسية حقوق الجار في الإسلام وما توجبه الشرعية الدولية من عدم التدخل في شؤون الدول أو المساس بسيادتها بأي حال من الأحوال.

ولذلك أيها الإخوة، فإننا معنيون بأن نعمل بجدية ومصداقية لتحمّل مسؤولياتنا الدينية والأخلاقية والقانونية تجاه إخواننا أبناء الشعب العراقي الذين يعيشون أوضاعا مؤلمة تعلمونها جميعا وتدركون ما قد يقود إليه استمرارها من مخاطر لا تقتصر على العراق لوحده بل ستطال المنطقة في عمومها والأمن والسلم الدوليين بحكم أهمية وحساسية هذه المنطقة من العالم.

كما أننا نستنكر وبشدة ما حصل هذا اليوم في إيران من تفجير استهدف الأمن واستهدف أيضا عددًا من القتلى والمصابين. وهذه الأعمال الإرهابية مرفوضة ونقف مع إيران الشقيقة بكل قدراتنا الأمنية للمساعدة في الوصول إلى الفاعلين، ونرجو أن تتمكن السلطات الأمنية من الوصول إلى هؤلاء ومعرفتهم وإخضاعهم للعدالة حتى يأخذوا جزاءهم عاجلا، وللأسف فإن بعضهم يدّعون أنهم مسلمون وأنهم مجاهدون، وهذا مرفوض والإسلام منهم براء، فالإسلام يحترم روح الإنسان ويحرم قتل الإنسان دون مبرر، وهؤلاء يسيئون للإسلام وهذا لا يتفق مع حقيقته، بل هم خوارج بكل معنى الكلمة ومدلولها.

الإخوة الأعزاء.. نستنكر وبكل شدة ما حصل في مملكة البحرين الشقيقة من إخلال بأمن البحرين واستهداف كل ما فيها واستهداف الدولة بذاتها وخلق الفوضى، ولكن وبحمد الله وعونه ثم بقدرة وكفاءة أجهزة الأمن البحرينية وبدعم وبتوجيه من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تم التمكن من إحباط هذا التوجه البغيض والقبض على كل من وراء ذلك، وإننا على كل الاستعداد الكامل للتعاون بكل قدراتنا مع البحرين الشقيق. ونرجو من الله أن يقي بلداننا وأن يعين العراق الشقيق على مواجهة هذه الظاهرة البغيضة التي قتلت الأبرياء من كبار السن والعجائز والأطفال وغيرهم من الرجال والنساء بدون ذنب، ونأمل أن يكون هناك عمل دولي وتعاون للوصول إلى منابع هؤلاء الإرهابيين وإنهائها بشكل كامل وإلا سيظل الإرهاب قائما، ومن المؤسف أن من الفاعلين عربا ومسلمين ضلوا وضللوا.

أرجو من الله أن يهدي من يريد أن يهتدي وأن يدحر كل من يريد أن يواصل هذا العمل الخارج عن الإسلام، وختاما أيها الإخوة أرجو من الله العلي القدير لاجتماعكم التوفيق والسداد وأن يرى منكم إخوانكم أبناء الشعب العراقي ما يفرحهم ويشعرهم بوقوف دول الجوار معهم قيادة وشعوبا ليستعيدوا وحدتهم وتوحدهم وينعموا بما ينعم به جيرانهم من أمن واستقرار بإذن الله وتوفيقه».

ولاقى الانسحاب الأميركي من العراق، ترحيبا واسعا من قبل وزراء داخلية دول جوار العراق. وقال وزير الداخلية السعودي «نتمنى ألا يشكل انسحاب القوات الأميركية وضعا أسوأ للعراق، بل نريده أفضل، وهذا لن يتأتى إلا بتحمل دول الجوار مسؤولياتها وتأكيد عدم التدخل في شؤون العراق بأي صفة كانت»، مؤكدا أن صلاح العراق وطوق نجاته في أيدي العراقيين، وأنهم باتوا يدركون بوضوح التدخلات السافرة بشأنه.

بدوره، طالب وزير الداخلية الإيراني، بسرعة خروج القوات الأجنبية من العراق، داعيا نظراءه وزراء داخلية دول جوار العراق للتمسك بـ«حبل الأخوة الإلهية»، كي نخطو خطوات جادة لدعم الأمن والاستقرار الإقليميين، وخصوصا في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة، وتجعل من التشاور بين دول المجموعة «مطلبا ملحا».

من جهته، دعا وزير الداخلية السعودي، الحكومة العراقية الجديدة، للعمل بواقعية على معالجة السلبيات التي حدثت في الماضي وتحدث الآن، وتحويلها إلى إيجابيات، داعيا إلى سرعة تشكيل الحكومة الوطنية في العراق، مؤكدا أنه لم يمر في تاريخ العراق وضع أسوأ مما هو عليه الآن.

وتم الاتفاق بين دول جوار العراق، بأن تعقد النسخة الثامنة من اجتماعات المجموعة في تركيا العام المقبل، فيما خلص اتفاق الأمس إلى 20 توصية، وتم التأكيد خلالها على ضرورة تبادل المعلومات عن النشاطات الإرهابية التي تهدد أمن وسلامة العراق، ودول الجوار، بما يضمن عدم وقوع الأعمال الإرهابية فيها، وتشكيل لجنة تعقد اجتماعا سنويا أو كلما دعت الحاجة للمختصين لتعزيز علاقات التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات في مجال مكافحة الإرهاب.
الشرق الاوسط