TODAY - September 23, 2010
سجناء عراقيون يتحدثون عن حالات تعذيب.. ووزارة العدل تنفي بشدة
وكيل الوزارة لشؤون السجون لـ«الشرق الأوسط»: تقارير العفو الدولية لا تمت للحقيقة بصلة

لندن: معد فياض
بينما نفى مسؤول حكومي عراقي أن تكون هناك حالات تعذيب في السجون التابعة لوزارة العدل العراقية ووصف تقرير منظمة العفو الدولية الأخير الذي تحدث عن حالات تعذيب للسجناء بأنه «لا يمت للحقيقة بصلة»، قال سجناء عراقيون إنهم يتعرضون لتعذيب منظم وتلفق ضدهم التهم.

وقال بوشو إبراهيم دزه ئي، وكيل وزارة العدل العراقية والمشرف على السجون: «من المستحيل أن تحدث في سجوننا أي حالات تعذيب، وأنا على مدى سبع سنوات من وجودي في عملي وكمشرف على السجون العراقية لم أتلق سوى حالات نادرة وشكاوى من ثمانية سجناء قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب، وقد تمت إحالتهم إلى الفحص الطبي كما جرى التحقيق مع المسؤولين عن هذه الحالات».

وأضاف دزه ئي قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس، إن «تقرير منظمة العفو الدولية لا يمت للحقيقة بصلة، ذلك أن سجوننا تزورها بعثات الصليب الأحمر الدولية وتخضع للتفتيش المستمر من قبلنا»، وإن «هناك سجونا نموذجية منها سوسة وكروبر والتاجي وسجن الناصرية الذي بناه الأميركيون». وذكر أن «هناك 19 سجنا في بغداد وحدها، وفي باقي محافظات العراق 12 سجنا؛ اثنان منها في إقليم كردستان (سوسة وجمجمال) تابعان لوزارة العدل الاتحادية»، منبها إلى «وجود 12 ألفا و110 موقوفين غير محكوم عليهم في هذه السجون، بينهم 5 آلاف سجين تم تسلمهم من القوات الأميركية، أطلق سراح 1700 منهم بعد التحقيق معهم وعدم إدانتهم، إضافة إلى 12 ألفا و450 يقضون أحكامهم».

وأشار وكيل وزارة العدل العراقية إلى أن «هذا العدد الكبير من النزلاء الموقوفين على ذمة التحقيق يحتاج إلى عدد كبير من القضاة للتحقيق معهم، لكننا نعاني نقصا في عدد القضاة، وهذا ما سبب بقاء بعض الموقوفين لفترات طويلة». وقال إن «سجوننا تتبع أكثر الأنظمة الدولية تقدما من حيث توفير الظروف الصحية والحياتية اللائقة ولا تمارس فيها أي حالات تعذيب وإن هذه التقارير (منظمة العفو الدولية) تستخدم لأغراض سياسية، في وقت تتنافس فيه الكتل السياسية على السلطة». ونفى وجود سجون سرية في العراق، وقال: «ليست هناك أي سجون سرية، بل هناك مراكز توقيف تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع، ومنها مراكز الشرطة، ونحن نستلم الموقوفين والسجناء ونباشر بسؤالهم فيما إذا كانوا قد تعرضوا للتعذيب كي نحقق في هذه الحالات»، مشيرا إلى أن «إدارات السجون تحاول جهدها كي يعيش النزلاء حالات إنسانية اعتيادية، ومنها زيارات عوائلهم لهم أو الاتصال بهم هاتفيا».

وبإبلاغه أن «الشرق الأوسط» اتصلت بسجناء بواسطة هواتفهم الجوالة، علق وكيل وزارة العدل قائلا: «إذا كان هناك اضطهاد وتعذيب للسجناء، فكيف يتاح لهم الاتصال بالصحافة الدولية ومن داخل سجونهم».

وعن حالات الهروب التي حدثت مؤخرا من بعض السجون العراقية، قال وكيل وزارة العدل: «بعد خمسة أيام من تسلمنا سجن كروبر فر في 20 يوليو (تموز) الماضي 4 سجناء وبرفقتهم مدير السجن المعين من قبل القوات الأميركية»، مبررا هروب هؤلاء بسبب «وجود بعض ضعفاء النفوس من الحراس الذين يساعدون السجناء على الهروب حسب اتفاقات مخطط لها»، مضيفا: «أما السجناء الأربعة الذين هربوا من سجن كروبر قبل عيد الفطر بيومين، فهؤلاء فروا من القوات الأميركية وليس من سجوننا».

وكان بعض السجناء الذين حصلت «الشرق الأوسط» على أرقام هواتفهم الجوالة من مصادر موثوق بها، قد أكدوا فيها وعبر الهاتف عن تعرضهم للتعذيب في مجمع سجون الرصافة الذي يتألف من 13 سجنا، والذي كان يسمى بسجن التسفيرات، وقال (أبو علي)، الذي كان تاجرا قبل أن يتم اعتقاله، إن «الأجهزة الأمنية ألقت القبض علي في أحد شوارع بغداد عندما كنت في طريقي إلى الطبيب، ووجهت لي تهمة الإرهاب، وبعد التحقيق معي والتأكد من براءتي من التهمة، وهي تمويلي لجهات إرهابية، أبقوني هنا ومنذ 3 سنوات ونصف لكي يلصقوا بي تهمة أخرى»، مشيرا إلى أن «هذا ما يحدث في العادة لمن لا يطلقون سراحهم، إذ ليس من المعقول أن تطول فترة التحقيق لما يقرب من 4 سنوات».

وتحدث سجين آخر، رافضا ذكر اسمه، وقال: «أنا هنا لتهمة لا أعرفها، منذ 3 سنوات تم اعتقالي من قبل جهات أمنية تابعة لمكتب رئيس الوزراء ولم يوجهوا لي أي تهمة محددة، فمرة يقولون إنني مشتبه فيه بالقيام بتفجيرات، ومرة يتم اتهامي بزرع عبوات ناسفة، ومع كل اتهام أتعرض للتعذيب كي أعترف بتهم لا علاقة لي بها»، واصفا أساليب تعذيبه «بأنها قاسية وأقسى مما كان سائدا في عهد النظام السابق».

من جهته، نفى العقيد مؤمن خضر، مدير سجن سوسة القريب من مدينة السليمانية في إقليم كردستان، أن تكون هناك «أي حالات تعذيب أو حتى ضغوط نفسية تمارس بحق السجناء»، مشيرا إلى أن «منظمة الصليب الأحمر كانت في زيارة السجن قبل أيام وأثنت على الأوضاع فيه». وقال خضر لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أقمنا 23 ورشة يديرها السجناء أنفسهم، وفي مختلف الاختصاصات، منها ورش للخياطة والنجارة والميكانيك والكهرباء، إضافة إلى استوديوهات للنحت والرسم والموسيقى والمسرح ومكتبة ومطبعة، كما أقمنا مزارع خارج السجن»، مشيرا إلى أن «قاعات منام السجناء أنشئت وفق قياسات دولية، وتضم كل واحدة 4 نزلاء، وتحتوي على أجهزة تكييف وتلفزيونات مرتبطة بالقنوات الفضائية وأسرّة». وقال مدير سجن سوسة الذي يعتبر من السجون النموذجية، إن «هناك أكثر من 1800 نزيل تزورهم عوائلهم باستمرار كما يتاح لهم الاتصال هاتفيا بعوائلهم».
«الشرق الأوسط»