TODAY - January 03, 2011
الداخلية: بغداد شهدت يوم الاثنين 15 محاولة اغتيال.. ولا نعرف شيئا عن الجهات المنفذة
سيارات وزعتها الحكومة على الضباط تتحول الى «كمين للموت».. وعمليات بغداد تعد بكشف «خيوط الاغتيالات»

انتشار امني مكثف في شوارع واحياء بغداد على خلفية موجة اغتيالات طالت ضباطا ومنتسبين في الاجهزة الامنية

بغداد – حيدر الكاظمي
كشف ضابط كبير في وزارة الدفاع ان سيارات وزعتها الحكومة على عدد كبير من القادة الأمنيين تسببت في موجة اغتيالات واسعة نفذتها مجاميع مسلحة واوقعت عشرات الضباط الكبار في اجهزة الدولة، بينما قال الناطق باسم خطة فرض القانون ان قيادة عمليات بغداد "توفرت لديها خيوط حول جرائم الاغتيالات" التي وقعت في بغداد خلال الايام القليلة الماضية، لكنه قال انه لن يكشف عنها خشية "افلات" مرتكبي هذه الجرائم من قبضة العدالة.
وشهدت بغداد خلال الايام القليلة الماضية موجة اغتيالات طالت ضباطا ومراتب في الأجهزة الأمنية، في تطور ميداني هو الأهم منذ اسابيع، ما استدعى انتشارا مكثفا للغاية من قبل مفارز التفتيش أمس الاثنين، في محاولة لضبط المشهد الأمني، الذي تسبب في بث الرعب في اوساط السكان المحليين.
وشهدت بغداد، منذ ليل امس الاول الاحد نشر اعداد كبيرة من نقاط التفتيش في الشوارع الرئيسية والفرعية لعموم المناطق، اعتمادا على عناصر قوات النجدة والشرطة المحلية الذين بدا عليهم الارهاق نتيجة تنفيذهم للاوامر التي تنص على عدم انسحابهم من نقاطهم، بحسب مصادر وشهود عيان. وقال سكان محليون ان نشر نقاط تفتيش اضافية ادى الى زحامات واختناقات مرورية في جميع الشوارع، ما اربك حركة المرور ودفع رجال شرطة المرور الى الوقوف جانبا في اغلب العقد والتقاطعات الرئيسية وترك عملية تنظيم سير المركبات لعناصر الاجهزة الامنية.
وقامت مديرية الشؤون الداخلية والامن بنشر العشرات من عناصرها الذين يرتدون الزي المدني في الشوارع الرئيسية بحثا عن مطلوبين او مشتبه بهم وشوهدوا وهم يحملون صورا لمطلوبين.
وشهدت احياء السيدية والعامرية والجامعة والعدل والاعلام حملات تفتيش واسعة اغلقت معها جميع المنافذ الرئيسية، وانطلق عناصر الامن في عمليات تمشيط للدور والازقة استمرت حتى حلول ليل أمس الاثنين، فيما لم يعلن عن توقف هذه الحملة في مناطق اخرى من العاصمة.
وبينما بلغت حصيلة عمليات الاغتيال التي استهدفت عناصر الأمن في بغداد أمس الاثنين 15 محاولة، بحسب مسؤول بارز في وزارة الداخلية، قال ضابط كبير في وزارة الدفاع لـ "العالم" ان "اختراقا لأجهزة الأمن، نتج عنه كشف أرقام سيارات وزعت على مسؤولين في الداخلية والدفاع من قبل الحكومة لغرض الاستخدام الشخصي، قاد الى حملة من التصفيات عبر الاسلحة الكاتمة، ما أوقع عشرات الضحايا بين صفوف الضباط".
وقال الضابط مشترطا عدم الكشف عن اسمه لحساسية المعلومات التي يدلي بها، ان "ارقام السيارات التي وزعتها الحكومة على ضباط الداخلية والدفاع اصبحت كميناً للموت".وكشف ان "المجاميع الارهابية استدلت من خلال اختراقها العديد من الاجهزة الامنية على ارقام سيارات الصالون التي يستخدمها القادة الامنيون والتي منحت لهم من قبل الحكومة كاستخدام شخصي"، مشيرا الى ان"دائرة المرور منحت تلك المركبات ارقاما خاصة تتحدد بتسلسل رقمي خصص لتلك الفئة من العناصر الامنية". وأضاف ان "اكتشاف الارهابيين لتسلسل هذه الارقام ادى الى استدلالهم على المناطق التي يقطنها رجال الامن، ومن ثم ترصدوهم ونفذوا عمليات اغتيالهم بشكل مدروس".
وكشف المصدر ان "عمليات الاغتيال طالت عناصر برتب عميد فما فوق"، مشيراً الى ان "المعلومات المتعلقة بارقام هذه المركبات وتسلسلها محصورة فقط بوزارتي الدفاع والداخلية فضلاً عن مديرية المرور العامة".
وتابع "خلال الشهرين الماضيين تمت تصفية اكثر من 10 ضباط برتب عالية"، داعيا مديرية المرور الى "تغيير ارقام مركبات رجال الأمن لتلافي المزيد من الاستهداف".
وسبق لوزارة الداخلية ان ذكرت في تقرير لها ان 70 % من عمليات الاغتيال التي تم تنفيذها العام المنصرم، استهدفت كبار الموظفين وبعض القادة الأمنيين من الدرجة الثانية وقادة الصحوات. وكانت لجنة خاصة في وزارة الداخلية اعدت تقريراً تفصيلياً حول ظاهرة الاغتيالات توصل إلى ان "معدلات الاستهداف بالعبوات اللاصقة منذ بداية السنة ارتفعت بنسبة 70 % في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي"، مبيناً ان "غالبية العبوات اللاصقة التي استخدمت في عمليات الاغتيال كانت محلية الصنع".
وأشار التقرير إلى ان "المسلحين يستخدمون المتسولين في التقاطعات العامة لوضع العبوات اللاصقة في السيارات، حيث يقوم بعض هؤلاء بوضعها بطريقة عشوائية ويتم وضع البعض الآخر بدقة".
من جهته، قال الناطق الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد، "انهينا اليوم (أمس الاثنين) اجتماعا موسعا ضم قادة اجهزة المخابرات والشؤون الداخلية والامن والامن الوطني على خلفية موجة الاغتيالات التي استهدفت ضباط ومنتسبي وزارتي الدفاع والداخلية خلال اليومين الماضيين". وقال اللواء قاسم عطا في مقابلة مع "العالم" امس الاثنين انه "تم الاتفاق، خلال الاجتماع، على نشر المزيد من عناصر الاستخبارات في الشوارع الرئيسية لمراقبة حركة الجماعات المسلحة".
وتابع ان "الاسلوب الذي تتبعه العناصر الاجرامية الان يعتبر من اسهل الاساليب خصوصا وانهم فشلوا في جميع اساليبهم الاخرى". واضاف "نحن نأخذ بعين الاعتبار هذه الاساليب وربما يلجأ العدو الى اساليب اخرى مستقبلا لكننا نعمل على هذا الموضوع من خلال مراجعة الخطط الامنية وتفعيل بعض الجوانب الاستخبارية الخاصة به والتركيز على عصابات الجريمة المنظمة وما شابه ذلك".
وبشأن قدرة التنظيمات المسلحة على مباغتة القوات الامنية قال عطا ان "هذه الجماعات تترجم فشلها بالاعتماد على الاساليب السهلة". وزاد "بعد عملية الكنائس استطعنا توفير الحماية الكاملة لباقي دور العبادة للاخوة المسيحيين ولم تشهد اي اعتداء حتى اللحظة وبالتالي ذهب عناصر هذه الجماعات للبحث عن بيوت ابناء الطائفة المسيحية". واوضح قائلا "هنا اقول اننا غير قادرين على توفير الحماية لكل دار على حدة الا ضمن العمل المناطقي".
وكشف عطا "لدينا خيوط حول جرائم الاغتيالات التي وقعت، لكنني لا استطيع التحدث عن هذا الموضوع خوفا من افلات المسؤولين عنها من قبضة القوات الامنية"، مؤكدا ان "الايام المقبلة ستشهد كشف تفاصيل مهمة" في هذا الموضوع.
واشار الى ان "المرحلة المقبلة ستكون مرحلة تخصصية بالنسبة للجهد الامني وسنشرك المسؤولين في مجلس محافظة بغداد في خططنا الامنية وسنفعل دور المختارين داخل المناطق السكنية فضلا عن الاستعانة بمراكز جمع المعلومات داخل مراكز الشرطة في قواطع المسؤولية".مصدر مسؤول في وزارة الداخلية ابلغ "العالم" ان وزارته "لا تملك اية معلومات حول طبيعة الخلايا الارهابية التي تنفذ عمليات الاغتيالات بالمسدسات الكاتمة للصوت".المصدر قال مشترطا عدم ذكر اسمه ان "الاغتيالات التي تنفذ في بغداد الآن عشوائية ولا يغلب عليها طابع التنظيم". ومضى يقول "لم نتأكد حتى الان من وجود عمليات اغتيال منظمة اي وجود قوائم بالتصفية الجسدية لاسماء محددة". وتابع ان "استهداف ضباط ومراتب بشكل عشوائي يؤيد صحة هذا القول فالعصابات الاجرامية تعتمد في تنفيذها لعملياتها على اهداف موجودة في لحظة ما وتنتقي اهدافا يظهر عليها الانتماء للاجهزة الامنية اما من خلال الزي او من خلال العجلة التي يستخدمها الضحية".
وكشف انه في يوم أمس الاثنين "شهدت بغداد نحو 15 محاولة استهداف لعناصر في وزارتي الدفاع والداخلية وقمنا بنشر سيطراتنا المتنقلة في شوارع العاصمة كي نمنع الجماعات المسلحة من الاستمرار في استهدافها لرجال الامن".وخلص المصدر الى ان "على الحكومة الاسراع في تسمية الوزراء الامنيين ليباشروا مهمتهم وليضعوا خططهم وافكارهم لتترجم الى امن حقيقي".
وكان مستشار القائمة العراقية هاني عاشور اكد في بيان له أمس الاثنين ان "تأخير تسمية الوزراء الأمنيين
ربما سيؤدي الى مردودات عكسية في وقت يسعى فيه الإرهاب الاعمى الى استهداف العراقيين الأبرياء واللعب بورقة الوقت الضائع".
العالم