TODAY - 28 February, 2011
معظمهن أرامل لضحايا الحروب.. وساهمن في كبح نشاط الانتحاريات في ديالى
تنظيم بنات العراق بلا رواتب: يقترضن اجرة الوصول لنقاط التفتيش ويعجزن عن مراجعة الاطباء

مجموعة من بنات العراق يقمن بتفتيش المراجعات في احدى دوائر الدولة
بعقوبة- جاك هيلي
تقضي نساء عراقيات، يعملن على احباط الانتحاريات، ايامهن في سقائف معدنية متهالكة في نقاط التفتيش ومجمعات الدوائر الحكومية عبر امرار ايديهن على اجسام نساء تلف اجسادهن عباءات سود.
وتَقول السلطات العراقية ان عمليات التفتيش هذه ساعدت في كبح الهجمات الإنتحارية النسوية التي كانت تمثل كارثة في ديالى التي لا تزال خطرة. وتضيف السلطات ان فرق النساء هذه المعروفة باسم «بنات العراق» وهي مرادف لقوات الصحوة (ابناء العراق)، لعبت دورا حاسما في بلد لاتزال التقسيمات الصارمة بين الجنسين تجعل من الصعب قيام الرجال في الشرطة بتفتيش النساء بحثا عن الاسلحة او الاحزمة الناسفة.
لكن النسوة اللاتي يقمن بالتفتيش يقلن انهن لم يتسلمن رواتبهن منذ سنة تقريبا وذلك بعد تولي الحكومة العراقية ادارة البرنامج بدلا من الجيش الأميركيِ، الذي ساعد على تأسيس وتمويل برنامج «بنات العراق» عام 2008.
وتقول هند جاسم التي التحقت بالعمل بعد ان فقد زوجها عمله «لايزالون يستمرون بوعودهم حول انهم سيقومون بدفع الرواتب الشهر القادم، ثم في الشهر القادم. وما يبقينا هنا هو الوعود».
ويعكس كفاح النساء هذا مخاوف اكبر حول كيفية قيام الحكومة بإبقاء المشاريع التي مولتها الولايات المتحدة فيما يغادر بقية الجنود الاميركان البالغ عديدهم خمسين الفا في الاشهر العشرة القابلة.
وقد تركت بعض النسوة العاملات في برنامج «بنات العراق» العمل بعد ان تبخر الراتب البالغ 250 دولار. اما الاغلبية الكبيرة من اللاتي بقين في العمل فانهن ينزلقن بصورة اعمق في الفاقة. والكثير من العاملات هن من ارامل الحرب او المعيلات الوحيدات لعوائلهن.
وفي مركز محافظة ديالى التي كانت مرة مركز الهجمات الانتحارية النسوية في العراق يجاهد قادة مجموعة «بنات العراق» للحصول على الاموال من اجل دفع فواتير الكهرباء وايجار المقرات والتي لاتتوفر فيها وسائل الراحة. وقالت النسوة ان الحكومة المحلية وقوات الشرطة قامتا بالمطالبة نيابة عن المجموعة لكنهما لم يحصلا الا على القليل من الدعم المادي.
وتقول وجدان عادل التي ساعدت في تشكيل «بنات العراق» ان المسؤولين يشجعون النسوة على الاستمرار بالعمل بوصفه واجبا (وطنيا) تجاه العراق وازواجهن القتلى، على الرغم من غرق البعض منهن في الديون وخيبتهن من هذه الحكومة.
وتقول الانسة وجدان عادل «اذا تم التخلي عن [بنات العراق] فسيحدث فراغ امني في ديالى وسيصبحن هدفا سهلا للقاعدة».
وألقى مقرب من رئيس الوزراء باللائمة على «الاسباب الفنية» التي تسببت في اخفاق مؤقت في دفع الرواتب، لكنه قال ان الحكومة تعهدت بتمويل «البنات» ودمجهن في فروع الاجهزة الامنية.
وقال المستشار علي الموسوي» انهن يقمن بالعمل الذي لايتمكن اخوتهن في الاجهزة الامنية من القيام به. وعملهن يحظى باحترام وتقدير الجميع».
وكان العراق بطيئا في دفع رواتب افراد الصحوة وهي المجاميع التي دعمت الاميركان وتشكلت من المتمردين السابقين الذي تحولوا للجانب الاخر وحاربوا مع القوات الاميركية.
وعلى الرغم من وعود المسؤولين العراقيين بإلحاق قوات الصحوة بالقوات الامنية وبقية الوزارات الا ان التقرير الاخير الصادر من المسؤولين الاميركان ذكر ان 41% فقط حصلوا على وظائف من مجموع 95 الفا من عناصر الصحوة.
اما مجموعة «بنات العراق» فتشكلت بعد الصحوة ولكن على نطاق اصغر اواخر عام 2008 وتدربت عناصرها للدفاع عن النفس وعلى الاسلحة الصغيرة وتم توزيعها على نقاط التفتيش والمراكز الامنية الاخرى في ديالى وفي الاحياء والبلدات السنية جنوب بغداد.
وتقول وجدان عادل التي نجت من قنبلة مزروعة على الطريق تسببت بالحاق العوق باخيها في تشرين الاول (اكتوبر)، ان بعض العراقيين غضبوا عند رؤيتهم نساء يرتدين قمصانا رصاصية من طراز ما يرتديه الجيش ويقفن في نقاط التفتيش او يسرن في مجاميع اثناء الاستعراضات. بل ان النساء تلقين تهديدات عبر مكالمات هاتفية.
وقال المسؤولون العراقيون ان عمليات التفتيش لعبت دورا هاما في كبح التفجيرات الانتحارية النسوية. وكانت هناك 36 هجمة من هذا النوع عام 2008، وهبط العدد الى اربع هجمات في عام 2009 لتصل الى هجمة واحدة عام 2010، وكانت في الحقيقة لرجل ارتدى ملابس نسائية وفقا لما قاله الجيش الاميركي. ولم تحدث هجمات من هذا النوع خلال العام الحالي.
ويتزامن الهبوط في هذه العمليات مع الانخفاض العام في العنف الذي شهدته السنوات الاخيرة وربما يعود معظم الانخفاض في العمليات الإنتحارية النسائية إلى الأعمال العسكرية الأميركية والعراقية ضد المجموعات المقاتلة المتمردة.
وتقول اقبال عبد راشد 45 عاما انها انضمت لبنات العراق بسبب العوز فقد قُتِلَ زوجها الذي كان جنديا عام 2006 على يد المسلحين. وبعد شهر ومخافة الانتقام قتلوا ابنها البالغ 17 عاما. وتقول السيدة اقبال انه توجب عليها لوحدها ان ترعى بناتها الاربع وولديها.
وتقول «ان الانضمام لـ[بنات العراق] كان هو السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة. ولا يقدر احد تضحياتنا ومقدار المتاعب التي نواجهها وتواجهها عائلاتنا».
والقصص المشابهة لقصتها ذائعة في شوارع محافظة ديالى، حيث لايزال العمال والفلاحون يعثرون على المقابر الجماعية التي تضم رجالا ونساء اطفالا قتلتهم المجموعات المسلحة.
وتقول ابتسام عبود 37 عاما انه في عام 2004 شاهدت المسلحين يقتحمون بيتها ويطلقون النار على رأس زوجها. وانها قضت بضع سنوات تكدح في الشوارع تبيع الخبز، وتدير مخزنا صغيرا شغل احد اركان غرفة المعيشة في منزلها. وانها انضمت لبنات العراق بسبب الوعود بوجود مرتبات تدفع بانتظام ولرغبتها بحماية الناس من الهجمات. وتقول «يمكنني أن أحمي الناس الآخرين، وهو ما لم أستطع أن أفعله لزوجي وذلك هو ما وضعته نصب عيني».
ولكن مع مرور الاشهر من دون تقاضي مرتبات فإن هذه المرأة وبقية بنات العراق يقلن انهن يناضلن للصمود مع ازدياد التهكم والسخرية من وعود دفع الرواتب والدعم الحكومي.
وباع البعض المجوهرات والأثاث أو تركوا منازلهم مع أفراد الأسرة، وتراكمت مديونتهم للمخابز المحلية، ولمحلات الملابس ولمحلات التسوق الاخرى. وقالت امرأة انها تقترض المال اصلا من اجل الوصول الى مكان عملها في نقاط التفتيش.
واضافت «لقد تراكمت عليَّ الديون، الكثير من الديون»، وقالت زهرة عبد الله (34 عاما) التي تقوم بتفتيش النساء الداخلات لمبنى تابع لوزارة الشباب في ديالى «نحن نشتري الضروريات فقط من اجل البقاء على قيد الحياة».
وزوج زهرة كادح لايجد عملا حاله حال واحد من كل خمسة من العراقيين. وترك لها اعالة جميع افراد الاسرة. لكن ومنذ توقف استلام الرواتب امتنعوا عن الذهاب للاطباء.
وعلى الرغم من ان السيدة عبد الله حاصلة على مؤهل في المحاسبة الا انها لم تجد عملا ولم يسفر بحثها عن شيء. وهكذا قررت ان تبقى صامدة وتقول ربما يأتي الراتب في يوم ما.
عن صحيفة نيويورك تايمز