النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

بين ضباب المدينة وهدوء القلب

الزوار من محركات البحث: 10 المشاهدات : 141 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    مراقبة
    أسكن روح القطيف
    تاريخ التسجيل: September-2016
    الدولة: Qatif ، Al-Awamiya
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 23,919 المواضيع: 8,639
    صوتيات: 139 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 30347
    مزاجي: متفائلة
    المهنة: القراءة والطيور والنباتات والعملات
    أكلتي المفضلة: بحاري دجاج ،، صالونة سمك
    موبايلي: Galaxy Note 20. 5G
    آخر نشاط: منذ 5 دقيقة
    مقالات المدونة: 1

    Rose بين ضباب المدينة وهدوء القلب

    بين ضباب المدينة وهدوء القلب
    الفصل الأول: في عمق الغيم
    كان ذلك صباحاً رمادياً، كما هو الحال في غالبية الأيام التي تعيشها ميساء، الشابة التي تعمل في أحد المقاهي الصغيرة في حيّ قديم يلتف حوله ضباب كثيف من كل الاتجاهات. لم تكن هناك ملامح واضحة في هذا الحي إلا الحزن الذي يتسرب بين الجدران، والشوارع التي تتناثر عليها الذكريات المُتعبة من الأيام الماضية.
    رغم هذا، كانت ميساء تمتلك شيباً غريباً، سرّاً صغيراً لا يعرفه أحد غيرها. كانت تبتسم دائماً، تغني في قلبها لحناً لا ينقطع، تضحك مع الزبائن، وتقدم القهوة كما لو كانت تعزف ألحاناً على أوتار الحياة. كان وجهها مشرقاً، رغم أن الظلام كان يلاحق الناس في هذا الحي المنسي. كان قلبها يغني ويطير، وكأنها اكتشفت سراً غامضاً في الحياة، لا يعلمه إلا من اختار أن يثور ضد الواقع.
    بينما كانت تمسح الطاولة المقابلة للنوافذ القديمة، دخل أحمد إلى المقهى. كان شاباً في الثلاثينات من عمره، ذو وجه شاحب وعينين يملؤهما القلق. كانت خطواته ثقيلة، كما لو أن ثقل العالم كله كان محملاً على كتفيه. لم يكن المقهى هو المكان الذي كان يبحث عنه، لكنه كان المكان الوحيد الذي يعرفه في تلك اللحظة، والأماكن الجديدة التي لا يملك فيها أحد المفتاح كانت تشعره بالخوف.
    جلس أحمد في الزاوية المعتمة، بعيداً عن الأنظار، غارقاً في أفكاره المظلمة، وكان يراقب الناس كما لو كانوا غريبين في عالمه. جلس لفترة طويلة، ثم طلب كوباً من القهوة السوداء، وابتسم قليلاً لنفسه حين شعر بنكهتها التي تعيده إلى لحظات مضت في الماضي.
    حينما اقتربت منه ميساء لتسأله إن كان يحتاج شيئاً آخر، رفع عينيه وقال، ”لماذا تبتسمين دائماً؟ أرى في عينيكِ شيئاً لا أعرفه، شيء لا يشبه هذا المكان.“
    ضحكت ميساء، وتابعت تحضير مشروب آخر، ثم قالت: ”الابتسامة ليست شيئاً تأتي به الظروف، بل هي اختيارك. الحياة ليست مجرد ما ترى، بل هي ما تختار أن تحمله في قلبك.“
    ”لكن كيف؟ كيف يمكن أن تبتسمين في هذا المكان؟ في هذه الحياة التي لا تعطي أحدًا شيئاً؟“ كان صوته مكسوراً، مملوءاً بالحزن.
    أجابته ميساء بلطف، بينما كان وجهها مشرقاً كما لو كانت تضيء الطريق أمامه: ”السعادة جهاد، يا أحمد. جهاد في أن تظل سعيداً في مكان لا يعترف بالسعادة. لكن السعادة ليست مجرد غياب الألم، إنها قدرة على أن تختار الفرح رغم كل شيء.“
    كانت كلماتها عميقة كما لو كانت شعاعاً ينفذ من قلبها إلى قلبه، فتجعله يدرك شيئاً غريباً. كان يعتقد أن السعادة تأتي فقط عندما تزول كل المشكلات، ولكن تلك الفتاة الصغيرة التي تقف أمامه كانت تخبره بأن السعادة هي اختيار داخل القلب، لا حاجة للانتظار كي تأتي الظروف لتسمح لك بالابتسامة.
    الفصل الثاني: السعادة والضباب
    مرت الأيام، وتكررت زيارات أحمد للمقهى، وكأن شيئاً قد تغيّر بداخله. كانت ميساء هناك دائماً، تقدم له القهوة، تبتسم له بابتسامة تُضيء المكان، تجلب له لحظات من الدفء في عالم كان يعتقد أنه مليء بالبرودة. لم يكن يحتاج إلى الكثير من الكلمات، بل كانت تلك الابتسامة كفيلة بأن تجعل كل شيء يبدو أفضل.
    ومع مرور الوقت، بدأ أحمد يشعر بتغيير غريب. كلما زار المقهى، وكلما التقى بميساء، كان يشعر بأن ضباب المدينة بدأ يخف. لم يكن الضباب الذي يراه في الشوارع هو ذاته الضباب الذي يعيشه في قلبه. كان لديه الآن شعور جديد، شعور غريب بالسلام الداخلي، وكأن ميساء قد منحت له مفاتيح لحياة جديدة.
    وفي إحدى الأمسيات، بينما كان المطر يهطل بغزارة خارج المقهى، جلس أحمد وحيداً في زاويته المفضلة، يراقب الذرات الصغيرة للماء التي تتناثر على الزجاج، وتنبعث منها رائحة الأرض الرطبة. كانت ميساء قد اختفت لبرهة، ثم عادت، لكنها لم تكن بمفردها. كانت برفقة شاب آخر، يرتدي قميصاً أبيض وقبعة صغيرة، وكان يبدو أنه يعرف ميساء جيداً.
    ”أحمد، هذا هو سامي، صديقي القديم. هو الآخر اختار أن يجد السعادة رغم تحديات الحياة،“ قالت ميساء، مبتسمة.
    أحمد، الذي كان دائماً يظن أن السعادة تأتي من الابتعاد عن مشاكل الحياة، شعر لأول مرة أن السعادة قد تكون شيئاً آخر. كان سامي يضحك مع ميساء بكل روح مرحة، وكأن السنين الماضية لم تترك في قلبه أي أثر.
    الفصل الثالث: الجهاد الأخير
    بدأ أحمد يدرك شيئاً عميقاً. كان يعرف أن السعادة ليست غياباً عن المشاكل أو الألم، بل هي المواجهة الحقيقية لهما. السعادة لا تأتي من الهروب من الضباب، بل من السير فيه واختيار الابتسامة رغم كآبته. كانت ميساء قد علمته سرّاً لم يكن يعرفه: السعادة الحقيقية هي جهاد في أن تظل في الطريق الصحيح رغم كل الصعوبات.
    وفي أحد الأيام، بينما كان يلتقي بميساء بعد عدة أسابيع من التفكير، قال لها: ”أنتِ محقة، الحياة لا تمنحنا السعادة دون أن ندفع ثمناً، لكننا إذا اخترنا أن نبقى في سلام داخلي، سنتمكن من مواجهة أي ضباب يأتي في طريقنا.“
    ابتسمت ميساء وقالت، ”أنت الآن تعلم سر السعادة يا أحمد. ليس أن تظل سعيداً لأنك لا تواجه الصعوبات، بل أن تختار السعادة وسط كل تلك الصعوبات.“

    نظر أحمد إلى ميساء، ثم ابتسم. كانت تلك الابتسامة التي لم يكن يعرف كيف يخرجها، لكنه الآن يعرف أن السعادة هي جهاد مستمر، رغم كل التحديات.
    النهاية

  2. #2
    صديق مشارك
    تاريخ التسجيل: March-2025
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 136 المواضيع: 1
    التقييم: 83
    أكلتي المفضلة: شاورما
    موبايلي: شاومي 2025
    آخر نشاط: منذ 14 ساعات
    احسنتم النشر

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال