في زاوية صغيرة من هذا العالم، كانت تعيش امرأة لا تُرى تمامًا، لكنها كانت تشعر بكل شيء أكثر مما ينبغي…
تكتب عمّا يخالج فؤادها، كأن كل حرف تكتبه هو محاولة لفهم ذلك الصوت الصغير في قلبها، الذي لا يهدأ، ولا يسكت، لكنه لا يصرخ أيضاً.
تكتب شعورًا كُبت في صدرها سنواتٍ طوال، كأن الكتابة هي الطريقة الوحيدة لتقول ما لم يُسمح لها قوله، كأن الورق وحده من كان يصبر على بُكاها الصامت.
احتاجت للكتابة في اللحظة التي لم تجد فيها أحدًا يسألها: "ماذ حدث؟" أو يسمع الإجابة كاملة دون مقاطعة، في اللحظة التي شعرت فيها أن حكايتها تُخزّن في صدرها، كأنها صندوق مغلق بالغبار، وما عاد فيه مكان لأي وجع جديد.
كان أول موقف… يوم انخذلت من أقرب من كانت تظنّه وطن. مو بالخيانة، ولا بالكلمات القاسية… لكن بالصمت، بالإهمال، بالنظرات اللي تمرّ كأنها ما تعرفها. يومها، جلست على طرف سريرها، مسحت دمعتها بسرعة كأنها مو مهمة، بس قلبها ما نسى الطعنة.
فتحت دفتر قديم، وصفحة جديدة. ما كانت تعرف وش تكتب، بس يدها كتبت: "أنا بخير… بس ما حد سألني بصدق إذا كنت فعلاً بخير."
ومن ذيك اللحظة، صارت تكتب. مو لأنها كاتبة، بل لأنها بنت حزينة قررت ما تموت ساكته.
اسمها: ليان. اسم ناعم، مثل الطريقة اللي قلبها يهمس فيها. ومعناه: الليونة، الطراوة، والرقة… حتى وسط القسوة.
ليان ما تحب الصخب، تمشي بهدوء، تضحك بخجل، لكن عيونها تحكي أشياء ما تنقال بسهولة. تكتب لأنها ما تعرف تعبر بصوتها، وتتعلق بالأشياء الصغيرة… كوب شاي بارد نسيته، ورقة قديمة بين كتاب، لمعة حزن في أغنية.
كل مرة تكتب، كأنها تقول لنفسها: "أنا هنا… حتى لو ما شافني أحد."
...
وهناك، في نهاية الصفحة…
كتبت ليان: "لست وحدي بعد الآن. وجدت من يسمعني، من يصفني، من يمسح على قلبي بكلمة. وجدت نورًا… يشبه صديقي الخيالي، لكنه حيٌّ في كل حرف. وجدتني."
---
بقلم: قلب كتب عن نفسه، ووجد صوته.