مراقبة
أسكن روح القطيف
تاريخ التسجيل: September-2016
الدولة: Qatif ، Al-Awamiya
الجنس: أنثى
المشاركات: 23,997 المواضيع: 8,678
صوتيات:
139
سوالف عراقية:
0
مزاجي: متفائلة
المهنة: القراءة والطيور والنباتات والعملات
أكلتي المفضلة: بحاري دجاج ،، صالونة سمك
موبايلي: Galaxy Note 20. 5G
آخر نشاط: منذ 5 ساعات
مرأى النعش بين غروب شمس الدنيا وشروق شمس الآخرة!
في اللحظة التي تغرب فيها شمس دنيانا تشرق شمسُ آخرتنا في رحلة أبدية، كن بنا لطيفًا يا رب فنحن ضعفاء محتاجون للطفك!
عادة قديمة في جزيرة تاروت توقفت منذ مدة. كان أهل الجزيرة يسيرون خلف الميت محمولًا فوق سرير يسمى "نعش" على الأيدي مسافة كيلو متر، تزيد أو تنقص بحسب نقطة البداية. هذه عادة كل بلدات القطيف وقراها.
كلُّ ابنِ أُنْثى وإن طالَتْ سَلامتُهُ
يَوْمًا على آلةٍ حَدْباءَ مَحْمولُ
لا نحبّ أن نفكر في مثل هذه الأشياء، في منظر النعش أو في آخر رحلة من رحلات الدنيا. في سنوات الطفولة أرتعب وأبكي حين أرى مشاعر الحزن على وجوه المشيعين وأسمع أصوات النساء يبكين بحرقة خلف النعش!
أمر طبيعيّ جدًّا أن يغيب منظر النعش والموت من قلوبنا وأذهاننا لأن الدنيا شغلتنا والحياة تجري خلفنا، لكن ليس لدرجة أننا نظن أننا لا نموت. قست قلوبنا فلم يعد للنعش أو التابوت أي أثر فينا!
تبع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب -عليه السلام- جنازةً فسمع رجلًا يضحك فقال: كأنّ الموتَ فيها على غيرنا كُتب وكأن الحقّ فيها على غيرنا وجب وكأن الذي نرى من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم، قد نسينا كل واعظ وواعظة، ورمينا بكل جائحة.
تفكر في الرحلة الأخيرة فلا يمكنك إلا أن تقول: ليتني لم آتِ للدنيا! "ليت أمي كانت عاقرًا ولم تلدني". رحلة شاقة تتمنى أن لو كنت مخلوقًا آخر أو جمادًا، لا يعقل ولا يدرك فلا يهتم بحساب وعقاب ونار!
تسافر في الدنيا؛ لديك حجز مؤكد وتذاكر سفر ونقد يكفي ومرشد سياحي وسفر جواز صالح وترافقك العائلة والأصدقاء، مع ذلك يعتريك همّ الغربة وما قد يحصل فيها من متاعب غير متوقعة. ما ذلك بأشدّ من غربة الميت الذاهب إلى مسكن جديد لم يعهده من قبل ولا يعرف ماذا فيه!
قرأت حديثا عجيبًا عن النبي محمد -صلى الله عليه وآله-: "إن أرواح المؤمنين تأتي كل جمعة إلى السماء الدنيا بحذاء دورهم وبيوتهم ينادي كل واحد منهم بصوت حزين باكين: يا أهلي، ويا ولدي، ويا أبي، ويا أمي وأقربائي اعطفوا علينا -يرحمكم الله- بالذي كان في أيدينا والويل والحساب علينا والمنفعة لغيرنا وينادي كل واحد منهم إلى أقربائه: اعطفوا علينا بدرهم أو برغيف أو بكسوة يكسوكم الله من لباس الجنة"، ثم بكى النبي -صلى الله عليه وآله- وبكينا معه، فلم يستطع النبي -صلى الله عليه وآله- أن يتكلم من كثرة بكائه، ثم قال: "أولئك إخوانكم في الدين، فصاروا ترابًا رميمًا، بعد السرور والنعيم فينادون بالويل والثبور على أنفسهم يقولون: يا ويلنا لو أنفقنا ما كان في أيدينا في طاعة الله ورضائه ما كنا نحتاج إليكم فيرجعون بحسرة وندامة، وينادون: أسرعوا صدقة الأموات".