يشجع الدين الإسلامي على التبسم وإشاعة البهجة بين الناس وعدم الكآبة والاستغراق في الحزن "الدنيوي.
عدّ الإسلام التبسم في وجه الغير من الصدقات التي يثاب عليها المسلم، وقد روي عن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله: "تبسمك في وجه أخيك صدقة"! أتى رسولَ الله صلى الله عليه وآله رجل فقال: يا رسول الله أوصني فكان فيما أوصاه أن قال: "الق أخاكَ بوجه منبسط". ومنبسط تعني فرحًا مسرورًا، منشرح الصدر.
لا يبعد عن ذلك القول المنسوب للإمام علي عليه السلام: "المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه". وصايا تتفق مع الدراسات الحديثة عن آثار الحزن السيئة. لستُ من الذي بالضرورة يصدقون الدراسات التي تقول في الضحك ما ليس فيه، تنصحك أن تضحك قبل النوم وفي النوم وبعد الاستيقاظ من النوم، كذلك لا أؤمن بأن الحزن والاستغراق فيه والكآبة مفيد لأنه يؤثر سلبًا على سلامة المزاج والصحة.
الواضح أن الدنيا ليست كلها لعب وضحك، لكن إذا لم نستطع أن نبتسم فنحن مثل الذي لا يبكي، قلبنا قاس! إذا كنا لا نرى في الحياة ما يستحق ابتسامة فنحن أموات نمشي بين الناس. إذا فضلنا الحزن الدنيوي على الفرح فنحن في الحقيقة تحتاج إلى وقفة مع النفس. الحزن الحقيقي حزن الآخرة والخسارة الحقيقية خسارة رضا الله.
ما من أحد لا تصيبه الأقدار بسهم في مراميه وما أكثر السهام، فإذا بحنا بأسرار الحزن لمن حولنا وباح من حولنا بأسرار أحزانهم امتلأت الدنيا أحزانًا والإيمان بقضاء الله وقدره المكتوب والتسليم به يزرع الأمل في القلب. حزن الدنيا فليس له نهاية وما من أحد في الحياة أيام أفراحه كثيرة أمام أيام أحزانه.
أجاد الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي كثيرًا في دعوته للابتسامة:
قالَ السَماءُ كَئيبَةٌ وَتَجَهَّما
قُلتُ اِبتَسِم يَكفي التَجَهّمُ في السَما
قالَ الصِبا وَلّى فَقُلتُ لَهُ اِبتَسِم
لَن يُرجِعَ الأَسَفُ الصِبا المُتَصَرِّما
كلنا نحزن، ابحت إن شئتَ في صدور كل من حولك، كل واحد منهم عنده ما يكفيه من الهموم، فلماذا نضيف لهم مما عندنا؟ حبذا لو تقاسمنا فرحنا أكثر مما نتقاسم أحزاننا. لا يعني الفرح أننا نضحك مثل المجانين، أو البهائم التي لا تدري ماذا يراد بها، إنما لا استغراق في الحزن "الدنيوي" المدمر!
سمع النبيُّ سليمان عليه السلام نملةً تنصح أخواتها: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} فما كان منه إلا كما ذكر القرآن الكريم: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا}. لم يلم الله سبحانه وتعالى النبيَّ سليمان عليه السلام على تبسمه حين وجد الموقف طريفًا، إنما ذكره على سبيل الحكاية، فهل نجد نحن حرجًا إذا تبسمنا أو التمسنا عذرا لمن ابتسم؟
قُلتُ اِبتَسِم يَكفيكَ أَنَّكَ لَم تَزَل
حَيّاً وَلَستَ مِنَ الأَحِبَّةِ مُعدَما
قالَ اللَيالي جَرَّعَتني عَلقَماً
قُلتُ اِبتَسِم وَلَئِن جَرَعتَ العَلقَما
إيليا أبو ماضي