( المحرقة العلَويّة ، والسبي العلَوي ، في زمن الأُمَويين الجُدد )
-------------------------
قد نعتذر يوماً للأمويين الأوائل أمام ما يفعلهُ أحفادهم اليوم ، وقد ينهضون من قبورهم ليقولوا لنا كم ظلمتمونا لمّا شبَّهتمونا بهؤلاء فنحن لم نفعل مِعشار ما فعلوه ولم نبلع مِقدار ما ارتكبوهُ .

نحن لم نقل عن هؤلاء بانهم أمويون بل هم قالوا ويتفاخرون بذلك ، علماً أن الأمويين لا يمثّلون أهل السنة ، بل كثير من أهل السنة يستنكر ويدين ما فعله الأمويون القدماء ، وما يفعله الامويون الجُدد .

مَن يُسيء للإسلام وللنبي محمد هو من يتشدّق بأنّه يُمثّل الإسلام وينصر نبيّه : عندما يخرج البعض في مظاهرة ويُردّد شعار : " قائدنا إلى الأبد سيّدنا محمد " وبعدها يُطلق عبارات التكفير والتحريض على قتل كلّ من يُخالفه بالرأي ، ويجعل عبارة : " الله اكبر " غطاء وتبريراً لجرائمه ، فهو يُعطي نظرة مشينة عن العقائد الإسلامية لأنّه يتمّ القتل وسفك الدماء انطلاقاً منها وتحت مقولاتها ، فلا تلومنّ أحد ما إن وصفك بأنك إسلامي مُتطرف ، فأنت تقول علناً وتفعل جهاراً نهاراً ، كل شيء قبيح ، تحت غطاء الإسلام ورادئه .

عندما تقول أنا مُسلم ، وأُطبّق الشريعة الإسلامية ، في قتل الأقلّيات ، باعتبارهم كفاراً ، وهذا واجب شرعي ، آت من ركن الجهاد ، فانت تجعل الجميع يقول عنك بأنك إسلامي ، إرهـابي .

هذه الأفعال الفردية والجماعية ، تُسيء للإسلام الصحيح وتُسيء لكل مُسلم مُعتدل شريف ، فلم يعرفوا من الإسلام سوى السبي والسيف وتركوا كل مكارم الأخلاق .

كان البعض يُشبّه أي حكم إسلام مُتطرف أو دولة إسلامية مُتطرفة بطالبان وبأفغانستان ، ولكن انتظروا ستسحب سورية الحالية اللقب منها ، وستصبح مثلاً لكل حكم قمعي ، مُتطرّف ، متزمّت في قادم الأيام التي ليست بعيدة .

منذ سقوط النظام السابق ، كانت النيّات مُبيّتة للانتقام من العلويين ، باعتبار صارت مُتاحة للتنفيذ ، ولكنها تأجّلت لجمع السلاح تحت اسم التسويات لعدم المقاومة ، وبعدها تمّ افتعال حركة مسرحية في الساحل لإعطاء مُبرّر للجرائم والمجازر وعمليات الخطف والسبي وحرق الممتلكات وسرقة الأرزاق ، بحجّة فلول النظام .

سيُسجّل التاريخ أنه عندما عادت دمشق أموية ، وعادت سورية سنية - طبعاً هم يقولون ذلك ويتباهون - قُتل عشرات الآلاف من الطائفة العلوية ، وهُجّرت وشُرّدت ، وخُطف أبناؤها وسُبيَت نساؤها ، وحُرموا مصادر رزقهم وعيشهم ، على يد الأمويين الجُدد الذين يدّعون الانتماء إلى أهل السنة ، فيجب على السنة المُعتدلين في سورية إنقاذ تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم بالوقوف ضد كل هذه المجازر والأفعال الشنيعة والتبرّؤ من فاعليها ، فلا تكفي أصوات فردية من هُنا وهناك ، بل من المفروض أن تكون حالة شعبية تُؤثّر في مجريات الأحداث الحالية نحو إيقاف سفك الدماء على الهوية ووضع حدّ لكلّ هذا الظلم الكبير .

حالات القتل والخطف والسبي التي تحصل وتصبح قضية رأي عام ، وتُحدث ضجة ، ليست إلا حالات من مئات الحالات ، وقصص معالجتها وإدانتها من قبل السلطة ليس إلا الظهور بمظهر إنساني وقانوني وأنه لا يقفون مع الظلم ويُحاسبون المُخالفين ، بالطبع هذا ليس كرم أخلاق وحسن سلوك من بعض المسؤولين ، بل يهمّهم الرأي العام وخاصة الخارجي لاستمرار وجودهم وسلطتهم .

التاريخ يُعيد نفسه بل يُعيد نفسه باساليب أخبث وأشنع وادهى ، فلا يدوم ظلم ولا يستمرّ ، فلكلّ شيء نهاية ، ونهاية الظلم والظالمين إلى زوال ولو بعد حين .
------------------------
بقلم : أسعد صالح