إسرائيل تكثف ضرباتها في إطار توسيع هجومها على غزة
دبابات إسرائيلية متوقفة في منطقة تجمع في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع غزة (أ.ب)
أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (السبت) أنه نفذ «ضربات مكثفة» على غزة، في إطار «المراحل الأولية» لهجوم جديد على القطاع الفلسطيني المحاصر، حيث أسفرت أيام من القصف عن مقتل المئات، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».
ورغم الانتقادات الدولية المتزايدة لطريقة إدارته الحرب التي أثارها هجوم «حماس» على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين إن الجيش سيدخل قطاع غزة «بكل قوته» في الأيام المقبلة «لإكمال العملية. إكمال العملية يعني هزيمة (حماس)، ويعني تدمير (حماس)».
تصاعد الدخان عقب غارة جوية للجيش الإسرائيلي على شمال قطاع غزة (أ.ب)
وقال الجيش الإسرائيلي السبت إنه «خلال اليوم الماضي (الجمعة)، شن «ضربات مكثفة»، وأرسل «قوات للسيطرة على مناطق في قطاع غزة».
وأضاف على مواقع التواصل الاجتماعي أن ذلك يأتي «في إطار المراحل الأولية لعملية (عربات جدعون)، وتوسيع المعركة في قطاع غزة، بهدف تحقيق كل أهداف الحرب، بما فيها إطلاق سراح الرهائن وهزيمة (حماس)».
وبعد هدنة استمرت شهرين، استأنفت إسرائيل في 18 مارس (آذار) عملياتها العسكرية في غزة، واستولت على مساحات كبيرة من القطاع. وأعلنت حكومة نتنياهو مطلع مايو (أيار) خطة «لاحتلال» غزة، وهو أمر سيؤدي إلى نزوح «معظم» سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
من جهته، أكّد الدفاع المدني في غزة مقتل مائة فلسطيني على الأقل الجمعة بعد الإبلاغ عن مقتل 80 شخصاً الأربعاء، وأكثر من 100 الخميس.
رجل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارات إسرائيلية في جباليا (رويترز)
- «الكثيرون يتضورون جوعا» –
من جهتها، دعت حركة «حماس» الولايات المتحدة إلى الضغط على إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر الذي يتضور سكانه جوعاً وعطشاً بعدما أطلقت الحركة سراح جندي إسرائيلي - أميركي رهينة، هذا الأسبوع.
فلسطينيون بينهم أطفال يكافحون للحصول على الطعام المتبرع به في مطبخ مجتمعي في خان يونس (أ.ب)
وفي ختام جولته الخليجية، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة: «نحن ننظر في أمر غزة، وسنعمل على حل هذه المشكلة. الكثير من الناس يتضورون جوعاً».
منذ الثاني من مارس، تمنع إسرائيل منعاً باتاً دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وقال المسؤول في حركة «حماس» طاهر النونو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الحركة «تنتظر وتتوقع من الإدارة الأميركية مزيداً من الضغوطات على حكومة نتنياهو لفتح المعابر، وإدخال المساعدات الإنسانية: الغذائية، والدوائية، والوقود للمشافي في قطاع غزة بشكل فوري».
وأشار إلى أن هذا كان جزءاً من «التفاهمات مع الموفدين الأميركيين خلال اللقاءات التي عقدت الأسبوع الماضي، والتي بموجبها أطلقت الحركة سراح الرهينة الإسرائيلي الأميركي، عيدان ألكسندر».
وجاءت تصريحات النونو بعد يوم من تحذير «حماس» لترمب بأن غزة «ليست للبيع»، رداً على تصريحات أبدى فيها رغبة في «أخذ» القطاع، وتحويله إلى «منطقة حرية».
وأثارت الغارات الإسرائيلية الجمعة حالة من الذعر في محافظات الشمال، حيث قالت أم محمد التتري (57 عاماً) لـ«الوكالة الفرنسية»: «كنا نائمين وفجأة انفجر كل شيء حولنا... كل الناس صارت تركض، رأينا الدمار بأعيننا، والدماء في كل مكان، والأشلاء، والجثامين. لم نعلم من مات، ومن بقي على قيد الحياة؟».
من جهته، قال محمد نصر (33 عاماً) من سكان مخيم جباليا: «سمعنا صوت الصواريخ فجأة منتصف الليل... كان القصف مرعباً، ومتواصلاً طوال الليلة، لم نعرف النوم، ولا الهدوء».
وأظهرت لقطات لـ«الوكالة الفرنسية» من المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا فلسطينيين يبكون على جثث أحبائهم الممددين على الأرض الملطخة بالدماء، حيث كان المسعفون يحاولون علاج من نجا من القصف.
- «فرصة تاريخية» –
ومن بين 251 رهينة خطفوا خلال الهجوم، لا يزال 57 في غزة، بينهم 34 قال الجيش الإسرائيلي إنهم قتلوا.
ومنذ استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في مارس، قُتل 2985 شخصاً، ما أدى إلى رفع عدد القتلى في غزة منذ بدء الحرب إلى 53119.
وفي القدس الشرقية، أعلنت الشرطة الإسرائيلية مقتل منفّذ هجوم بالسكين أسفر عن جرح شرطي في القدس الشرقية.
من جهة أخرى، أكد منتدى عائلات الرهائن المحتجزين في غزة الجمعة أن نتنياهو يفوّت «فرصة تاريخية» للإفراج عنهم.
وشدّدت العائلات على أن «تفويت هذه الفرصة التاريخية سيكون فشلاً مدوّياً يوصم بالعار إلى الأبد».
غير أنّ مجموعة أخرى لدعم عائلات الرهائن دعت إلى ممارسة المزيد من الضغوط العسكرية.
وتقدّر الأمم المتحدة أنّ 70 في المائة من قطاع غزة أصبح منطقة محظورة من جانب إسرائيل، أو شملتها أوامر الإخلاء.
- «تطهير عرقي» –
وعلى مدى الأسابيع الماضية، حذرت الوكالات التابعة للأمم المتحدة من أنّ كل المخزونات، من غذاء ومياه نظيفة ووقود وأدوية، وصلت إلى مستويات منخفضة للغاية.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنّ المستشفى الأوروبي، وهو آخر مستشفى في القطاع يقدّم الرعاية لمرضى السرطان والقلب، توقف عن العمل بعدما أدى هجوم إسرائيلي الثلاثاء إلى «إلحاق أضرار بالغة فيه، وجعل الوصول إليه متعذّراً».
وأصدرت سبع دول أوروبية، بينها خمس اعترفت بدولة فلسطينية هي آيرلندا، وآيسلندا، وسلوفينيا، وإسبانيا، والنرويج، بياناً مشتركاً يدين ما اعتبرته «كارثة إنسانية من صنع الإنسان»، ويدعو إسرائيل إلى وضع حد للعمليات العسكرية، ورفع الحصار.
وقالت «حماس» في بيان: «نثمن الموقف الإنساني والشجاع» للدول السبع.
والجمعة، ندد المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك بتكثيف إسرائيل هجماتها، وسعيها كما يتضح لتهجير السكان بشكل دائم، وهو ما قال إنه يرقى إلى «التطهير العرقي».
وقال في بيان: «وابل القصف الأخير... وحرمان السكان من المساعدات الإنسانية يؤكدان وجود توجه نحو تغيير ديموغرافي دائم في غزة، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي، ويرقى إلى مستوى التطهير العرقي».