جبل أثرب يبرز كرمز بيئي وتاريخي بارز
جبل أثرب
يحتل جبل أثرب مكانة خاصة ضمن معالم منطقة الباحة بفضل موقعه الاستراتيجي وسط سلسلة جبال السراة وارتفاعه البالغ نحو 2500 متر فوق سطح البحر، حيث يُعد من أبرز معالم محافظة بلجرشي، ويجذب الباحثين عن الطبيعة والمغامرة والتاريخ في آنٍ واحد.
يمتاز الجبل بتضاريس وعرة وتكوين صخري من الجرانيت الأبيض اللامع، ما يجعله مهيبًا للناظر من مسافات بعيدة، ويزيد من طابعه الجمالي المميز وسط سلسلة الجبال المحيطة.
ينفرد أثرب بغطاء نباتي كثيف ومتنوع، تهيمن عليه أشجار العرعر والزيتون البري، وتكتسي سفوحه بحلّة خضراء ممتدة طوال العام، تزداد كثافة خلال مواسم الأمطار، يشكّل هذا الغطاء الطبيعي بيئة مثالية للحياة البرية، ويُعد الجبل حاليًا موئلًا رئيسيًا للنمر العربي المهدد بالانقراض، إلى جانب احتضانه لأنواع نادرة من الطيور والثدييات، مما يمنحه أهمية بيئية قصوى تتطلب جهودًا متواصلة للحماية والمحافظة على تنوعه الحيوي.
تُعد الطبيعة الجبلية لأثرب غنية بالمعالم التي تجمع بين التنوع الطبيعي والقيمة التراثية، ويبرز “وادي الخيطان” كواحد من أجمل هذه المعالم، وهو وادٍ تنحدر مياهه من الجبل، ويصنع مشهدًا فريدًا تتداخل فيه المياه الجارية مع الأشجار الكثيفة والصخور البيضاء، مما يمنحه طابعًا طبيعيًا نادرًا في المنطقة، ويجذب هذا الوادي الزوار من المهتمين بالمشي الجبلي والتصوير ومحبي الاستمتاع بمشاهد الطبيعة المفتوحة.
ويمتد حضور أثرب من الطبيعة إلى عمق التاريخ، حيث يضم بين جنباته مواقع تراثية مهمة مثل “الرويس” و”لوبة”، وهما منطقتان تاريخيتان ارتبطتا بنمط الحياة الزراعية في جبال السراة، إذ كانت تزرع فيهما أنواع البن الصالبي المعروف بجودته العالية.
كما تنتشر في محيط الجبل مغارات طبيعية تحتوي على رسوم صخرية ملونة، تعود لآلاف السنين، ومنها كهف قميشة الذي يمثل شاهدًا حيًا على مراحل حضارية تعاقبت على هذه المنطقة.
أوضح الباحث في علم الآثار الدكتور أحمد الغامدي أن هذه المعالم التاريخية، إلى جانب التكوين الطبيعي للجبل، تجعله مركزًا مثاليًا للجمع بين السياحة البيئية والثقافية.
ويؤكد أن أثرب لا يمثل فقط موقعًا سياحيًا، بل هو سجل حي لتاريخ طويل يتقاطع فيه الإنسان مع الطبيعة في وئام نادر، ما يستدعي المزيد من الدراسات والحماية.
يستمر جبل أثرب في لفت الأنظار كواحد من أهم المواقع التي تجمع بين عناصر الجذب البيئي والتاريخي، ويمثل اليوم فرصة استثمارية وسياحية واعدة في منطقة الجنوب، خصوصًا في ظل الاهتمام المتزايد بتنمية المواقع الطبيعية ذات القيمة البيئية والتاريخية.