نقوش جبل الذرواء توثق بدايات فن الخط الإسلامي


جبل الذرواء

يحتضن جبل الذرواء الواقع في جنوب متنزه الملك فهد بمدينة نجران إحدى أبرز الشواهد التاريخية على تطور الفن الإسلامي، إذ تظهر على صخوره نقوش إسلامية مبكرة تروي ملامح المرحلة الأولى من نشوء الخط العربي الكوفي، وتُعد هذه النقوش من أبرز الملامح الثقافية التي تحتفظ بها المنطقة منذ قرون.
تُظهر التحليلات الأولية للنقوش المحفورة على صخور الجبل أنها تعود إلى القرنين الثاني والثالث الهجريين، وهو ما أكده الدكتور سالم بن أحمد بن طيران، أستاذ اللغات السامية والكتابات القديمة والآثار بجامعة الملك سعود، موضحًا أن الجبل يحتوي على 33 نقشًا إسلاميًا، منها 26 نقشًا تعود لأفراد من أسرة واحدة.
وأشار إلى أن منطقة نجران تضم أكثر من 200 نقش كوفي تم توثيقها خلال عمليات المسح الأثري، وتُعد هذه النقوش مصدرًا رئيسيًا لدراسة المراحل الأولى للحضارة الإسلامية في جنوب الجزيرة العربية.
احتوت النقوش على صيغ دينية وعبارات تعكس التوحيد والإيمان بالموت، إلى جانب صيغ للتوكل والدعاء والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما تضمنت توقيعات شخصية لأصحابها، وهو ما يعزز قيمتها الثقافية واللغوية.
وتُظهر هذه النقوش تنوعًا في التعبير وشمول التعليم في تلك الفترة، خصوصًا أن بعضها كُتب بأيدي نساء سجلن أسماءهن ورسائل دينية مختصرة، مما يعكس دور المرأة في الحياة الثقافية آنذاك.
وأوضح عبدالله الصقور، عضو نادي نجران السياحي والمرشد السياحي المعتمد، أن “جبل الذرواء” يمثل موقعًا أثريًا وسياحيًا يجمع بين جمال الطبيعة وأصالة التاريخ، وأن ما يحتويه من نقوش يشكل سجلًا موثقًا لنشأة فن الخط الإسلامي وتطوره، خاصة من حيث الجماليات الخطية والتراكيب اللغوية.
وبيّن أن الجبل يُعد وجهة بارزة للباحثين والمهتمين بالتاريخ الإسلامي، لما يقدمه من أدلة واضحة على بدايات الفن الكتابي الإسلامي.
يجذب جبل الذرواء الزوار من مختلف المناطق، ليس فقط لقيمته التاريخية، بل أيضًا لأنه يمثل متحفًا مفتوحًا في الهواء الطلق، يعكس بدايات الفن الإسلامي في صورته الخطية الأولى.
وتُعد النقوش الموجودة عليه من أندر الشواهد الأثرية التي بقيت صامدة عبر القرون، محتفظة بدقة حروفها وأناقة بنيتها اللغوية، في مشهد يوثق كيف بدأ الخط العربي الإسلامي يشق طريقه نحو التميز الفني واللغوي في تاريخ الحضارة الإسلامية.