لكل منا مقدرة وقوة تختلف بنسب متفاوتة حسب بيئة مكان العيش وتجارب الحياة المعاشة.
فتلقى هناك من يكون هشًا بتحمله فتراه ينهار عند أول صفعة يتلقاها بحياته وتكون وكأنها النهاية بالنسبة له.
وهناك من تراهم جبلًا صامدًا مهما بعثرتهم الحياة الصعبة يمينًا ويسارًا ولكن لا يزالون يحتفظون بابتسامة يوزعونها على الجميع مهما كان القلب مخنوقًا بهمّه.
بالطبع لم يأتِ هذا التحمل وليد لحظة، أو يوم، هو وليد سنين تربية بسنين عمرنا على الصبر والتحمل والوقوف سريعًا بعد كل سقوط، وعدم الانهزام عند كل إخفاق والمحاولة مرارًا وتكرارًا.
قد تمر أوقات علينا حين نتذكرها نستغرب من أنفسنا كيف واجهنا مثل تلك المواقف بروح ملؤها السكينة رغم أننا عادة أول من يغلي بالغضب لمثل تلك المواقف، فالنفس الإنسانية شيء عجيب قد نعجز عن تفسيرها وتحليل ما يصدر منها.
ولكن هي السكينة التي يقذفها الله في الصدور فتؤمن أن كل شيء يأتي منه هو خير مطلق مهما تلبس برداء الشر.
هناك قوة تفوق قوة تيار ذي 220 فولتًا والذي يودي بحياة أي أحد يتعرض له بشكل خاطئ، لكننا حين نحصل على تلك القوة فهي قوة تصنع العجائب لأنها جاءت من رب العجائب وصانعها.
بالطبع القوة ليست كما نراها بقوة من تمرن لأشهر وبرزت عضلاته وبانت قوته بجسده لا، القوة قد تظهر في دمعة دعاء مظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.
قد يستهين البعض بضعف عامل لغربته وحاجته، وضعف طفل لصغره، وضعف امرأة لطبيعتها لأنه لا يجيد الحساب جيدًا فلديهم قوة إن تم تفعيلها ضده فقد برز إلى مكامن الهلاك بدنياه وآخرته إن لم يتلمس توبة تنجيه.
وهنا تأتي أبيات أمير المؤمنين (ع) كافية بالوصف:
لا تظلمنّ إذا ما كنت مقتدرًا
فالظلم مرتعه يفضي إلى الندمِ
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنمِ
فيكفيهم دمعة وتوكيل الأمر إلى الله فهو حسبهم وكفيلهم الذي لا يخيب من توكل عليه في كفاية أمره خاصة إذا لم تكن لهم ظلامة مثلها لأحد عليهم.
وحتى لو علمنا أن قوانين وأنظمة الدول مهما كانت تحمل من العدالة لمواطنيها لكن هناك من يتلاعب بالحق ولا يعلم أن إغلاق ملف معاملة بالدنيا بدون أن يستوفي حقه هو بداية فتح معاملة، الله وحده هو من يضع خاتمة إغلاق الملف وإيصال الحق لمستحقه.
فمهما كانت أرقامنا وأرصدة علاقاتنا و"الواسطات" التي تساعدنا في تغيير الحق فحول الله وقوته الذي يستعين به من هو أضعف منا كفيل بتصفيرها بلحظة عدالة إن لم تكن عاجلة بالدنيا فهي مؤجلة حتمًا إلى الآخرة.
فهل نستعين حقًا بتلك القوة مع كل وسائلها واختيار الوقت المناسب الذي يزيد قوتها كاختيار ليلة جمعة؟