بقلوب دامية وعيون تملأها الدموع، يستذكر العراق اليوم الثلاثاء 20 أيار 2025، الذكرى الأليمة لـ"مذبحة ثانوية الكاظمية" التي ارتكبها النظام البعثي البائد بقيادة المجرم المدان صدام حسين في 14 أيار 1981. جريمة بشعة لا تزال جراحها تنزف في ذاكرة الوطن وعوائل الضحايا.
-تفاصيل المذبحة المروعة
كشف رئيس جهاز الأمن الوطني، عبد الكريم عبد فاضل "أبو علي البصري"، عن تفاصيل جديدة ومثيرة حول هذه المجزرة، مؤكداً أن عبارة بسيطة "يسقط صدام" خطّت على سبورة صف الرابع عام شعبة (دال) في ثانوية الكاظمية عام 1981، كانت كافية لدفع 632 شخصاً إلى مصير مجهول.
وعلى الرغم من القدرة "المرعبة" للشعبة الخامسة في مديرية الأمن العامة على فرز المعلومات، إلا أنها عجزت عن الوصول إلى الطالب الذي كتب الشعار. فصدرت الأوامر باعتقال جميع طلبة الصف، في انتهاك صارخ للمبادئ الدولية والشرعية.
-وحشية النظام الصدامي
وبحسب اعترافات اللواء السابق في مديرية الأمن العامة، نعمة سهيل الدليمي، فإن أوامر الاعتقال والإعدام كانت تصدر من صدام مباشرة. وقد استخدمت مديرية أمن بغداد، بتعليمات ومتابعة شخصية من الدكتاتور، أبشع أساليب التعذيب والإذلال خلال اعتقال وإعدام 44 مراهقاً بريئاً، تتراوح أعمارهم بين 16 عاماً فما دون.
ولم تتوقف الجريمة عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل اختطاف نحو 632 مواطناً من آباء وأمهات وإخوة وأخوات وأقارب الطلبة الأبرياء من شوارع مدينة الكاظمية، وإعدامهم ودفنهم في مقابر جماعية، ليرتفع العدد الإجمالي لضحايا هذه المذبحة إلى 676 طفلاً وشاباً وشابة ورجلاً وامرأة وكبار السن.
-شهادات صادمة واعترافات مرعبة
يروي المجرم الدليمي تفاصيل إضافية عن تلك الليلة السوداء في 14 أيار 1981، حيث اقتحمت قوة كبيرة من ضباط ومراتب مديرية أمن بغداد، مدعمة بفوج الطوارئ، ثانوية الكاظمية للبنين، بعد بلاغ رسمي من مدير الثانوية عن كتابة الشعار. تم تطويق الثانوية بالكامل والعثور على الشعار في صف الرابع العام شعبة (دال).
اعترف الدليمي بأنه تم اعتقال جميع طلبة الصف الـ 44، وبدأت أبواب التحقيق التي شملت كافة الأساليب القمعية الجسدية والنفسية لانتزاع اعترافات، لكن دون جدوى. أبدى صدام غضبه الشديد وتذمره على المحققين والضباط لتأخرهم في اعتقال ذوي الطلاب وأقاربهم، مما دفع مديرية أمن بغداد لإعداد خطة لاختطاف جميع ذوي وأقارب كل طالب يتم الإخبار عنه.
تم تنفيذ قرار إعدام الطلبة في 2 آب 1981 دون محاكمة، ودفنوا في مقابر جماعية. أما ذوو وأقارب الطلبة، فقد تم إعدامهم بالتسلسل خلال ثلاث سنوات لغاية 1983، وأخفيت رفاتهم لمدة خمسة عشر عاماً قبل تسليمها إلى من تبقى من أقاربهم في عام 1996، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي.
-مناشدات عوائل الضحايا
تناشد عوائل شهداء "ثانوية الكاظمية" وذوو ضحايا "المقابر الجماعية" الحكومة العراقية ومجلس النواب إلى تقديم ضباط الأجهزة القمعية للنظام المباد للمحاكم المختصة، ومطاردة الضباط والمحققين المسؤولين عن إعدام أبنائهم وتعذيبهم. ويتهمون رأس النظام المجرم صدام بافتعال الحادثة بهدف السيطرة على مدينة الكاظمية المقدسة.
-شهادة الناجي الوحيد
روى والد الشهيد (عبود عبد الوهاب حسن يعقوب)، الناجي الوحيد من "مذبحة الكاظمية"، أن مسؤولية النظام المباد في التخطيط للجريمة واضحة، حيث تسلل أحد "عقارب الأمن" إلى صف الرابع شعبة (دال) وكتب الشعار، مستغلاً وجود الطلبة في ساحة الثانوية للمشاركة في رفع العلم. وبيّن أن ترتيب المذبحة بهذا الشكل كان يهدف لغرس الخوف والإرهاب وزرع الفتنة على أساس طائفي في مدينة الكاظمية المقدسة.
-دعوة للمستقبل
يؤكد أبو علي البصري على أهمية أن تتناول الكثير من المدارس والجامعات هذا الموضوع خلال الدروس، وطباعة الكتب التي تتناول السيرة التاريخية وبموضوعية لـ"مذبحة ثانوية الكاظمية"، بعد أن استغرق الأمر نصف قرن لإحيائها. وشدد على ضرورة رفض أي شكل من أشكال إنكار جرائم صدام وأجهزته القمعية، والمساعدة في منع التنظيمات الإرهابية من أن تنفذ إبادة جماعية في المستقبل.
ماذا تعرفون عن هذه المذبحة المروعة؟ وكيف ترون أهمية توثيق هذه
الجرائم لمنع تكرارها؟