النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

سقوط في جاذبية الحب

الزوار من محركات البحث: 13 المشاهدات : 91 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق نشيط
    تاريخ التسجيل: December-2018
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 159 المواضيع: 125
    التقييم: 216
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة

    سقوط في جاذبية الحب

    سقوط في جاذبية الحب
    "تجربة أدبية هجينة بين القصة والخاطرة وقصيدة النثر"
    سرتُ بكِ على الدرب، ملكًا بصولجان، واثق الخطوة، تخشع لي الكائنات. توجتكِ ملكةً على عرشي، ألبستكِ الحرير والاستبرق، ومددتُ راحتي بساطًا لقدميكِ، فلا جبٌ سحيق يهوي بكِ، ولا بيداءٌ تفقدكِ بين الوحوش. كنتِ محور الكون، وكنتُ الفلك الذي يدور حولكِ، شمسًا في مدار لا يغيب، ونجمًا ثابتًا في سماء لا تعترف بالتبدّل. لم يكن لي رغبة في شمسٍ تستقل، أو كوكبٍ ينفصل عن مساره. كنتِ مركز الجاذبية، وكنتُ أسير في مداركِ، لا أشكُّ في أنني وجدتُ نقطة الاتزان الوحيدة في هذا الوجود المتشظي.
    أضيء لكِ دربك بمشكاةٍ تُشعُّ بنورٍ لا يخفت، نورٍ يرقص على خيوط الفجر، فيتألق بين لهيب عينيكِ النجمية واختيال خطواتكِ الطاووسية. كان دربًا حيًا، تنبت فيه الأزاهير، وتصدح فيه البلابل على خرير ماء السلسبيل، تتردد كتراتيل داوود بين جدران القصر الذي شيّدته لكِ بدموعي وأمنياتي. أسكنتكِ قصري، حيث تدور الكواكب في فلكه، بعدما أعلنت شمسه يوم استقلالها، فلم يعد لها سيدٌ غيركِ. كانت العوالم كلها تنحني لكِ، وكان القلب قارةً لا تستقبل سوى هطولكِ.
    لكن، غيمة خفيفة بدأت تتسلل، لم أدركها في البداية...
    كانت ليلة صافية، غير مثقلة بالغموض، لكن وقع خطواتكِ بدأ يختل. لم يعد له ذات الرنين، ذات الثبات، ذات الإيقاع الذي حفظته روحي. أصبحتِ تسيرين برتابةٍ خافتة، كأنما تتحاشين أن يلحظكِ الكون وأنتِ تخططين للرحيل.
    بدأتُ أستشعر الفراغ يتسلل بيننا، كهواءٍ بارد لا يُرى لكنه يوجع الجسد ويقشعر القلب. كنتِ هناك، لكنكِ لم تعودي كما كنتِ. لم يعد النبض واحدًا، ولا المدار ثابتًا. ثم جاءت الصوتيات الجديدة – الطبول، المزامير، نوتات الرحيل التي كنتُ أجهل لحنها. كانت الأرض تتهيأ لرحيلي عن عالمكِ، وأنا لا أملك إلا أن أقف هناك، أستمع لكلمات لم تكن لي، وأراقبكِ وأنتِ تفتحين كتاب الرحيل، وتمزجين لي طلاسم الفراق، تدونينها كأنما هو قانون لم يعد يقبل المناقشة.
    كنتُ أقف على عتبة النهاية، أنتظر امتداد يديكِ التي لطالما كانت ملاذي، لكنهما لم تمتدّا.
    كان زفيركِ يحرقني، وسيفُكِ يُشَعشعني، فكيف أردُّ سطوعه قبل أن يخترقني؟
    قلتُ لكِ، وقلبي يذوي: "لمَ تختمين أكتافنا بوشم اليباب؟ ألم يؤنسكِ حبي؟ لمَ الرحيل؟ أتريدين أن ننظر معًا في وجه الفناء؟ أن نتلمس طريقًا أعمى إلى جحيمٍ لا نجاة منه؟"
    لكن القصر بدأ يتفكك من حولي، لبنةً تلو أخرى.
    سقطتُ على الأرض، وصرختُ بصوتي المحترق: "انزعي عن جسدكِ ثوب خطتكِ العمياء، لا ترحلي، سأحترق، سأتمزق، سأنهدم." ونكستُ رأسي تحت قدميكِ، سفحتُ دموعي على موطئكِ، قلتُ برجاء "سوف تهجر الملائكة مطايا حمام قصركِ، ستترك الطيور أوكارها، وتجف الأنهار، ويهوى القصر فوق كل الأبرياء. ألا ترين كيف يتحطم كل شيء؟"
    لكن ردّكِ لم يكن صوتًا، كانت نظرة جامدة كالصخر، ثم ابتسامةً خافتة فيها مرارة لا أقوى على فهمها، كأنما كنتُ أطلب المستحيل. ووطئتِ رأسي حتى عبرتِ باب الرحيل.
    انتظرتُ، قلتُ قد ترجع. لكن الزمن بدأ يجرني على نسيجٍ من جمر، يجلدني صراط الانتظار، كل ثانية تمر تسرق عامًا من عمري، كل لحظة تُحرّق جزءًا مني، حتى تحولتُ إلى رمادٍ متناثر فوق البلاط الذي كنتِ تمشين عليه. لم يعد هناك صولجان، لم يعد هناك عرش، لم يعد هناك قلبٌ يتنفس سوى على الهامش.
    فجأة، طُرحتُ في ثقبٍ أسود، كسمِّ الخياط، التهم كل شيء، ولم تسمع أذني سوى لُهَب نيران تأكل نفسها.
    لقد تحول القصر إلى أطلالٍ خاوية، ولم تعد هناك شمسٌ تدور حولي، ولا كواكب تعلن الولاء. لم أجد سوى مركبة الأحزان، أقلتني نحو أفقٍ مشوه، ووقعتُ تحت جاذبية الثقب. تباطأ الزمن، فهرمتُ قبل أن ألقي حتفي فيه. ثوانٍ مرت، لكنها انتزعت من عمري سنين، شابت فيها عواطفي، وانحنى ظهري، وتدلى جفني، وضعفت عظامي أمام ثقبٍ تكون من نيران الرحيل.
    ذهب العمر هباءً، وما كان وعدُكِ إلا شبحًا، ولم أدرك نفسي إلا عندما أخبرني العدم: "هنا، حيث لا نهاية للجاذبية، ولا مفر من السقوط الأبدي."
    بقلمي: إبراهيم أمين مؤمن
    24-5-2025

  2. #2
    مراقب
    تاريخ التسجيل: December-2017
    الدولة: العراق
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 8,630 المواضيع: 370
    التقييم: 18230
    مزاجي: متفائل
    المهنة: اعمال حرة
    موبايلي: Iphone
    آخر نشاط: منذ 9 ساعات

    شكرا لك اخ ابراهيم
    على هذه المشاركة الجميلة

  3. #3
    [QUOTE=الرميثي;9738486]

    شكرا لك اخ ابراهيم
    على هذه المشاركة الجميلة
    [/QU
    ================
    الشكر لك على طلتك الرائعة

  4. #4
    من المشرفين القدامى
    ملاك القتال
    تاريخ التسجيل: April-2013
    الدولة: حيثما انت
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 8,851 المواضيع: 134
    صوتيات: 21 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 21651
    مزاجي: كقهوتك صباحا.. دافئة
    المهنة: الامومة.. الاجمل على الإطلاق
    أكلتي المفضلة: باقيا الطعام
    موبايلي: صرصر
    آخر نشاط: منذ 5 يوم
    مقالات المدونة: 31
    لله درك ..ماهذا النص..
    اشتقت جدا للقراءة.. وصادفت هنا اجمل واشرس وانبل ما قد قيل عن الهجر ..رغم كل هذا الشجن والألم. . أزهرت عنه ورود من الابداع
    نسجته بوصفك لتلك الراحلة ...
    ما اجمل أن نودع أحبتنا بنص ادبي يثري اللغة ويعود بنا
    إلى زمن الحب و الهجر
    دون تزييف أو خداع
    ...
    حينما تقدس المشاعر
    وتهب الروح سلوتها إلى الحبيب....
    حتى تتحول الى لوعةوحزن
    أفق لا ينتهي من الانتظار ..
    حتى يفقد كل شيء بريقه
    ويعود بك خالي الوفاض..
    الا من حرف
    مثقوب الرئة ..
    تتسارع شهقاته بصوت أجش .. يحمل كل زفير منه
    . .. عطر الامس ..
    وينقش قصته على ورق ابيض
    وحبر من دمه
    هذا ما يناله الاديب
    من هفوات الحب

  5. #5
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايليتا مشاهدة المشاركة
    لله درك ..ماهذا النص..
    اشتقت جدا للقراءة.. وصادفت هنا اجمل واشرس وانبل ما قد قيل عن الهجر ..رغم كل هذا الشجن والألم. . أزهرت عنه ورود من الابداع
    نسجته بوصفك لتلك الراحلة ...
    ما اجمل أن نودع أحبتنا بنص ادبي يثري اللغة ويعود بنا
    إلى زمن الحب و الهجر
    دون تزييف أو خداع
    ...
    حينما تقدس المشاعر
    وتهب الروح سلوتها إلى الحبيب....
    حتى تتحول الى لوعةوحزن
    أفق لا ينتهي من الانتظار ..
    حتى يفقد كل شيء بريقه
    ويعود بك خالي الوفاض..
    الا من حرف
    مثقوب الرئة ..
    تتسارع شهقاته بصوت أجش .. يحمل كل زفير منه
    . .. عطر الامس ..
    وينقش قصته على ورق ابيض
    وحبر من دمه
    هذا ما يناله الاديب
    من هفوات الحب
    ================

    شكرًا على هذه الكلمات العميقة، إنها شهادة حقيقية على تفاعل القارئ مع النص بكل وجدانه. ردك يمكن أن يكون شيئًا مثل:
    "امتناني العميق لكلماتك، فليس هناك ما يسعد الكاتب أكثر من أن يجد صدى نصه في روح قارئ متذوق. يبقى الأدب مرآة للهجر والحب، حيث يمتزج الألم بالإبداع، ويُنسج الحرف من وهج المشاعر الصادقة. دمت قارئًا يُحيي النص بروحه."

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال