مشروب يومي شائع قد يزيد خطر السكري بنسبة 25%.. ما هو؟
مشروب يومي شائع قد يزيد خطر السكري بنسبة 25%.. ما هو؟
كشف تحليل شامل أجراه فريق باحثين دولي عن ارتباط وثيق ومقلق بين استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر، بما في ذلك المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والرياضية، وبين زيادة ملحوظة في خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.
وأكدت الدراسة، التي اعتمدت على مراجعة بيانات واسعة، أنه لا يوجد عمليًا أي مستوى آمن لتناول هذه المشروبات فيما يتعلق بتأثيرها المحتمل على احتمالية تطور المرض.
وأظهرت النتائج، التي نُشرت مؤخرًا في مجلة ”التقدم في التغذية“ «Advances in Nutrition»، أن كل حصة يومية من المشروبات المحلاة بالسكر، تعادل تقريبًا 12 أونصة أو حوالي 355 مليلترًا، تساهم في زيادة خطر الإصابة بالسكري بنسبة تصل إلى 25% مقارنة بالأفراد الذين يتجنبون استهلاكها.
ولم تقتصر المخاطر على المشروبات الغازية، بل امتدت لتشمل عصائر الفاكهة الطبيعية التي يُعتقد خطأً أنها بديل صحي دائمًا، حيث بيّنت الدراسة أن كل حصة يومية منها ترفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 5%، نظرًا لمحتواها العالي من السكريات الطبيعية سريعة الامتصاص.
واستند هذا البحث المكثف، الذي قاده باحثون من جامعة ”بريغهام يونغ“ الأمريكية بالتعاون مع جامعتي ”بادربورن“ و”فرايبورغ“ الألمانيتين، إلى تحليل دقيق لبيانات مستخلصة من 29 دراسة سابقة، غطت طيفًا واسعًا من المشاركين من مناطق جغرافية متنوعة شملت أوروبا، والولايات المتحدة، وآسيا، وأستراليا، وأمريكا اللاتينية، مما يضفي قوة وثقلاً على نتائجه.
وأوضحت الدكتورة كارين ديلا كورت، الباحثة الرئيسية في الدراسة، أن الفرضية الأساسية التي انطلق منها الفريق البحثي ارتكزت على مفاهيم جديدة في علم التغذية تتعلق ب ”استجابة الجسم للسكر“ وكيفية ”استقلاب الكبد“ له، بالإضافة إلى مفهوم ”مصفوفة الغذاء“.
وأشارت إلى أن هذا المفهوم الأخير يؤكد أن الطريقة التي يُستهلك بها السكر، والسياق الغذائي المحيط به، مثل وجود الألياف والبروتينات والدهون، تلعب دورًا جوهريًا في كيفية تعامل الجسم معه وتأثيره النهائي.
وأضافت ديلا كورت أن هذه النتائج تتحدى الفكرة السائدة بأن جميع أنواع السكر تحمل نفس درجة الضرر، مؤكدة أن ”ما يُحدث الفارق هو السياق الغذائي الذي يُستهلك فيه السكر“.
والمثير للدهشة أن الباحثين وجدوا أن استهلاك السكر ضمن الأطعمة الصلبة أو معها، لا يرتبط بنفس الدرجة من الخطورة، بل إن تناول حوالي 20 غرامًا من السكريات يوميًا في الأطعمة ارتبط بانخفاض طفيف في احتمالية الإصابة بالسكري.
وفسّر الباحثون الآلية وراء خطورة المشروبات السكرية بأن السكر المذاب فيها يُمتص بسرعة كبيرة جدًا في الجسم، مما يؤدي إلى ارتفاعات حادة ومفاجئة في مستويات السكر والأنسولين في الدم. هذا الإجهاد المتكرر على البنكرياس، كما أوضحت الدراسة، يسهم على المدى الطويل في تطور مقاومة الأنسولين، وبالتالي مرض السكري.
وفي هذا الإطار، علّقت أخصائية التغذية المعتمدة ميشيل روثنشتاين، التي لم تشارك في إعداد الدراسة، بأن هذه المشروبات غالبًا ما تفتقر إلى القدرة على إشعار الجسم بالشبع، مما يدفع الأشخاص إلى استهلاك المزيد من السعرات الحرارية دون إدراك، الأمر الذي لا يعزز فقط من احتمالية الإصابة بالسكري، بل بالسمنة أيضًا.
وأشارت روثنشتاين إلى أن السكريات الموجودة في الأطعمة، عندما تكون جزءًا من وجبة متوازنة تحتوي على الألياف أو البروتين أو الدهون الصحية، يتم امتصاصها بشكل أبطأ، مما يمنع حدوث تلك التقلبات الحادة في مستويات سكر الدم.
وخلصت الدراسة إلى توصية محورية مفادها أن تجنب المشروبات السكرية يُعد إجراءً وقائيًا فعالًا ومهمًا لتقليل خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.
ومع ذلك، شددت الدكتورة ديلا كورت على أن السكر بحد ذاته ليس بالضرورة عنصرًا مضرًا إذا ما تم إدراجه بحكمة واعتدال ضمن نظام غذائي متوازن.
وأكدت أن الكربوهيدرات، بما فيها السكريات، تظل جزءًا لا يتجزأ من أي نظام غذائي صحي، موضحة أن الضرر الحقيقي لا يكمن في وجود السكر ذاته، بل في الكميات الزائدة وفي سرعة امتصاصه عندما يكون في صورته السائلة ومنفردًا.
وحذّرت الباحثة من مغبة الإفراط في اتباع الحميات منخفضة الكربوهيدرات دون إشراف طبي متخصص، مشيرةً إلى أن بعض الدراسات ربطت بين هذه الحميات في بعض الحالات وارتفاع مستويات الكوليسترول الضار وزيادة المخاطر القلبية.
رد مع اقتباس