هل كنت تتوقع؟
بقلم: د. حَسَن سعيد رضا.
مرحباً: هناك الكثير من الأشياء التي نراها حولنا ونعتبرها طبيعية، لكن لو رجعنا بذاكرتنا إلى الخلف قليلاً سنراها غريبة بل وغير متوقعة، وأنا لا أتكلم عن عادات وتصرفات إنما أشياء وتقنيات جلبها لنا التطور العلمي والتقني.
انظر إلى هذه الأشياء صديقي القارئ وأخبرني بتعليقاتك.
1. أغلبنا شاهد الكرتون الشهير سندباد أيام الثمانينات والتسعينات، هل تتذكرون الجملة التي يستعملها أفراد العصابة لفتح المغارة؟ كانو يقولون (افتح يا سِمسِم) فتنفتح الباب لوحدها، مَن منا كان يتوقع وجود مثل هكذا باب في المستقبل يعمل على البصمة الصوتية؟ الآن وجود هكذا باب أمر طبيعي جداً لا يحتاج إلى تفكير وخيال.
2. هل كنت تتوقع يا صديقي وجود باب يفتح ببصمة العين أو باب يفتح بتحسس ضربة القدم كما هي بوّابات الجامعات والشركات ؟
3. إخواننا الكبار وأعمامنا من مواليد السبعينات فما دون -الله يطيل في أعماركم-، هل كنتم تتوقعون اختراع جهاز صغير محمول باليد يُستخدَم للاتصال والتراسُل؟ الآن لا بد إنَّكم تستغربون مِمَّن لا يستخدم الهاتف المحمول كما نستغرب منه نحن مواليد الأجيال اللاحقة، أليس كذلك؟
4. هل كان أحدٌ منّا قَبل عشرين سنة يتوقع تطوير برامج اتصال مرئي؟ أظنُّكم جميعاً كنتم تتفقون معي على نقطة إنَّ الهاتف المحمول وظيفته فقط الاتصال والتراسل النصي أليس هذا صحيح؟ فهل كنتم تتصوَّرون إمكان انعقاد الاجتماعات افتراضياً عبر تلك البرامج بدل الانعقاد الحضوري؟
5. حسناً مُحِبّي الحواسيب من مواليد السبعينات والثمانينات: أكيد إنَّكم تتذكرون الحواسيب المنضدية ولا أظن أنَّ أحداً منكم لم يستخدمها، خاصةً بعد عام ألفَين وثلاثة، لَكنْ عندما كانت أيام التسعينات وبداية عقد الألفَين هل تخيلتُم مجيئ الحاسوب المحمول وتأديته نفس وظائف المنضدي وربما بكفاءة أعلى؟
6. مستخدمي الأنترنت، من مواليد التسعينات -جيلي الذهبي- فما دون، أغلبنا استخدم الأنترنت عبر جهاز nano station, وبعضنا استخدمه عبر خط الهاتف [أي تقنية one G]، هل تتذكرون معي ثقل المتصفحات ومحدودية مواقعها وقلة خدماتها؟ هل كنا نتوقع تطور الأنترنت بشكل أدى إلى سرعة التصفح وزيادة الخدمات؟ هل تخيَّلنا يوماً ما اختفاء المنتديات وسيطرة مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الشكل الرهيب؟ أنا من الناس لم أتخيل ذلك، وأنتم أخبِروني .
7. عُشّاق القراءة والكتابة من مواليد جيلي وما قبله، كيف كانت مطالعاتكم قَبل انشاء المكتبات الافتراضية بعد عام ألفَين وعشرة؟ لقد زرت عدد من أقاربي وأصدقاء والدي مِن هواة المطالعة أيام طفولتِي ورأيت مكتباتهم الورَقِية العامرة بالعشرات وربما المئات من الكتب والمجلات والصحف، لكن الآن هواية القراءة انخفضت وحتى المستمرون بالقراءة تحوَّلوا إلى المكتبات الرقمية، وأصبحوا يعتمدون على أجهزتِهِم الذكية ليقرؤوا الكتب المصوَّرة أو المسحوبة بملفات pdf.
8. والآن مع المكفوفين، هل تتذكرون كيف كنا نستخدم الهواتف المحمولة بالاعتماد على صوت لوحة المفاتيح بسبب عدم وجود قارئات شاشة؟ هل تتذكرون أول قارئ شاشة استخدمناه في هواتف nokia من فئة ستة آلاف؟ وعندما جاءت الهواتف الذكية العاملة بنظام اللمس هل تخيلتم وجود قارئات شاشة مدمجة في أنظمة تشغيلها؟
9. نبقى مع المكفوفين وهذه المرة مع القراءة، هل تتذكرون معاناة القراءة بالبحث عن شخص متفرغ ليقرأ أو يسجل لنا مناهجنا الدراسية؟ هل تتذكرون معاناة استخدام شريط لكاسيت وكيف كان يَتْلَف بسرعة؟ حسناً مَن منكم حَلُمَ يوماً بأنْ يمتلك برنامج مُثبَّت في هاتفه يقرأ له الكتب الورَقِية والمصوَّرة ويجعلهُ قادراً على قراءة ما يشاء مِن الكتب في أي وقت يعجبه؟ شخصياً لم أتخيَّل ذلك وتفاجءت عندما وجدتُ بالصدفة برنامج envision في مَتْجَر Appstore سنة ألفَين وسبعةَ عشر.
10. نعود لمخاطبة الجميع وهذه المرة الكلام ثقيل جداً، هل توقعتم يوماً ظهور الذكاء الاصطناعي وكفاءته العالية جداً في إنجاز الأعمال، هل صُدِمتم عند مشاهدتكم دِقَّته وسرعته في العمل التي تفُوق بمرات ما يفعله البشر؟
11. الأشياء الثقيلة لم تنتهِ، الأصدقاء الذين شاهدتم قناة spacetoon واستمتعتم بمسلسلاتها الكرتونية كما شاهدتُها واستمتعت بها، لا بد أنَّكم تتذكرون الأنَمي الشهير (المحقق كونان)، وقَطعاً تتذكرون غباء المحقق توغو موري وفشله في كشف المجرم، مما يضطر الطفل الصغير كونان إلى استعمال ساعته اليدوية التي أعطاه إياها الدكتور أغاسا لتخدير توغو وتقليد صوته، حسناً هل كنتم تتوقعون أنْ يأتي يوم يصبح فيه تقليد الأصوات ممكناً كما الآن أَم لا؟ نشاهد اليوم العديد من برامج الذكاء الاصطناعي التي تُقلِّد الصوت البشري وتُوْهِم المستمع بأنَّ صاحب الصوت الأصلي هو الذي قال الكلام الذي يسمعه وليس برنامج ذكاء اصطناعي.
12. أثقل مِن ذلك هل توقعْتَ يوماً أنْ تتم مَنتجة الصوَر بشكل احترافي وخطير يجعلك تصدِّق أنَّه فيديو حقيقي ليس مولَّد بالذكاء الاصطناعي؟
13. شاهدنا الأفلام والمسلسلات التي يَظهَر فيها آليون يعملون ويقاتلون ويتحدثون إليك بشكل طبيعي مثل البشر، لَكِن هل توقعنا وجود هؤلاء الآليين في حياتنا الواقعية؟
هذه بعض الأسئلة التي خطرت في ذهني والباب مفتوح لك يا صديقي للمزيد من التساؤلات.
أختم منشوري بتساؤل نقلته بالتصرُّف من مقال للدكتور العزيز تحسين الشيخلي، (هل سوف يُغيِّر الذكاء الاصطناعي مسائل وقناعات نعتبرها اليوم ثوابت من مستحيل تغييرها؟ هل سيفعل ذلك في المستقبل كما فعلَت الطائرات والسيارات عندما غيَّرت ثوابت النقل التي كانت في العهود القديمة؟)
تاريخ التحرير: 5 حزيران 2025