في حضرة الضوء يبتسم القلب
من بين دفاتر الوقت،
وتجاويف الذاكرة التي نضّ فيها الأمل
كما ينضُّ الوردُ في كفِّ الفجر،
أفتح هذه الصفحة الأولى من مدونتي،
لا لأودّع شيئًا، بل لأستقبل ما لم يُقال.
فالحياة، وإن كثرت تجاعيدها،
تملك خدًّا آخر ناعمًا،
مليئًا بالضحك، والرغبة، والعطر،
والأحلام التي لم تذهب بعد.
ولأنني لا أؤمن بالحزن قَدَرًا،
بل أراه غيمةً عابرة لا ينبغي بناء البيوت تحتها،
أكتُبُ اليوم
لا لأنني أهرب،
بل لأنني أُزهر.
رأيتُ في قلب الحياة أنثى تمشي بثوبٍ من ندى،
وعينٍ من نُور،
تلوّح للعابرين بضحكةٍ لا تُشبه أحدًا.
ليست امرأةً من لحمٍ وعظم،
بل من شوقٍ وحنانٍ ورِقّةٍ تسكن الأشياء،
فإذا ابتسمت للورد، احمرّ، وإذا لمسته، غنّى.
تسير الحياة كما لو كانت قصيدةً نُسيت فوق طاولة شاعرٍ نائم،
لا يوقظها إلا الحالمون،
ولا يكتُبها إلا من رأى في تفاصيل الأشياء جمالًا لا يُفسَّر.
أحببتُ النهار لأنه يضع قبلةً على جبين العالم كل صباح،
وأحببتُ القهوة،
لأنها تفهمني دون أن أسرد لها شيئًا.
وأحببتُ الناس،
لا لأنهم بلا خطأ،
بل لأنهم يحملون شراراتٍ صغيرة من الأمل حين يُظن أن النار خمدت.
وفي الحب،
وجدتُ الحياة نفسها ترتدي ثوبًا خفيفًا من ضوء،
تدعوني لأن أكون أكثر رقة،
أكثر وفاءً،
أكثر شاعريةً.
فما أجمله من شعور،
أن تمشي في دربٍ لا تعرف نهايته، لكنك تُزهر في كلّ خطوة.
هذه هي كلماتي الأولى،
لا حزن فيها، ولا ندم، ولا رثاء لوقتٍ مضى.
بل شُرفةٌ تُطلّ على الغد،
غدٌ يبتسمُ لي كما لو كنتُ طفله المدلّل.
في هذه المدونة، لن أُسرد ألمًا،
بل سأزرع الندى في جيوب اللغة،
وأعقد من الحروف إكليلًا يُعلّق على أبواب القلوب النائمة.
وإن كنتَ قد وصلت إلى نهاية هذه السطور،
فخذها هدية:
لا شيء ينبت كالحب.
إلا الكتابة حين تكون من قلبٍ أحبّ الحياة.
![]()