تصبحون على ضهر
تصبحون على ضهر
صباحكم مثلي قشطة بالدبس
![]()
مَنْ يُحْسِنِ الصَّمْتَ تَسْلَمْ لَهُ الدِّينُ، وَمَنْ قَلَّ كَلَامُهُ كَثُرَتْ سَلَامَتُهُ
حِينَ يَزْهَرُ الكَلَامُ، تَخْضَرُّ الأرْوَاحُ بِأَلْوَانِ الحُرُوفِ،
وَيَنْبُتُ فِي طُرُقِ الصَّمْتِ نَبْتٌ يُنَادِي الوُجُودَ: هَأَنْذَا!
فَالكَلِمَاتُ لَيْسَتْ أَصْوَاتًا تَسْكُنُ الهَوَاءَ،
بَلْ أَرْوَاحٌ تَخْرُجُ مِنَ القَلْبِ، وَتَعُودُ إِلَيْهِ أَنْقَى.
حِينَ يَزْهَرُ الكَلَامُ، نَكْتَشِفُ أَنَّ النُّورَ لَا يَأْتِي دَائِمًا مِنَ الشَّمْسِ،
أَحْيَانًا يَأْتِي مِنْ جُمْلَةٍ صَادِقَة، أَوْ نَظْرَةٍ تُقَالُ دُونَ لِسَان.
فَكَمْ مِنْ كَلِمَةٍ أَحْيَتْ قَلْبًا،
وَكَمْ مِنْ كَلِمَةٍ أَطْفَأَتْ نُورَ عُمْرٍ كَانَ فِي طَرِيقِهِ لِلإِشْرَاقِ...
حين يزهر الكلام، لا نحتاج كثيرًا من التبرير،
تكفي كلمة "أحبك" صادقة،
وتكفي "سامحتك" نقية،
لتنبت بين القلوب أشجار لا تموت في الخريف.
![]()
حين يزهر الكلام،
نصير أكثر إنسانية،
أقرب إلى الله،
أرقى من الغضب،
وأبعد من الجفاء.
![]()
حين يزهر الكلام،
ترى الأم تمسح دمعة طفلها قبل أن تنزل،
وترى العاشق يكتب للحبيبة في سِرِّه قصائد لا تُقرأ،
وترى الشيخ يبتسم وهو يهمس:
"كل شيء يطيب، حين تُقال الكلمة في وقتها."
![]()
هل يُغسل هذا الليلُ بالعدالة؟
يا امرأةً من طينِ بابل،
من نخلِ أوروك، من دمعِ آشور،
من شِفاهٍ سُمِرَتْ في نقشِ قيثارة سومريّة،
أما تعلمين؟
كلّ النساء مررن، إلّا أنتِ…
وقفتِ على خاصرةِ الوقتِ،
وصرختِ:
"أنا المعنى الذي نسيه الخيالُ حين انشغل بجمالكِ!"
أنا من كنتُ أظنّ الحبَّ خرافةً،
حتّى نزلتِ عليَّ كآيةٍ بلا تفسير،
كأنكِ سورةُ حُلمٍ تُتلى على نيامِ الأنبياء،
وجهكِ ليس وجه امرأة،
بل واجهةُ حضارةٍ تُنقّب عنها بعثةُ عشقي كلّ مساء.
ضحكتِ…
فانكسرَ المنطق في عقل الجاحظ،
واشتعلَ ليلُ البحتري،
وغار المتنبي من ظلكِ،
وارتبك السيّاب على شطّ دجلة،
وقال أحمد مطر:
"هذا جمالٌ لا يمكن للرقابة أن تمنعه!"
أما أنا…
فأنا لا أعرف اسمكِ،
لكنني أكتبكِ على جدرانِ الوقتِ كلَّ مساء،
أرسمكِ بحروفٍ نبطيةٍ من لهفة،
وأسقيكِ بمدادٍ آشوريٍّ حزين،
وأعطّركِ ببخورٍ كنديٍّ من غاباتِ جنوني،
ثم أترككِ هناك…
بين سطورٍ تُجَنّ لها العاقلاتُ قبلَ المجانين.
![]()
Guernica
![]()