يبدو أن الباحثين في جامعة هارفارد الأمريكية وبقيادة تشارلز ليبر قد توصلوا حديثا إلى إيجاد طريقة لإبتكار سقالات لأنسجة القلب يمكن لها التحكم بالخلايا المزروعة عليها و يمكن لها أن تكون وسيلة مراقبة بنفس الوقت. وقد تم ذلك عن طريق محاكاة مصفوفات (شبكات) حساسة نانوية (متناهية الصغر) ثلاثية الأبعاد. أظهرت نتائج إستخدام هذه السقالات القدرة على مراقبة الخلايا والأنسجة في لحظيا وعلى مدار الساعة ويمكن لها التحكم في الفسيولوجيا الكهربائية لأنسجة القلب المزروعة عليها.
وقد استخدم ليبر وفريقه منهجاً يشبه الطباعة ثلاثية الأبعاد وتشكيل السقالة بطريقة “إضافة الطبقات فوق بعضها البعض” حيث بدأ في تشكيل خيوط نانوية موصلة للتيار الكهربائي شبيهة بالمواد المستخدمة في صناعة الرقائق الإلكترونية الموجودة في جهاز الحاسوب. كسقالات لنمو أنسجة الأعصاب والقلب والعضلات في الولايات المتحدة الأمريكية وحول العالم.
وفي بحثه الأخير صنع ليبرو وفريقه خيوطاً نانوية وقاموا بتطبيقها على سطح بوليمر (مادة بلاستيكية) ثم رتبوها على شكل شبيه بِ ترانزستور (FET) الذي يستخدم في المعدات الالكترونية والكهربائية. إستطاع الباحثون تجنب الارتفاع في مقاومة السقالة الكهربائية عن طريق تقليل أبعادها وتبني تصميم الترانستور بدلاً من تشكيلها ببساطة كقطب كهربائي. إن جهد فريق البحث أنتج سقالة بأبعاد (4 ميكرومتر*20 ميكرومتر*350 نانومتر). للتذكير: المتر الواحد به ألف مليون نانومتر. وكل من هذه السقالات كانت تعمل حساساً إلكترونياً مستقلاً لمراقبة عمل الخلايا المزروعة عليها.
و قال ليبر: “إن عملنا هذا أظهر وللمرة الأولى سقالة حيوية نانوية (متناهية الصغر) لزراعة الخلايا والأنسجة تعمل كعمل حساس إلكتروني في نفس الوقت وبنفس الحجم والخصائص الميكانيكية الخاصة بسقالة أنسجة القلب التقليدية المصنوعة من مواد حيوية والمعتمدة من مؤسسة الغذاء والدواء الأميركية. ويقول: “بالمقارنة مع عملنا السابق فقد قمنا بتقليل حجم السقالة بمقدار 10 مرات وأصبحت تتميز بليونة أكثر بمقدار 1000 مرة والذي يعد أمراً بالغ الأهمية يجعلها شبيهةً أكثر بخلايا وأنسجة القلب الطبيعية.
إن كل سقالة نسيجية تتألف من أربع طبقات، كل منها يحتوي ١٦ سقالة (شبكة) من السقالات الموصوفة سابقاً مرتبة على شكل مصفوفة (4×4) بالإضافة إلى أربعة أقطاب إلكترونية نانوية دائرية من مادتي البلاتينيوم والبالاديوم والتي توفر إمكانية التحفيز الكهربائي اللازم لتنشيط عمل الخلايا. وتبطن كل طبقة من هذه الطبقات الأربع بألياف من البوليمر تزوّد السقالة النهائية بمقاومة الانحناء تماشياً مع التكنولوجيا الحالية.
أوضح ليبر: “إن عمل فريقه البحثي هذا يقدّم سقالة مكوّنة من أكثر من 100 جهاز استشعار (64 منها تقوم بمهمة المراقبة) والتي كانت سابقاً ثلاثة أجهزة فقط! وهذا التكامل واسع النطاق من دوائر الإستشعار الإلكترونية الفعّالة يسمح بالتشخيص والمراقبة المستمرة للنشاط الكهربائي داخل الخلايا. وبسبب سرعة إستجابة هذه المجسات الإلكترونية النانوية الدقيقة فإن التشخيص والمراقبة المستمرة يتميزان بدقة أكبر ما يجعل أداء هذه السقالة يتفوق وبشكل كبير على طرق التصوير والتشخيص التقليدية.
وضع الباحثون السقالة أثناء الإختبارات في طبق لزراعة الخلايا يحتوي على خلايا بطينية قلبية مأخوذة من الفئران. وعلى مدار ثمانية أيام كان بإمكان دوائر الإستشعار الالكترونية على السقالة مراقبة النشاط الكهربائي للخلايا! يقول ليبر: “بفضل إمكانيات التشخيص ثلاثي الأبعاد أصبح باستطاعتنا إستخدام الرقاقات الإلكترونية النانوية التي تتخللها الأنسجة القلبية لدراسة بعض المسائل الحرجة التي كان من المستحيل دراستها سابقا كنمو الأنسجة ثلاثي الأبعاد وعدم إنتظام ضربات القلب وفعالية الأدوية. لقد حققنا التشخيص والتحكم المستمر بنشاط الخلايا القلبية عن طريق أجهزة الاستشعار متناهية الصغر بالإضافة إلى أجهزة التحفيز على نفس الرقاقة، ما سمح لنا بالتحكم بذكاء بأنشطة الخلايا القلبية المزروعة مع وجود تغذية راجعة مستمرة من الأنسجة”.