{كلاّ بل رانَ على قُلُوبِهِم ما كانوا يكسِبون}
يا لها من آيةٌ بليغةُ المعنى، ساميةُ الهدف، عميقةُ الأثر، دقيقةُ الوصف والبيان، تحكي واقعًا نعيشه في كل زمان، ويتمثل لنا فيما نعانيه ونواجهه في سويداء قلوبنا من تراكم الذنوب على بعضها، التي أدّت إلى أن تخلق حاجزًا وتتحول إلى نقاط سوداء عَمِيَت فيها الأفئدة عن الهدى والرشاد، خاصةً في عصرنا الحاضر الذي يعجّ بالكثير من المغريات والشهوات، وذلك لسهولة تواجدها. فما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي غير المنضبطة من صور ومقاطع فاحشة وخادشة للحياء، حيث هناك من يُدمن على مشاهدتها ومتابعتها بدون اكتراث وبلا خوف من الله سبحانه وتعالى، بهدف إشباع غريزته وأهوائه بدون وازع ديني أو رادع أخلاقي.
للأسف الشديد، أصبحت هذه الظاهرة بالنسبة للبعض إدمانًا لا يُستغنى عنه، والتي تسببت في خلقِ نقاط سوداء أغشت القلب، مولدةً موجات من التشويش والارتباك، أبعدته عن حياته الطبيعية، وجعلته يتقبل هذا الأمر بصدر منفتح ومتشوق دون أن يردعه رادع من هذا الشذوذ، بعد أن أصبحت هذه الأمور المنفلتة عادةً لا يُستغنى عنها. فَنَسِيَ وتناسى أن الله له بالمرصاد، والويل والثبور وعظائم الأمور، من الاستحقاق الإلهي الذي يُمهِل ولا يُهمِل من الحساب والعقاب.

هذه الظاهرة خطيرة على واقعنا، ويجب علينا آباءً وأمهاتٍ أن نكون سدًّا منيعًا في نصح أبنائنا وشبابنا وشاباتنا المراهقين بعدم تتبّع هذه العادات المخزية والمعيبة ومخاطرها، وأن نكون قدوة صالحة لهم في توعيتهم وتجنبهم منزلقات هذا الطريق الأعوج لتفريخ بؤر فاسدة، بسبب أولئك الذين هم في غشاوة وضياع. وندعوهم بكل مودة وإخلاص أن يعيد هؤلاء حساباتهم قبل فَوَاتِ الْأَوَانِ، ليزيحوا هذه الطبقة السوداء عن قلوبهم العمياء والمتخبطة، حتى لا تسود أكثر وأكثر، وكما قال الله تعالى:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16].
إذا… فليتَّقِ العبدُ ربَّه، ويتُب إليه، ويُلاقِهِ بعملٍ صالحٍ ونفسٍ طاهرةٍ لا غبارَ عليها، وقد تساقطت ذنوبه، كي يفوز بجنّةٍ عرضُها السماواتُ والأرض… والله الموفق.