ما هي جلطات الأوردة العميقة ؟
ان مصطلح جلطات الأوردة العميقة او تجلط الدم يعني تحول الدم من صورته السائلة إلى صورة جامدة شبه صلبة ، حيث تتفاعل بعض مكونات الدم مع بعضها البعض مكونةً مادة ذات قوام أشبه بالجيلي.
تحول الدم إلى هذه الصورة يؤدي بطبيعة الحال إلى إعاقة السريان الطبيعي داخل الأوعية الدموية و انسدادها وهذا ما يطلق عليه جلطات الأوردة.
عادة ما نسمع عن جلطة بالقلب أو جلطة بالمخ أو جلطة بالشرايين، و لكلٍ من هذه الجلطات آثارها على حسب العضو الذي قطع عنه إمداد الدم ، أما موضوعنا في هذه المقالة فهو مختص بجلطات الأوردة العميقة.
الأوردة
الأوردة هي الأوعية الدموية المسئولة عن إعادة الدم من أعضاء الجسم المختلفة إلى القلب و الرئتين حتى يمكن تنقيته و تغذيته بالأكسجين.
هناك في الجسم أنواع مختلفة من الأوردة، في الساقين و الذراعين مثلاً هناك أوردة سطحية تمر تحت الجلد و أوردة أخرى عميقة تمر وسط العضلات. هذه الأوردة العميقة تصعد من الساقين لتلتقي في البطن مكونة ما يسمى بالوريد الأجوف السفلي الذي يصعد بدوره إلى القلب.
و تحدث الإصابة بجلطات الأوردة العميقة عندما يتجلط الدم في أحد هذه الأوردة وعادة ما تكون الإصابة بأوردة الساقين وتكمن خطورة هذا النوع من الجلطات في إمكانية انتقال الجلطة عبر الأوردة إلى القلب و منه إلى الرئتين عبر الشريان الرئوي و هو الأمر الذي يحبس الدم عن جزء صغير أو كبير من إحدى الرئتين أو كلاهما ، مما قد يتسبب في أضرار كثيرة قد تصل إلى الوفاة لا قدر الله.

كيف يمكن أن تحدث جلطات الأوردة ؟
أي عامل يؤدى إلى:
(1) بطء سريان الدم في الأوردة .
(2) زيادة لزوجته .
(3) يؤثر على حالة جدار الوريد قد يؤدى إلى التجلط وبالتالى جلطات الأوردة .
ومن الأمثلة التي تزيد من احتمالات الإصابة بجلطات الأوردة :
  • اجراء الجراحات وخاصة في البطن والحوض.
  • جراحات العظام وكسورها وخاصة في الفخذ والساق.
  • ملازمة الفراش بسبب أية أمراض مزمنة.
  • الجلوس لمدة طويلة مثل السفر خلال رحلة طويلة.
  • تناول أدوية تؤدى لزيادة التجلط أو الاصابة بأمراض تتسبب في قابلية عالية للتجلط.
  • فشل عضلة القلب.
  • السكتة الدماغية.
  • الأورام السرطانية.
  • أمراض وراثية نادرة تسبب قابلية عالية للتجلط.

ما هي أعراض الإصابة بجلطات الأوردة ؟
يجب مراجعة الطبيب عندما تظهر الأعراض الآتية:
  • تورم في الساق والكاحل والقدم وأحيانا الفخذ.
  • زيادة الحرارة في الساق.
  • احمرار الساق.
  • ألم في الساق.

كيف يتم تشخيص جلطات الأوردة ؟
  • سوف يسأل الطبيب عن تاريخك المرضى والاعراض الخاصة بك. سوف يسألك عن أي عمليات أجريت لك، أو أي أمراض مزمنة لديك، أو أي أعضاء في الأسرة مروا بظروف مشابهة. سوف يقوم بفحصك وخاصة المناطق غير الطبيعية مثل تورم الساق ويمكن مقارنة حجم ساقك على اليمين واليسار.
  • يتم اجراء الفحوصات للتأكد من التشخيص والأشعة الأكثر استعمالا هي الموجات فوق الصوتية على الاوردة (الدوبلكس/دوبلر). هذه الأشعة تستطيع بصورة يسيرة الكشف عن معدل سريان الدم في الوريد و تحديد مكان التجلط إن وجد. من المهم معرفة مكان التجلط لأن خطورة الموقف تعتمد بصورة كبيرة على مكان الجلطة، فالجلطات التي تحدث في الأوردة السفلية تحت الركبة لا تمثل خطورة و علاجها بسيط، بينما الجلطات التي تحدث في البطن و الحوض تستدعي إجراءات صارمة و التزام تام بالعلاج و ربما تحتاج للحجز بالمستشفى أو اجراء قسطرة لإذابة الجلطة أو تركيب فلتر بالوريد الأجوف السفلي.
  • هناك تحليل يمكن بواسطته تشخيص حدوث الجلطة و جلطات الأوردة يسمى d-Dimer و هو عبارة عن قياس لمستوى منتجات تحلل مادة ال Fibrinogen بالدم، تلك المادة التي تشكل القوام الرئيسي لجلطات الدم. ارتفاع مستوى d-Dimer قد يعني حدوث تجلط بواسطة مادة ال Fibrinogen و لكن للأسف لا يمكن الاعتماد على نتيجة هذا الاختبار وحده لتشخيص الجلطة لأن مستوى d-Dimer من الممكن أن يرتفع أيضاً في العديد من الأمراض بخلاف الجلطات، الأمر الذي يحدث المثير من البلبلة و خاصة في حالات الإصابة بفيروس كورونا.


كيف يتم علاج جلطات الأوردة العميقة ؟
-
  • يبدأ العلاج بنصح المريض بالراحة في السرير و منع الحركة مع رفع الساق قليلاً. قد يبدو غريبا أن يطلب منك الطبيب الراحة بالسرير لأن الراحة السريرية قد تؤدى الى جلطات الاوردة ، و لكن يحتاج المريض للبقاء بالسرير للحد من مخاطر انتقال الجلطة إلى القلب و الرئتين كما ذكر سابقاً. أما أهمية رفع الساق فتكمن في سرعة علاج تورم الساق و عودتها لحالتها الطبيعية.
  • تستخدم أدوية سيولة الدم (الأدوية المضادة للتخثر) لعلاج الاصابة بجلطات الاوردة العميقة وتوصف هذه الادوية بعناية و حرص شديدين لأنها يمكن ان تسبب نزيفا داخليا ، ومن امثلة هذه الادوية هيبارين و كلكسان و ماريفان و اليكويس و زارلتو و العديد من البدائل الأخرى، والعلاج يتطلب توازن بين مخاطر النزيف الداخلى من الدواء ومخاطر الجلطات. هذه الأدوية لا تستطيع إزالة الجلطة المتكونة و لكنها تهدف إلى منع المزيد من التجلط و منع انتقال الجلطة إلى القلب و الرئة.
  • كثيرا ما يبدأ العلاج بالمستشفى و يستكمل بالبيت بعد استقرار الحالة، و أصبح من السهل بدء العلاج بالمنزل في ظل توفر مجموعة متطورة من أدوية السيولة التي يمكن تناولها بأمان بالمنزل و دون الحاجة لاجراء اختبارات دم متكررة لضبط الجرعات مثل اليكويس – اكسارونت – اليمبوزيز – بيكساسباير -زارلتو- ريفاروسباير- اندوريفابان – فاكساتو .

يمتد علاج تجلط الدم لمدة 3-6اشهر وقد يصل الى اكثر من عام كامل بعد التشخيص.
اذا كنت من الاشخاص الاكثر عرضة لجلطات الدم فقد تحتاج الى علاج دائم من تجلط الدم مدى الحياة.
اهداف العلاج بأدوية السيولة هي :
  • منع المزيد من التجلط (تكون جلطات جديدة).
  • منع انتقال الجلطة إلى الرئتين.


  • بعض المرضى تكون جلطاتهم في مستوى مرتفع بالبطن و الحوض و تسبب أعراضاً شديدة، الأمر الذي يتطلب أحيانا دخول غرفة القسطرة و اجراء إذابة للجلطة باستعمال أدوية خاصة و أدوات شفط معينة لا يمكن استخدامها إلا تحت الأشعة السينية بغرفة القسطرة. يفضل أن يكون هذا العلاج في صغار السن حتى سن الأربعين نظراً لخطورته و صعوبته.
  • في بعض الأحيان يتعذر تناول أدوية السيولة لوجود موانع لاستعمالها و في هذه الحالة يتم تركيب فلتر داخل الوريد الأجوف السفلي بالبطن (عن طريق إبرة صغيرة بالفخذ) و ذلك بهدف منع تحرك أي جلطات باتجاه القلب. يتم اللجوء إلى تركيب الفلتر أيضاً اذا ثبت فشل أدوية السيولة في منع انتقال الجلطات إلى الرئتين، و قتها يكون من المناسب تركيب فلتر لإنقاذ الرئتين من المزيد من الجلطات.