أخي الكريم،أقدّر سعة نظرتك وتحليلك العميق، لكن دعني أوضح شيئًا:
حين ننظر إلى فساد المجتمع، لا يصح أن نجعله ستارًا نغطي به فساد السلطة. نعم، هناك خلل في القيم وتصدع في الضمير الجمعي، لكن لا تنسَ أن الشعوب تتشكّل وتُوجه عبر القوانين والمؤسسات والنماذج التي تفرضها الدولة.
حين يكون رأس الهرم فاسدًا، من الطبيعي أن يتسرب الخراب نزولًا إلى القاعدة.
المعلم الذي ذكرت، لم يولد فاسدًا، بل عاش في بيئة أنهكت كرامته، وأُجبر على طرق أبواب الرزق بطرق مُلتوية لأن المؤسسة التي ينتمي لها لم تصنه.
نعم، لا نبرر، لكننا نفهم الخلفية.
الفرق بين فساد الشعب وفساد الحاكم، أن الحاكم يملك سلطة القرار، بينما الفرد العادي يعيش في ظرف يفرض عليه أن يساير أو يُقصى.
ومن الظلم أن نحمل الشعب مسؤولية الخراب، ثم نطالب منه أن يغيّر وهو لا يملك أدوات التغيير.
حين يُمنح الشعب فرصة حقيقية، وقيادة نزيهة، وساحة بلا تهديد ولا تزوير، سيُثبت العراقي أنه ليس أقل وعيًا ولا شرفًا من غيره.
أما الآن، فمطالبة الناس بإسقاط حكومة وهم لا يملكون حتى خيار إصلاح أعمدة الكهرباء في حيّهم،
هو مطالبة بالعجز لا بالوعي.