على مدى العقود القليلة الماضية، ازداد معدل الإصابة بالأورام العصبية الصماوية في الجهاز الهضمي - أورام الغدد الصماء العصبية المعدية المعوية Gastrointestinal neuroendocrine tumors بشكل مُطرد حول العالم. وفقاً للبيانات من برنامج المراقبة، وعلم الأوبئة، والنتائج النهائية (SEER)، ارتفع معدل الإصابة الإجمالي بأورام عصبية صماوية بأكثر من 500٪ منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث أن مواقع الجهاز الهضمي مسئولة عن نسبة كبيرة من الحالات الجديدة.

أدى هذا الارتفاع، إلى جانب التطورات في التقنيات التشخيصية، إلى زيادة الاهتمام بخيارات العلاج المبتكرة. يسعى العديد من المرضى الآن للحصول على علاج متقدم في الخارج، حيث أصبحت ألمانيا دولة مُفضلة بسبب بنيتها التحتية المتقدمة للرعاية الصحية، ومستشفياتها المعتمدة دولياً، وخبرتها في علاج السرطانات المعقدة.

العلاجات الحديثة
، مثل العلاج بالنويدات المشعة بمستقبلات الببتيد (PRRT) باستخدام اللوتيتيوم-177 والعلاج المناعي القائم على الخلايا المتغصنة، تعمل على تغيير نتائج المرضى، حتى في المراحل المتقدمة. بفضل الكشف المبكر وخطط العلاج الشخصية، يمكن للعديد من الأفراد الذين يعانون من الأورام العصبية الصماوية في الجهاز الهضمي تحقيق هدأة كبيرة وبقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، مما يُثبت أن التعافي ممكن بالفعل.


ما هي الأورام العصبية الصماوية في الجهاز الهضمي؟

الأورام العصبية الصماوية في الجهاز الهضمي - أورام الغدد الصماء العصبية المعدية المعوية (GI NETs) هي مجموعة غير متجانسة من الأورام النادرة التي تنشأ من الخلايا العصبية الصماوية المُبعثرة في جميع أنحاء الجهاز الهضمي. تتمتع هذه الخلايا المتخصصة بخصائص عصبية وصماوية، مما يسمح لها بإنتاج وإفراز الهرمونات استجابةً لمنبهات مختلفة. يمكن أن تتطور الأورام العصبية الصماوية NETs في أعضاء مختلفة. ومع ذلك، تنشأ نسبة كبيرة منها في الجهاز الهضمي، وتُعرف باسم الأورام العصبية الصماوية في الجهاز الهضمي أو أورام الغدد الصماء العصبية المعدية المعوية.

يتم تصنيف GI NETs حسب موقعها التشريحي:

المريء –
نادرة ولكنها عدوانية عادةً
المعدة
– نوع الأورام العصبية الصماوية في المعدة (الأورام العصبية الصماوية المعدية Gastric NETs) والتي يتم تصنيفها وفقاً لعلم الأنسجة والسلوكيات السريرية
الأمعاء الدقيقة
– بما في ذلك الصائم واللفائفي، موقع شائع للأورام العصبية الصماوية في المعى المتوسط midgut NETs
الزائدة الدودية
– صغيرة وبطيئة النمو بشكلٍ عام، وغالباً ما يتم اكتشافها بالصدفة
القولون –
تميل إلى أن تكون أكبر وأكثر عدوانية عند التشخيص
المستقيم –
غالباً ما يتم اكتشافها مبكراً بسبب الفحص الروتيني عن طريق تنظير القولون
البنكرياس
– يُشار إليها باسم الأورام العصبية الصماوية في البنكرياس (PanNETs)، ويمكن أن تكون إما وظيفية (مُنتجة للهرمونات) أو غير وظيفية
يرتبط تطور GI NETs بالعديد من عوامل الخطر. تُزيد المتلازمات الوراثية من خطر الإصابة بشكلٍ كبير، مثل الأورام الصماوية المتعددة من النوع الأول (MEN1)، وداء فون هيبل - لينداو Von Hippel-Lindau disease، والورم العصبي الليفي من النوع الأول. تشمل العوامل الأخرى المساهمة في ذلك العمر (تحدث معظم الحالات بين سن من 50 إلى 70 عاماً)، والتدخين، والحالات الالتهابية المزمنة في الجهاز الهضمي.

تنقسم الأورام العصبية الصماوية NETs بشكلٍ عام إلى أنواع وظيفية وغير وظيفية. تعمل NETs الوظيفية على إفراز هرمونات نشطة مثل السيروتونين، مما يؤدي إلى أعراضٍ مثل الاحمرار والإسهال (المتلازمة السرطاوية). بالمقابل، لا تُنتج NETs غير الوظيفية هرمونات نشطة، وغالباً ما يتم اكتشافها لاحقاً عندما تكبر بما يكفي لتُسبب أعراضاً ميكانيكية. يساعد هذا التصنيف وفهم بيولوجيا الورم في تطوير استراتيجيات علاج شخصية تهدف إلى تحسين النتائج للمرضى الذين يعانون من أورام عصبية صماوية في الجهاز الهضمي والبنكرياس.

أعراض وتشخيص الأورام العصبية الصماوية في الجهاز الهضمي

غالباً ما يُشار إلى GI NETs باسم "الأورام الصامتة" لأنها تميل إلى النمو ببطء وتظل بدون أعراض حتى تصل إلى مرحلة متقدمة. عند حدوث أعراض، فإنها تعتمد بشكلٍ كبير على ما إذا كان الورم وظيفياً أم غير وظيفياً، وموقعه التشريحي.

تشمل المظاهر السريرية الشائعة
الاحمرار، والإسهال، وآلام البطن. تشمل الأعراض الأقل شيوعاً صفير الصدر وآفات صمام القلب، وهي خاصية مميزة لـ المتلازمة السرطاوية الناتجة عن إفراز الهرمونات. المرضى الذين يعانون من أورام كبيرة قد يشهدون انسداداً، أو نزيفاً، أو فقداناً للوزن.

يتطلب تشخيص الأورام العصبية الصماوية في الجهاز الهضمي مزيجاً من الأساليب الكيميائية الحيوية، والتنظير الداخلي، والتصوير.

اختبارات الدم والبول: العلامات، مثل الكروموجرانين A (CgA) وحمض هيدروكسي-5 إندول الأسيتيك (5-HIAA) يمكن أن تقترح وجود NETs.
التنظير الداخلي وتنظير القولون: يُعد التصور المباشر والخزعة أمراً حاسماً، خاصةً للأورام في المعدة، والقولون، والزائدة الدودية، والمستقيم.
التصوير: تساعد تقنيات التصوير المقطعي في تقييم مدى انتشار المرض، مثل التصوير المقطعي المحوسب CT والتصوير بالرنين المغناطيسي MRI. إن التصوير الأكثر تقدماً مثل PET/CT مع نظائر السوماتوستاتين (على سبيل المثال، Ga-68 DOTATATE) يسمح بحساسية عالية في اكتشاف حتى الآفات الصغيرة (على سبيل المثال، في البنكرياس).
الخزعة: التأكيد النسيجي أمراً أساسياً، مع الكيمياء النسيجية المناعية لعلامات مثل السينابتوفيزين والكروموجرانين A.
يُعزز التشخيص المبكر والدقيق خيارات العلاج بشكلٍ كبير ويُحسّن النتائج للمرضى الذين يعانون من الأورام العصبية الصماوية المعدية Gastric NETs وغيرها من الأورام العصبية الصماوية في الجهاز الهضمي. ومع ذلك، فمن المهم ملاحظة أن استراتيجيات العلاج غالباً ما تعتمد على تصنيف الأورام العصبية الصماوية حسب الدرجة والتمايز.

خيارات العلاج القياسية في أوروبا

الجراحة
هي الطريقة الأساسية لعلاج الأورام العصبية الصماوية الموضعية. عند الكشف المبكر، يوفر الاستئصال الجراحي الكامل أفضل فرصة للبقاء على قيد الحياة على المدى الطويل والشفاء المحتمل. يعتمد نوع الجراحة على موقع الورم. على سبيل المثال، قد تتطلب الأورام العصبية الصماوية في المعدة استئصال المعدة جزئياً أو كلياً، بينما غالباً ما تتطلب الأورام في الأمعاء الدقيقة أو القولون استئصالاً قطعياً. كما تساعد الجراحة في إدارة أعراض NETs الوظيفية عن طريق تقليل إنتاج الهرمون وتقليل عبء الورم.

العلاج الكيميائي
يقتصر بشكلٍ عام على المرضى المصابين بأورام سرطانية عصبية صماوية عالية الدرجة وسيئة التمايز. تُعتبر هذه الأورام أكثر عدوانية وتميل إلى الاستجابة بشكلٍ أفضل للعوامل السامة للخلايا. على الرغم من أن العلاج الكيميائي أقل فعالية في حالات NETs جيدة التمايز، إلا أنه يُعد خياراً أساسياً عند الحاجة إلى السيطرة السريعة على المرض، وخاصةً في الحالات النقيلية.

الأدوية

مثل نظائر السوماتوستاتين (SSAs) تُستخدم على نطاق واسع للسيطرة على الأعراض المرتبطة بالهرمون وإبطاء تقدُم الورم. ترتبط SSAs بمستقبلات السوماتوستاتين المُعبر عنها على خلايا الورم، مما يُقلل من إفراز الهرمون ويمنع نمو الورم. إنها فعالة في المرضى الذين يعانون من أورام عصبية صماوية في المعدة والمعى المتوسط، حيث توفر تخفيف الأعراض وتحسين البقاء على قيد الحياة الخالي من التقدم مع الحد الأدنى من الآثار الجانبية.